بلومبرغ
تراجعت الأسهم الأميركية بعدما قطعت أطول سلسلة ارتفاع أسبوعي منذ نوفمبر الماضي، مع عودة النشاط إلى قوى البيع على المكشوف، وتحوّل المستثمرين إلى الحذر، بعد الحماسة التي أظهرها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة. وفي الوقت ذاته، ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأميركية، فيما ارتفع الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية، متوّجاً أفضل أسبوع له منذ أبريل 2020.
سجل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" أكبر انخفاض يومي له منذ يونيو، وأول تراجع أسبوعي في خمسة أسابيع، فيما انخفض مؤشر "ناسداك 100" الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا بنسبة 2%، فقد كانت الأسهم المرتبطة بالنمو من بين الأكثر تضرراً في تداولات يوم الجمعة.
في غضون ذلك، زادت مخاوف المستثمرين في "وول ستريت"، حيث قفز مؤشر التقلب (Cboe Volatility Index) الذي يقيس توقُّعات السوق للتقلبات خلال الثلاثين يوماً المقبلة بأعلى وتيرة له في أكثر من أسبوعين، ليتجاوز مجدداً عتبة 20 نقطة.
مع انتهاء صلاحية خيارات بقيمة 2 تريليون دولار؛ بات على المستثمرين إما تجديد مراكزهم الحالية، أو وضع أوامر جديدة؛ وهو الأمر الذي مهَّد لجلسة متقلبة يوم الجمعة، إذ يبدو أنَّ فشل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في اختراق مستوى 4,200 نقطة ربما يفتح الباب أمام تصفية المراكز. وفي ظل هذا الاتجاه الهابط؛ تراجعت سلّة الأسهم الأكثر بيعاً على المكشوف بنحو 6%، مواصلةً بذلك خسارتها الأسبوعية التي وصلت إلى 12%، فضلاً عن منح البائعين على المكشوف أفضل أسبوع لهم منذ شهر مارس من عام 2020.
ضربة للمستثمرين الأفراد
في ضربة للمستثمرين الأفراد، هبط سهم شركة "بد باث آند بيوند" (Bed Bath & Beyond) يوم الجمعة - وهو من أسهم "الميم" التي حلّقت مؤخراً - بأكثر من 40% بعد أن باع الملياردير ريان كوهين، كامل حصّته في شركة التجزئة الأميركية. أما الأسهم المرتبطة بالعملات المشفَّرة؛ فقد تراجعت بدورها بعدما حذت حذو "بتكوين". فقد انخفضت أسهم "كوين بيس غلوبال" (Coinbase Global) و"ماراثون ديجيتال هولدينغز" (Marathon Digital Holdings) و"رايوت بلوكتشين" (Riot Blockchain) بأكثر من 10% لكل منها، في وقت انخفضت به "بتكوين" من جديد إلى ما دون مستوى 21,500 دولار للعملة الواحدة.
في المقابل، كان سهم شركة "اوكسدنتال بتروليوم" (Occidental Petroleum) إحدى النقاط المضيئة في السوق، فقد سجل أكبر ارتفاع له منذ مارس الماضي، على خلفية الأخبار التي أشارت إلى أنَّ شركة "وارن بافيت" "بيركشاير هاثاواي" (Berkshire Hathaway) حصلت على موافقة الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة لشراء ما يصل إلى 50% من شركة النفط.
في ظل هذه الخلفية من المخاوف والتقلّبات التي طغت على السوق؛ ارتفع الدولار ليسجل أفضل أسبوع له منذ أبريل 2020، في وقت انخفضت به سندات الخزانة، إذ قفز عائد سندات الخزانة لأجل عامين، والتي تعتبر الأكثر حساسية تجاه تغييرات السياسة النقدية، بواقع 5 نقاط أساس.
تعليقات مسؤولي الاحتياطي
إلى ذلك، جدَّد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قبل ندوة "جاكسون هول" المنتظرة الأسبوع المقبل التأكيد على عزمهم على رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم المرتفع، فقد أصرَّ اثنان من الأعضاء الذين يصوّتون في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة -وهما جيمس بولارد من سانت لويس، وإستر جورج من كانساس سيتي- في تعليقات لهما يوم الخميس، على وجود حاجة لرفع أسعار الفائدة، على الرغم من اختلاف وجهة نظرهما بشأن حجم الخطوة التي يجب اتخاذها في اجتماع سبتمبر المقبل. كذلك، كرّر توماس باركين من ريتشموند الحديث عن هذا التوجه، مشيراً إلى مخاطر قد تتسبّب بها هذه الجهود في حدوث ركود اقتصادي.
انضمَّ مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الآخرون إلى أصحاب المواقف المتشددة، وذلك في إطار التحضير للندوة السنوية في "جاكسون هول"، والتي تعقد خلال الفترة من 25 إلى 27 أغسطس الجاري، فقد عارضت ماري دالي، من سان فرانسيسكو، الرهانات على خفض أسعار الفائدة قبل نهاية عام 2023، فيما قال نيل كاشكاري من مينيابوليس: "لدينا مشكلة تضخم في الوقت الحالي"، وبالتالي؛ يتعيَّن على البنك المركزي العمل على خفضه "بشكل عاجل".
قال خوسيه توريس، كبير الاقتصاديين في "إنتراكتيف بروكرز" (Interactive Brokers)، في مقابلة: "الاعتراض على إجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي، لا يعتبر سياسة جيدة في هذه المرحلة.. إن لم تعترض على إجراءات البنك أثناء تنفيذه عملية التيسير الكمي وزيادة أسعار الأصول، فلماذا تعترض الآن عندما يعكس إجراءاته". وأضاف: "تماماً كما حصلنا على ارتفاع حاد لسوق هابطة خلال الصيف، يمكن أن تتفاقم هذه التحركات بطريقة أخرى، خاصة مع تشديد ظروف السيولة".
من جهته، قال ليو غروهوسكي، رئيس قسم المعلومات في "بي إن واي ويلث مانجمنت" (BNY Wealth Management)، عبر الهاتف: "نعتقد أنَّه من المرجّح أن يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي علامة تعجب على أي فكرة سابقة لأوانها تفيد بأنَّ التيسير هو من بين أوراق اللعب التي يملكها بين يديه. ونعتقد بأنَّه قد يفعل ذلك عبر تعليقات أكثر تشدّداً". وأضاف: "كان هناك تغيير كبير في المعنويات، وربما يكون هناك قدر كبير من الرضا عن النفس على المدى القصير".
تراجع بعد مكاسب كبيرة
مع انتهاء جلسة الجمعة، تكون الأسهم الأميركية قد سجلت أول تراجع أسبوعي لها في خمسة أسابيع، بعد سلسلة من المكاسب تعتبر الأطول منذ نوفمبر الماضي، فقد جاءت خسائر هذا الأسبوع بعد ارتفاع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 15% من أدنى مستوياته في منتصف يونيو، مدعوماً بتكهنات بأنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقلّص من حدّة إجراءاته لرفع أسعار الفائدة. غير أنَّ هذا الزخم الذي ساهم في صعود السوق، بدأ يُظهر بعض العلامات على التلاشي، مع قيام صناديق التحوط بخفض مشترياتها من الأسهم.
فيما يلي، بعض التحركات الرئيسية في السوق:
الأسهم
انخفض مؤشر "ستاندر آند بورز 500" بنسبة 1.3% عند الإغلاق.
تراجع مؤشر "ناسداك المركب" بنسبة 2%.
تراجع مؤشر "داو جونز الصناعي" بنسبة 0.9%.
انخفض مؤشر "إم إس سي آي العالمي" بنسبة 1.3%.
العملات
ارتفع مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري بنسبة 0.5%.
هبط اليورو بنسبة 0.5% إلى 1.0041 دولار.
انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.8% إلى 1.1832 دولار.
انخفض الين الياباني بنسبة 0.7% إلى 136.78 ين للدولار.
السندات
ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بواقع 10 نقاط أساس إلى 2.98%.
ارتفع عائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات 13 نقطة أساس إلى 1.23%.
ارتفع العائد على السندات البريطانية لأجل 10 سنوات 10 نقاط أساس إلى 2.41%.
السلع
انخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط 0.4% إلى 90.13 دولار للبرميل.
انخفضت العقود الآجلة للذهب 0.6% إلى 1,761 دولار للأونصة.