سوق السندات تتأهب لمسار وعر بعد تغيير قواعد لعبة "الفيدرالي الأمريكي"

time reading iconدقائق القراءة - 15
تقلبات الأسواق تزداد مع اتجاهات الفيدرالي التشددية - المصدر: بلومبرغ
تقلبات الأسواق تزداد مع اتجاهات الفيدرالي التشددية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يوجد توافق في الآراء بأكبر سوق للسندات في العالم، في وقت يتحرك فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو التراجع عن خطته التحفيزية للوباء، لتبدو لنا صورة مفادها: المستقبل حافل بالتحديات.

قال جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، يوم الأربعاء الماضي إنّ صانعي السياسة سيتخذون نهجاً "متواضعاً" و"ذكياً" تجاه رفع أسعار الفائدة لكبح جماح أسرع تضخم في أربعة عقود، مما يشير إلى استعداد محتمل لهدم قواعد اللعبة القديمة لتشديد السياسة التي توقعها عديد من المتداولين.

أدى هذا الوضع بالمستثمرين في سندات الخزانة إلى الاستعداد لفترة من تقلبات الأسعار، إذ يتأهب المحللون لفحص كل الجوانب الجديدة للبيانات بحثاً عن أدلة توضح مسار بنك الاحتياطي الفيدرالي، في وقت يشهد حالة من عدم اليقين الاقتصادي المتزايد على نحو غير معهود.

وقالت نانسي ديفيس، كبيرة مسؤولي الاستثمار في "كوادراتيك كابيتال مانجمنت": "تسود الأسواق حالياً حالة من التخوف بالنظر إلى هذه الفترة من عدم اليقين مع عديد من المسائل التي يتعين إدارتها، مثل سوق العمل، والتضخم، والفيروس، والاحتياطي الفيدرالي، والمخاطر الجيوسياسية، والسياسة. من غير الواضح ما إذا كان تشديد أسعار الفائدة سيكون كافياً للسيطرة على التضخم في ظل اضطرابات سلسلة التوريد وسوق العمل".

قلق في الأسواق

تسبب باول في حالة من الانزعاج بالأسواق الأربعاء الماضي، عندما صرح بأن "الاحتياطي الفيدرالي" من المرجح أن يبدأ رفع أسعار الفائدة في مارس، وفتح الباب لمزيد من الارتفاعات المتكررة وربما أكبر مما كان متوقعاً.

وأثارت تصريحات باول ارتفاعاً حاداً في عوائد سندات الخزانة ذات التأثر الشديد بالسياسات، مما أدى إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة لأجل عامين إلى ما يصل إلى 1.2%، من نحو 0.7% في بداية العام.

لقد فوجئ بعض صناديق التحوط والمتداولين الذين يراهنون على التحولات في شكل منحنى العائد، واضطروا إلى الهروب من خسائر حادة في الأسبوع الماضي. ويتجه مقياس تجري مراقبته من كثب لتقلبات الخزانة المتوقعة نحو أعلى مستويات العام الماضي.

كتب مايكل داردا، كبير الاقتصاديين في "إم كيه إم بارتنرز"، في مذكرة: "رفض باول التزام التدرج خطوة بخطوة، وهو الإجراء الذي صاحب آخر دورتين لرفع الفائدة. الأسواق تحب الاستقرار والاستمرارية، وكلاهما تراجعا بشكل سريع".

تتأثر الأسواق حالياً بما يقرب من خمس زيادات في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة لهذا العام، مرتفعة من ثلاثة تغيرات من هذا القبيل كانت متوقعة في أواخر ديسمبر. ويُعَدّ الاقتصاديون في "بنك أوف أمريكا" من بين أولئك الذين يتوقعون مساراً أكثر تشدداً، ويتوقعون أن يرفع "الاحتياطي الفيدرالي" أسعار الفائدة في جميع اجتماعاته السبعة المتبقية هذا العام.

ورقة متشددة

تتمثل الورقة المتشددة الأخرى في احتمالية أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي إجراء بمقدار 50 نقطة أساس في مارس، وهو التشديد نفسه الذي شهدناه آخر مرة عندما بلغ سعر الفائدة لليلة واحدة ذروته في عام 2000.

قال جون برادي، العضو المنتدب شركة "آر جيه أو برين"، المتخصصة في وساطة العقود المستقبلية في شيكاغو، في إشارة إلى مدى السلبية العميقة لأسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم، أو أسعار الفائدة الحقيقية: "الزيادة بمقدار 50 نقطة أساس في مارس ليست ممكنة. تحويل سعر الفائدة على الأموال الحقيقية إلى -6.5% من –7% لن يؤدي إلى انهيار الاقتصاد، وقد يساعد في الواقع الأصول ذات المخاطر من خلال تعزيز مصداقية بنك الاحتياطي الفيدرالي في ما يتعلق بالتضخم".

"بنك أوف أمريكا": قد تُرفع الفائدة بكل جلسة لـ"الفيدرالي" في 2022

من المحتمل أن يكون هناك قدر ضئيل من اليقين على المدى القريب بالنظر إلى أن الاجتماع القادم للبنك المركزي لن يُعقد قبل منتصف مارس.

وستركّز الأنظار على تقرير التوظيف لشهر يناير المقرر صدوره يوم الجمعة، بحثاً عن علامات على ما إذا كانت ضغوط الأجور تتسارع، في الوقت الذي تبذل الشركات فيه قصارى الجهد لشغل الوظائف الشاغرة لديها.

ومن المتوقع ارتفاع متوسط الدخل في الساعة بـ5.2% خلال العام الماضي، وهو أعلى بكثير من وتيرة 2019 البالغة 3.5%.

قال جيسون برايد، كبير مسؤولي الاستثمار للثروات الخاصة في شركة "غلينميد ترست كو": "يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بما يحتاج إلى القيام به بعد الوصول إلى تضخم بـ7%، فالأمر يتطلب منهم العمل بجد من أجل ذلك، وليس لديهم خيار آخر. ومن خلال ضبط الاقتصاد والسوق فهم يأملون بأنه بمرور الوقت ستتراجع الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية".

من بين الأحداث المهمة لسوق السندات في الأسبوع المقبل هو إعلان إعادة تمويل ديون الخزانة يوم الأربعاء، إذ ستكشف السوق عن حجم عروض السندات القادمة. ويتوقع المتداولون على نطاق واسع أن تخفض وزارة الخزانة مبيعات الديون الاسمية طويلة الأجل.

تقليص المركز المالي

سبب آخر لعدم اليقين يتمثل في خطة بنك الاحتياطي الفيدرالي لتقليص ما يقرب من 9 تريليونات دولار من مخزونه من الأصول، عن طريق عدم شراء سندات الخزانة والرهن العقاري الجديدة عندما يحلّ أجل السندات القديمة، وهو تحوّل متوقع في وقت لاحق من هذا العام بعد أن يبدأ رفع أسعار الفائدة.

ومن الممكن أن يستفيد بنك الاحتياطي الفيدرالي بذلك من أجل رفع أسعار الفائدة طويلة الأجل. وتقلص الفارق بين عائدات مدتها خمس سنوات و30 سنة إلى أقل من نصف نقطة مئوية، التي تُعَدّ الأكثر ثباتًا منذ بداية عام 2019، باستثناء نوبة التقلب الشديد في مارس 2020.

وتُعَدّ هذه العوائد على مدى 30 عاماً عند مستوى يُعتبر منخفضاً للغاية بحيث لا يمكن أن يتسبب في إبطاء الاقتصاد وسوق المساكن المحموم بشكل كبير.

قال غريغوري فارانيلو، رئيس تداول أسعار الفائدة الأمريكية في "أميرفيت سيكوريتيز": "توجد حاجة لانتقال المنحنى بالكامل إلى مستوى أعلى من أجل تشديد الظروف المالية. التحدي الذي يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي هو أن منحنى العائد الثابت سيدفع إلى الركود، وهذا ليس جيداً بالنسبة إليهم".

وأشار إلى أنه بغضّ النظر عن تقلبات السوق الحالية يوجد احتمال لعمليات بيع أكثر حدة بمجرد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بزيادتين وتبدأ الميزانية العمومية في الانكماش، مضيفاً: "إذا لم يكن التضخم تعاونياً، فبمجرد تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي لعدة مرات ستحتاج السوق إلى إعادة التسعير".

تصنيفات

قصص قد تهمك