الشرق
تترقّب مصر استقبال استثماراتٍ قطرية موعودة، تُقدّر بـ5 مليارات دولار، بعدما ضخّت الصناديق السعودية والإماراتية بالفعل مليارات الدولارات في شرايين الاقتصاد المصري، الذي يعاني من شح في العملة الصعبة، تفاقم مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في مارس الماضي.
يعود تأخر قطر في الاستثمار المباشر بالسوق المصرية إلى رغبة جهاز قطر للاستثمار، الصندوق السيادي للدولة الخليجية الغنية بالغاز المسال، في الاستحواذ على حصص أغلبية في عدد من الشركات المصرية، وهو ما يرفضه الصندوق السيادي المصري. بالإضافة إلى مطالبة الجانب القطري بتحصين استثماراته من النزاعات التي قد تنشأ نتيجة الاستحواذ. فضلاً عن انتظار وصول الجنيه المصري لسعر عادل مقابل الدولار، كما كشفت مصادر مالية وقانونية لـ"الشرق".
اتفقت قطر مع الحكومة المصرية في مارس الماضي على استثمارات وشراكات بقيمة إجمالية تصل إلى 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة. وفيما لم يكشف الجانبان حينها عن المجالات التي ستضخ بها تلك الاستثمارات أو موعد إبرام الصفقات، فإن وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد قالت لوكالة بلومبرغ إن الصندوق القطري سيستحوذ على أصول.
لم يرد "الصندوق السيادي المصري" على طلبات من "الشرق" للتعليق. كما لم نتمكن من الحصول على تعليق من جهاز قطر للاستثمار رغم محاولات الاتصالات المتكررة.
قطر تتفق على استثمار 5 مليارات دولار في مصر
بلغت قيمة الاستثمارات القطرية في مصر 2.7 مليار دولار في 10 سنوات، بينما بلغت نحو 121 مليون دولار في الربع الأول من هذا العام. ويبقى التبادل التجاري بين البلدين هزيلاً رغم ارتفاعه إلى 44.8 مليون دولار خلال 2021 من 25.4 مليون دولار قبل عام، بحسب أحدث بيانات متاحة من قِبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. فيما زادت قيمة تحويلات المصريين العاملين في قطر 15% خلال 2020-2021 إلى 1.5 مليار دولار.
اختلاف الرؤى
مصدر ذو صلة وثيقة بالملف القطري-المصري، أفصح لـ"الشرق" أن السبب الرئيسي وراء تأخر قطر في ضخ استثمارات جديدة في الشركات المصرية، على غرار ما تمّ من قِبل السعودية والإمارات، يعود إلى "اختلاف الرؤى الاستثمارية بين البلدين بشأن الحصص المستهدفة بالشركات، فجهاز قطر للاستثمار يخطط لاقتناص حصص أغلبية في الشركات المستهدفة بعمليات الاستحواذ، فيما ترغب مصر بأن يقتصر الأمر على حصص أقلية".
فيما يخص السعي للاستحواذ على حصة في شركة الاتصالات "فودافون مصر"، أفاد مصدران مطلعان على المفاوضات لـ"الشرق" أن المناقشات "مازالت جارية" بين جهاز قطر للاستثمار والصندوق السيادي المصري حول الحصة المستهدفة بالشركة، خاصة مع استعداد فودافون العالمية للتخلي عن جزء من حصتها.
صفحة جديدة
تمثل الاستثمارات الموعودة من الإمارة الخليجية أول دعم اقتصادي من قطر إلى الحكومة المصرية منذ إنهاء الخلافات وعودة العلاقات الرسمية في يناير 2021. وتبادل الأمير القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الزيارات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مرتين في وقت سابق من هذا العام.
أعلنت الرئاسة المصرية، في سبتمبر الماضي، أن مصر وقطر وقعتا 3 مذكرات تفاهم، من بينها مذكرة بين صندوقي الثروة السياديين في البلدين، خلال زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الدوحة، دون أن تخوض في أي تفاصيل أكثر بشأن المذكرات.
يرى الخبير الاقتصادي هاني جنينة أن تأخر مصر في الوصول لاتفاق على قرض جديد مع صندوق النقد الدولي من ضمن عوامل تمهُّل الاستثمارات القطرية بدخول السوق. ويجري البلد الأكبر في العالم العربي من حيث عدد السكان محادثات مع الصندوق منذ مارس الماضي بهذا الشأن، وهذه هي المرّة الأولى التي تطول فيها المفاوضات لهذا الحدّ دون الإعلان عن التوصل لاتفاق نهائي.
بدوره، يَعتبر إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال، أن "الترجيحات القوية بخفض العملة المحلية مقابل الدولار من ضمن أسباب تأخر الاستثمارات القطرية المعلنة في الشركات المصرية.. فلماذا تشتري اليوم طالما أن هناك احتمالاً بأن تشتري بسعر أرخص غداً؟"
سجل متوسط سعر العملة المصرية أدنى مستوياته على الإطلاق ليصل إلى 19.69 جنيه مقابل الدولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري اليوم الثلاثاء ، وسط زيادة الطلب على العملة الصعبة، وتأخر الحكومة في إبرام اتفاقية تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولي.
مزيد من الوقت
اشترت الصناديق السيادية في كل من السعودية والإمارات، خلال الشهور القليلة الماضية، حصصاً في بعض أفضل وأكثر الشركات المصرية تحقيقاً للأرباح من الشركات المقيّدة في سوق المال، بأسعار يعتبرها البعض بخسة وسط معاناة أسواق المال في الدول الناشئة ومن ضمنها مصر.
الصندوق السيادي السعودي يستحوذ على حصص في 4 شركات مصرية بـ1.3 مليار دولار
مصدر قانوني مطلع على ملف استثمارات جهاز قطر للاستثمار في مصر أوضح لـ"الشرق" أنه لا يوجد "أي تأخر في تنفيذ الصفقات، فهذه النوعية من الاستحواذات تحتاج لمزيد من الوقت للتفاوض والاتفاق على أمور تنفيذية ومالية وقانونية، وقبل الانتهاء من هذا العام سيتم الإعلان عن إحدى صفقات الاستحواذ".
في حين تقول أية زهير، نائب رئيس قسم البحوث في "زيلا كابيتال": "يبدو أن قطر لديها رغبة في انتظار وصول الجنيه لسعر عادل مقابل الدولار".