هل تخفض مصر قيمة الجنيه؟

البنك المركزي أمام مقايضة عسيرة بين الأموال الساخنة والتضخم

time reading iconدقائق القراءة - 7
عميل يمسك عملات معدنية مصرية في سوق المنهل بحي مدينة نصر بالقاهرة ، مصر. - المصدر: بلومبرغ
عميل يمسك عملات معدنية مصرية في سوق المنهل بحي مدينة نصر بالقاهرة ، مصر. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أصبحت مصر وجهة رئيسية للأموال الساخنة من خلال زيادة جاذبية عملتها وتحقيق أعلى معدلات الفائدة في العالم عند تعديلها وفقاً للتضخم.

لكن بعد خمسة أشهر من خفض مصر لقيمة الجنيه، يقول المستثمرون إن البنك المركزي سيحتاج إلى تركه يضعف أكثر قبل أن يعودوا من جديد، بعد سحب نحو 20 مليار دولار من سوق الدين المحلية منذ بداية هذا العام. من جهته، نفى البنك المركزي أن يكون هناك احتمال لموجة ثانية من التخفيض.

وفي تطور مفاجئ اليوم الأربعاء، قدّم محافظ البنك المركزي طارق عامر استقالته بعد قرابة سبع سنوات قضاها في المنصب، وقبل يوم واحد فقط من اجتماع لجنة السياسة النقدية لمراجعة سعر الفائدة. على الرغم من تزايد الضغط في الأيام الأخيرة، إلا أن السلطة النقدية نفت حتى الآن إمكانية حدوث موجة ثانية من التخفيض في قيمة العملة.

قال إدوين غوتيريز، رئيس الديون السيادية للأسواق الناشئة في "أبردن" في لندن: "إنهم بحاجة إلى قبول المزيد من ضعف العملة.. لا أحد يريد الاستثمار في سوق بدون تعديلات كاملة للعملة".

الجنيه المصري قد يهبط إلى 20.5 للدولار قبل نهاية 2022

تعكس وجهات النظر المتنازعة لحظة حاسمة تجاه المخاطر بالنسبة لمصر.

وبسبب تقلب تدفقات رأس المال العالمية، بحثت الحكومة بدلاً من ذلك عن الاستثمارات والودائع من الدول الخليجية الحليفة الغنية، في الوقت الذي تشكك فيه في الاعتماد على تجارة المناقلة التي كانت تدرّ أرباحاً.

سعر صرف "أكثر مرونة"

ومع ذلك، تحتاج مصر إلى استعادة ثقة المستثمرين مرة أخرى بعد أن ضغطت صدمات الطاقة والغذاء جراء الغزو الروسي لأوكرانيا على مواردها المالية. مع إغلاق أسواق رأس المال الخارجية، تسعى الحكومة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، الذي يفضّل سعر صرف أكثر مرونة.

دفعت ضغوط الأسعار بالفعل معدلات العائد الحقيقية للبلاد إلى ما دون الصفر. فقدت السندات المحلية نحو 2% هذا الشهر، مما يجعلها الأسوأ أداءً في الأسواق الناشئة بعد ديون الأرجنتين، وفقاً لمؤشرات بلومبرغ.

اجتماع لجنة السياسة النقدية

من المقرر أن يجتمع البنك المركزي في غضون يومين، فقد يكون هذا هو الوقت المناسب للعمل. يتوقع معظم الاقتصاديين الذين استطلعت آراءهم بلومبرغ أن يتم رفع سعر الفائدة للمرة الثالثة هذا العام يوم الخميس.

كتب جيرجيلي أورموسي، استراتيجي الأسواق الناشئة في "سوسيتيه جنرال"، في مذكرة أن التسعير في سوق المشتقات "يعني أن المستثمرين يستعدون لتخفيض حاد في قيمة العملة" في اجتماع هذا الأسبوع.

رسالة المركزي

حتى الآن، يوجه البنك المركزي رسالة تهدئة. حيث نفى نائب المحافظ جمال نجم أي خطط لتخفيض العملة، وقال إن مصر تتمتع باحتياطيات قوية من النقد الأجنبي في حين أن قرارات تنظيم الواردات ساعدت في التغلب على فجوة الدولار في البلاد، حسبما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية.

وفي إشارة على عودة الإقبال على الأصول المحلية، ارتفعت حيازات الأجانب من أذون الخزانة المصرية في يونيو للمرة الأولى منذ فبراير على الأقل، وفقاً لأحدث بيانات رسمية.

وفقاً للمستثمرين والمحللين، إليك ما هو على المحك في مصر:

ما الذي أثار التوقعات بخفض قيمة الجنيه؟

قالت مصر في مارس إنها ستلجأ إلى صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدة جديدة. ساعدت التكهنات بأن المُقرض سيطالب بمزيد من المرونة في الجنيه كجزء من الشروط المرتبطة بحزمة جديدة على دفع العملة نحو مستوى قياسي منخفض.

الجنيه المصري يواصل الهبوط وسط إشارات إلى اتفاق محتمل مع صندوق النقد

قال مدير الأموال في "فيدلتي إنترناشيونال"ومقره لندن، بول غرير، والذي يتوقع تراجع العملة المصرية والديون المحلية: "تشير الرسالة الأخيرة من صندوق النقد الدولي إلى عدم رضاء واضح من افتقار الجنيه المصري للمرونة قبل أي برنامج قروض جديد محتمل.. ولهذه الغاية، نتوقع أن تستكمل مصر خفض قيمة العملة".

ما مقدار الخفض الذي يحتاجه الجنيه؟

يختلف المستثمرون والمحللون. تحتاج العملة إلى الانخفاض بنحو 23% لمساعدة الاقتصاد على التكيّف وتقليص فجوة التمويل في مصر، وفقاً لـ"بلومبرغ إيكونوميكس".

يجادل "دويتشه بنك" و"غولدمان ساكس جروب"، بأن العملة مُقيمة بأعلى من قيمتها بنحو 10%، بناءً على سعر الصرف الفعلي الحقيقي. بينما كانت تقديرات "سيتي غروب" أقل عند 5%.

اقرأ المزيد: ما السعر الحقيقي للجنيه المصري؟

على الرغم من انخفاض قيمة العملة بأكثر من 15% في مارس، إلا أن ارتفاع الدولار الأميركي منذ ذلك الحين أثّر على عملات شركاء مصر التجاريين وغيرهم من أقرانهم من البلدان النامية، خاصة مع رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة.

بدلاً من توقع وصول الجنيه إلى أي مستويات محددة، يبحث المستثمرون عن "مجرد حركة في الاتجاه الصحيح، والتي من شأنها أن تمنح صفقة صندوق النقد الدولي دفعة، وتعطي المستثمرين الثقة في أن نزيف سعر الصرف سيبدأ في الهدوء"وفقاً لـغوتيريز من "أبردن".

لماذا تحجم مصر عن خفض قيمة عملتها؟

في حين قد يساعد تراجع الجنيه في تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات في مصر وجعل فجوة التمويل أكثر قابلية للإدارة، إلا أنه سيؤدي أيضاً إلى ارتفاع التضخم.

الماركات العالمية أولى ضحايا التعامل الحذر مع الجنيه في السوق المصرية

من المرجح أن تختار مصر خفضاً تدريجياً أكثر في قيمة العملة إذا اشتملت صفقة صندوق النقد الدولي على الالتزام بمزيد من المرونة في سعر الصرف، وفقاً لـ"دويتشه بنك".

قالت آنا فريدمان وكريستيان ويتوسكا من أبحاث "دويتشه بنك" في تقرير: "البنك المركزي المصري في موقف صعب ويواجه مقايضة عسيرة".

كيف سيتحرك البنك المركزي؟

نظرًا لضغوط الأسعار المتزايدة، من المرجح أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة على الإيداع يوم الخميس من 11.25% لجذب رأس المال الأجنبي وترسيخ توقعات التضخم، وفقاً لـ"دويتشه بنك" و"سوسيتيه جنرال".

"فيتش" لـ"الشرق": نتوقع تحسن الاقتصاد المصري بعد الدعم الخليجي وخفض الجنيه

ومع ذلك، فاجأ البنك المركزي معظم التوقعات في شهر يونيو بإبقاء أسعار الفائدة المعيارية دون تغيير بعد أكبر زيادة منذ ما يقرب من نصف عقد في الشهر السابق.

قال أدريان دو تويت، مدير أبحاث اقتصاد الأسواق الناشئة في "ألاينس بيرنشتاين" (AllianceBernstein)، ومقره لندن: "قد يكونون قادرين على الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.. لكنني لا أعتقد أنهم سيتمكنون من تثبيت العملة أيضاً".

تصنيفات

قصص قد تهمك