الشرق
"سعر صرف الجنيه ليس هدفاً، وكذلك سعر الفائدة أو الاحتياطي، بل كلها وسائل لنحافظ بها على استقرار الأسعار. وإدارة المركزي المصري بدأت تتعامل مع سعر الصرف بطريقة أكثر ثباتاً، عبر القيام بتعديلات عليه لكن دون إحداث صدمات أو مفاجآت للسوق"، بحسب هشام عز العرب، الخبير المصرفي ومستشار محافظ البنك المركزي، في مقابلة مع "الشرق".
بلغت العملة المصرية أدنى مستوياتها على الإطلاق، إذ تسجل حالياً 19.71 جنيه مقابل الدولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الأحد، وسط زيادة كبيرة في الطلب على العملة الأجنبية ونقص بالمعروض. وارتفع الدولار الأميركي بأكثر من 25% منذ مارس الماضي مقابل الجنيه.
عز العرب أضاف لـ"الشرق"، خلال مقابلة على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي المنعقدة في واشنطن، أن البنك المركزي، من وجهة نظره الشخصية، كان ينظر في الفترة السابقة لسعر الصرف على أنه "هدف.. وهو ما كان يؤدي لفقدان التركيز على أهداف أخرى".
سعر الفائدة والتضخم
يرى عز العرب أن البنوك المركزية في العالم تعيش معضلةً، ناتجةً عن التساؤل عمّا إذا كانت سياسة سعر الفائدة هي الأفضل لمواجهة التضخم؟. لافتاً إلى أن جزءاً كبيراً من الضغوط التضخمية في مصر ناجم عن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء والحرب الأوكرانية، "فالتضخم لدينا ليس بسبب طلب زائد في السوق بل نتيجة نقص في المعروض من السلع، بموازاة تضعف المعروض النقدي الأجنبي".
يشهد اقتصاد مصر يشهد منذ بداية العام جملة تحديات، وهي ممتدة من تداعيات جائحة كورونا، وفاقمتها الأزمة الروسية الأوكرانية، وتتجلى بقفزة التضخم لمستويات قياسية، وتراجع احتياطي النقد الأجنبي، وتخارج معظم أموال الصناديق الدولية من سوق الأوراق المالية المحلية، وهو ما رفع منسوب الحاجة للعملة الأجنبية.
رفع المركزي المصري سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس هذا العام، وكانت التوقعات تُشير إلى أنه سيرفعها مجدداً في اجتماع لجنة السياسة النقدية الأخير. لكن عز العرب يُنوّه بأن سبب عدم القيام بهذه الخطوة، يعود لكون "تأثير سعر الفائدة على تحركات الأسعار في مصر يستوجب شهوراً عدّة، فتأثير سعر الفائدة على اقتصاد البلد يختلف من دولة لأخرى". موضحاً أن البنك المركزي "يمتلك العديد من الوسائل، بخلاف سعر الفائدة، كما حدث من قبل عبر رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي".
الاحتياطي الإلزامي، إلى جانب دوره الرئيسي في استقرار النشاط المصرفي والحفاظ على ودائع العملاء، هو إحدى الأدوات التي تلجأ البنوك المركزية استثنائياً إليها للتحكم في السيولة بالسوق دون الحاجة لرفع أسعار الفائدة.
عز العرب، أكد خلال المقابلة مع "الشرق" على أن مصر جزء من العالم تتأثر به وتؤثر فيه، متمنياً "كما تشير التوقعات أن يبدأ التضخم في الانخفاض خلال النصف الثاني من العام المقبل".
أدوات الدين
كانت مصر إحدى الأسواق الناشئة التي عانت من هروب المستثمرين الأجانب من أدوات الدين الحكومية فور اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية في نقص العملة الصعبة في أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان.
حول ذلك أكّد عز العرب، على أهمية استثمارات الأجانب في أدوات الدين، لاسيما لناحية "خلق المنافسة في السوق المحلية بين البنوك المشتري الأول لأدوات الدين وبين الصناديق الأجنبية، بما يساعد وزارة المالية للوصول إلى سعر عادل لتكلفة الاقتراض. أما استخدام العائد من استثمارات الأجانب في أدوات الدين لتمويل العملة الأجنبية بالتجارة الخارجية، فكان عليه بعض علامات الاستفهام؟".
بلغت استثمارات الأجانب بأدوات الدين المصرية 34.1 مليار دولار في سبتمبر الماضي، ثم انخفضت إلى 28.8 مليار دولار في ديسمبر الماضي، وفقاً لأحدث أرقام رسمية متاحة، قبل أن يخرج منها أكثر من 20 مليار دولار في الربع الأول من هذا العام.