بلومبرغ
تضررت الشركات البريطانية بالفعل من ارتفاع أسعار الطاقة وتفاقم معدلات التضخم. والآن، يزيد ارتفاع تكاليف الاقتراض من حدّة الألم الذي يشهده اقتصاد بريطانيا مع زيادة مخاطر الركود.
أشار نحو نصف الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى أن مستوى تسعير القروض وتوافرها كان "سيئاً" خلال الأشهر الثلاثة الماضية حتى سبتمبر، وفقاً لاستطلاع للرأي أجراه اتحاد الشركات الصغيرة في البلاد. كان ذلك أدنى مستوى تبلغه في سبع سنوات بينما تُحذر إحدى الشركات من ارتفاع تكلفة الائتمان بأكثر من الضعف في ما يزيد قليلاً عن 12 شهراً.
يُعد هذا الاستطلاع أحدث علامة على التوقعات القاتمة للاقتصاد البريطاني، ما يُشكل مصدراً كبيراً للقلق لرئيس الوزراء الجديد ريشي سوناك بينما يسعى جاهداً لتحقيق الاستقرار في المالية العامة للبلاد بعد أن أدت الميزانية المصغرة لشهر سبتمبر إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض. علاوة على أن ارتفاع تكاليف المعيشة بأسرع وتيرة في أربعة عقود من حدّة الألم، كما انخفضت معنويات المستهلكين مقتربة من أدنى مستوى قياسي لها.
قالت ميشيل أوفنز، مؤسسة منظمة "سمول بيزنيس بريتن" (Small Business Britain)، التي تهتم بشؤون الشركات البريطانية الصغيرة: "نلاحظ أن الكثير من الشركات الصغيرة تسعى جاهدةً للاستمرار في ظلّ الظروف الراهنة". وأضافت: "يؤدي الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة إلى زيادة في التكاليف التي تشهدها الشركات الصغيرة من جميع النواحي، خاصة حول الشريان التجاري الحيوي للتدفق النقدي".
تتوقع عقود المقايضة المرتبطة بمواعيد اجتماعات البنك المركزي أن يبلغ سعر الفائدة الرئيسي لبنك إنجلترا ذروته عند أقل بقليل من 5% في عام 2023 حتى مع انحسار اضطرابات السوق الأخيرة. ورغم أن هذا المستوى أقلّ مما كان عليه في الأسابيع الأخيرة، فإن هذا المؤشر سجل 0.1% فقط في العام الماضي.
خسارة المال
من شأن أي ارتفاع في حالات الإعسار التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة أن تؤثر بشكل غير مباشر على العمالة لأن حوالي 60% من العاملين في القطاع الخاص في البلاد يعملون في هذه الشركات.
يُعد قطاع العناية بالشعر والتجميل أحد المجالات التي تشهد بالفعل عواقب ارتفاع التكاليف، حيث حققت 35% فقط من شركاته أرباحاً في سبتمبر مقارنةً بنسبة 44% منها في يوليو، وفقاً لمسح أجراه اتحاد هذا القطاع.
أصحاب المطاعم والفنادق أيضاً يعانون. وعلّق كنغدوم ثينغا، صاحب عدد كبير من شركات الضيافة في منطقة تشيستر في شمال إنجلترا، خططاً للحصول على قرض عقاري لشراء الحانة التي يستأجرها حالياً.
قال ثينغا إنّه أرجأ مشروعه باستثمار شرفة مطعم وسقف قابل للسحب لتعزيز النشاط في مكان آخر إلى ما بعد عيد الميلاد على أقرب تقدير، لأن طلب المستهلكين انخفض بشكلٍ حاد. وأضاف أن تكاليف الاقتراض زادت بأكثر من الضعف خلال الأشهر الـ12 إلى الـ18 الماضية.
الدخل القابل للإنفاق
"شكلت الميزانية المصغرة كارثة مطلقة للشركات الصغيرة"، وفقاً لثينغا الذي قال: "إن الدخل القابل للإنفاق في أيدي الناس قد دُمِرَ إلى حدٍّ كبير في ساعة واحدة، لأن أقساط الرهن العقاري ارتفعت بمقدار 300 جنيه إسترليني (346 دولاراً) أو 400 جنيه إسترليني، وهي الأموال التي كانوا سينفقونها في أماكن الضيافة والتسوق والخروج في أيام العطلات".
شعرت الشركات الصغيرة بالفعل بالضيق، لأن العديد منها حصل على قروض طارئة متغيرة الفائدة خلال فترة تفشي الوباء، وفقاً لمارتين مكتاغ، رئيس اتحاد الشركات الصغيرة في البلاد.
انهيار الثقة
"انهارت ثقة الشركات وسط تزايد قلقها بشأن التوقعات الاقتصادية"، حسبما كتب كريس ويليامسون، كبير اقتصاديي الأعمال في وكالة "إس أند بي غلوبال ماركت إنتلجنس" (S&P Global Market Intelligence)، في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع. حيث أشارت شركة التحليلات المالية إلى تراجع الإنتاج بوتيرةٍ أسرع من أي وقت مضى منذ الأزمة المالية لعام 2009 إذا تم استبعاد فترة الوباء.
من جهتها، قالت آنا أندرادي من "بلومبرغ إيكونوميكس" إن قراءة مؤشر مديري المشتريات "أظهرت أن الشركات بدأت للتو في الإحالة إلى ارتفاع أسعار الفائدة كسبب لتوقعات أكثر تشاؤماً". وأضافت:"مع زيادة أسعار الفائدة بشكلٍ أكبر وامتداد تأثيرها في أرجاء الاقتصاد على نطاق أوسع، فإنها ستبدأ في التأثير على ثقة الشركات بشكل أكثر وضوحاً".
وأشارت إلى أن تراجع معدلات استثمار الشركات هو أحد الإشارات التي تُنذر بانكماش الاقتصاد البريطاني في الربع الرابع.
"الشركات الصغيرة تتوتر عادة وتشعر بالقلق من الاقتراض، وهذا الارتفاع في أسعار الفائدة لن يؤدي إلا إلى تفاقم حدة تلك المخاوف"، وفقاً لما قالته أوفنز في مؤسسة "سمول بيزنيس بريتن"، وأضافت أن: "التأثير غير المباشر يتمثل في وقف استثمارات كثيرة تهدف إلى تحقيق النمو".