الشرق
مع إسدال الستار على اكتتاب هيئة كهرباء ومياه دبي "ديوا"، الذي جمع 22.3 مليار درهم، ليكون الأكبر في أوروبا والشرق الأوسط خلال العامين الأخيرين، فإن سوق الطروحات الأوّلية في منطقة الخليج مرشّحة لتسجيل رقم قياسي جديد هذ العام، مدعومةً بارتفاع أسعار النفط، وتوفّر السيولة، والتوجّه لإدراج عدد غير مسبوق من الشركات الحكومية في البورصة، والإصلاحات التي تشهدها معظم الأسواق المالية بالدول الخليجية الست لجذب المستثمرين.
لكن كما في 2021، تبقى أسواق السعودية والإمارات المرشحة لتكون قاطرة الطروحات الجديدة هذا العام، وعزّر الربع الأول هذه الترجيحات، عبر طرح 7 شركات في السوق السعودية الرئيسية، وواحدة في أبوظبي، ومثلها في بورصة دبي. مع التنويه بأن مسؤولي الأسواق المالية في البلدين يحفزون الإدراجات المزدوجة، وتشير تقارير إلى أن "أمريكانا" المملوكة لكل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي ومؤسس "إعمار" الإماراتية محمد العبار قد تكون باكورة هذه الصفقات.
فورة "لا تتوقف"
شهدت البورصة السعودية طرح أسهم 7 شركات خلال الربع الأول 2022، بقيمة إجمالية 12.7 مليار ريال. تصدّرها اكتتاب "النهدي الطبية" بقيمة 4.6 مليار ريال، ثم شركة "علم" بـ2.1 مليار ريال، فشركة "الدواء للخدمات الطبية" بقيمة 1.7 مليار ريال. إلى جانب طروحات "أماك للتعدين"، و"سهل للتمويل"، و"أنابيب الشرق"، و"دار المعدات الطبية". في حين تستعد "تداول"، خلال الأسابيع المقبلة، لاستقبال اكتتاب شركة "الحفر العربية" المملوكة جزئياً لشركة "شلمبرجير"، وطرح مصفاة "لوبريف" التابعة لـ"أرامكو".
يرى مازن السديري، رئيس قسم الأبحاث في "الراجحي كابيتال"، أن "الاكتتابات الأخيرة ساهمت بدمج أكبر لسوق الأوراق المالية في الاقتصاد الكلي، إذ تمثل الشركات المطروحة القطاعات التي تلعب دوراً نشطاً في الاقتصاد، إلى جانب إدخالها لقطاعاتٍ جديدة، بما في ذلك إدارة البيانات والتكنولوجيا ومصادر الطاقة المتجددة، والتي تُظهر نمواً قوياً في السوق. مع ذلك، لا تزال الأسهم التي تمثل الاقتصاد "القديم"، بما في ذلك البنوك والمواد والطاقة وغيرها تشكّل أكثر من 70% من القيمة السوقية لبورصة الرياض".
خالد الحصان، الرئيس التنفيذي لمجموعة "تداول" السعودية، كشف لـ"الشرق" بمقابلة سابقة أن هناك أكثر من 70 طلباً للطرح العام الأولي قيد المراجعة حالياً من قبل الهيئة التنظيمية والبورصة السعودية، واصفاً مسار صفقات الاكتتاب المحتملة بأنه "لا يتوقف".
طروحات عملاقة
ناهزت قيمة طرح "ديوا" وحدها في بورصة دبي ضعف صفقات الاكتتاب السعودية خلال الربع الأول من 2022، حيث حقّقت 22.3 مليار درهم، مقابل 12.7 مليار ريال لإجمالي الطروحات ببورصة الرياض.
"ديوا" التي تمثل ثاني أكبر طرح في أي بورصة عربية بعد "أرامكو السعودية، هي الأولى في سلسلةٍ من 10 شركات حكومية وشبه حكومية أعلنت حكومة دبي عن التوجه لطرحها في البورصة خلال هذا العام، أو على أبعد تقدير في 2023. حيث أعلن رئيس طيران الإمارات الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم ي مقابلة سابقة مع "الشرق" أن إحدى الشركات التابعة للمجموعة ستكون ضمن الشركات العشر. في وقتٍ أفادت تقارير أن شركة "تيكوم" عقدت اجتماعات مع مستثمرين قبل إدراجٍ محتمل في سوق دبي المالي. بينما تشمل لائحة الشركات المرشحة للطرح كلاًّ من: "دناتا" و"جميرا للفنادق" و"إينوك" و"مِراس" و"نخيل" و"إمباور للتبريد"، ونظام تعرفة المرور "سالك".
يُشير فادي عربيد، الشريك المؤسس ورئيس الاستثمار في "أموال كابيتال"، إلى "طفرة إيجابية بالاكتتابات العامة في دول مجلس التعاون الخليجي، لكن معظمها في السعودية والإمارات. وذلك بفعل اهتمام المستثمر المؤسسي المحلّي والعالمي، بالإضافة لتأثيرات الاقتصاد الكلي، وتقديم منتجات جديدة للمستثمرين، مثل أسهم شركات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والترفيه".
الشركات العائلية
إلى ذلك، حثّت الحكومة الإماراتية الشركات الخاصة والعائلية على إدراج أسهمها في السوق المالية، فجاء التجاوب الأول من قِبل الملياردير خلف الحبتور الذي أفصح عن نيته طرح جزء من شركته للاكتتاب العام خلال 2022.
كما تُشير مصادر إلى أن أحد الخيارات المطروحة لتجنّب خلاف بين ورثة رجال الأعمال الإماراتي الراحل ماجد الفطيم، يتمثل بطرح المجموعة للاكتتاب العام. علماً أنه تمّ تعيين لجنة قضائية، برئاسة محافظ مركز دبي المالي العالمي عيسى الكاظم، للبت بالنزاع بين الورثة.
كما أعلنت الشركة العالمية القابضة في أبوظبي عزمها إدراج وحدتها "بيور هيلث" في البورصة بموعد أقصاه الربع الثالث من العام الحالي. فيما قالت شركة "في بي إس" للرعاية الصحية بدورها إنها تدرس أسهمها في سوق أبوظبي أيضاً.
أبرز الخطوات المتخذة لتحفيز الطروحات في البورصات الخليجية:
· سماح الإمارات للجمعيات التعاونية بطرح أسهمها في الأسواق المالية. |
· إطلاق بورصة أبوظبي لسوق المشتقات المالية. |
· حصول سوق أبوظبي المالي على اعتماد لتنظيم شركات "الشيك على بياض". |
· إطلاق دبي لصندوق "صانع السوق" بملياري درهم. |
· البورصة السعودية أعلنت عزمها بدء تداول العقود الآجلة على أسهم شركات مختارة. |
· تعمل هيئة السوق المالية السعودية على مراجعة وتطوير آلية الإدراج المباشر لتشمل السندات وسوق الأسهم الرئيسية |
· أكملت بورصة مسقط في سلطنة عُمان إجراءات فتح السوق للتملّك الأجنبي الكامل لأسهم الشركات المدرجة. |
· وافق مجلس الوزراء القطري على السماح للمستثمرين الأجانب بامتلاك الشركات المدرجة ببورصة الدولة بالكامل. |
التقييم العادل
تخطّط عُمان لإدراج 35 شركة مملوكة للدولة في السنوات الخمس المقبلة، كما صرّح مطلع العام الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط هيثم السالمي.
لكن جويس ماثيو، مدير أول لقسم التحليل المالي في المتحدة للأوراق المالية، يُفصح أنه "كانت هناك خطط أولية لعدّة اكتتابات في البورصة العُمانية العام الماضي، لكن سيولة السوق كانت مصدر قلق لمُصدّري الأوراق المالية كما للمستثمرين. ويُفترض أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى تعزيز ثقة المستثمرين، وتحقيق استقبال أفضل للاكتتابات العامة في بورصة مسقط".
ويتابع: "بمجرد اقتناع المالكين بإمكانية حصول شركاتهم على تقييم عادل بالاكتتاب العام، فلا يوجد الكثير من العقبات التي تمنعهم من طرح أسهمهم، فالحصول على السعر المناسب كمكافأة على جهودهم ببناء شركاتهم هو الجزء الأكثر تحدّياً. وفي الوقت عينه عليهم ترك شيء ما على الطاولة للمستثمرين الجدد".
التحدّي الأساسي، بنظر ماثيو، أن معظم الاكتتابات الأولية التي حدثت في عُمان، هي عروض للبيع وتم تنفيذها بطريقة إلزامية، كمثل التزام شركات مرافق الطاقة والمياه تعاقدياً ببيع 35% كحد أدنى من حصتها بغضون سنوات قليلة من بدء تشغيل الشركة. لكن هذه الشركات، وخاصة شركات تحلية المياه، لديها رأسمال سوقي أقل من 50 مليون دولار، ما يجعل حجم العرض ضئيلاً للغاية، ويُبعد كبار المستثمرين عن الاكتتاب.. عُمان بحاجة إلى طرح الشركات الكبرى، الحكومية منها والخاصة".
أقلّ نشاطاً
بالنسبة لقطر، يقول أكبر خان، المدير الأول لإدارة الأصول في "الريان للاستثمارات"، إن "أسواق رأس المال في السعودية والإمارات كانت نشطة للغاية في 2021، ويُتوقّع أن تشهد مجموعة من الاكتتابات العامة الإضافية خلال هذا العام. بينما بورصة قطر كانت ضعيفة". غير أنه يُضيف: "هناك عدد قليل من الشركات القطرية تخطّط للإدراج في 2022 في كل من سوق الدوحة الرئيسية وسوق رأس المال المجازف. لكن على عكس جيرانها، ليس لدى الحكومة القطرية حتى الآن خطة معلنة لتعزيز عمليات الإدراج عن طريق بيع حصص في كيانات حكومية".
تجدر الإشارة إلى أنه بنهاية العام الماضي، أعلنت البحرين بدورها أنها تستهدف إدراج 5 شركات جديدة ببورصة المنامة على السنوات الأربع المقبلة.