بلومبرغ
يُخصَّص هذا الوقت من العام عادةً للتطلع إلى الأمام، ومع ذلك ينظر كثيرون في "وول ستريت" إلى الوراء للتأكد من إغلاق الباب بإحكام على عام 2021.
من المؤكد أن هذا العام قد جلب بعض الأمور التي سنذكرها بشغف لفترة طويلة، مثل المكاسب السنوية القوية لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" التي بلغت 27%.
لكن الـ12 شهراً الماضية جلبت أيضاً أهوالاً جديدة بسبب سلالات كوفيد المتحوِّرة، والتضخم الهائل، والحملات المجنونة لضخ الأسهم المرتدة، والحديث المستمر عن العملات المشفرة.
قال ستيف سوسنيك، كبير المحللين الاستراتيجيين في "إنترأكتيف بروكرز": "كان عام 2021 دليلاً على المرونة الاقتصادية، لا سيما عندما جرى تحفيزه بقوة من خلال المحفزات النقدية والمالية، التي اجتمعت لتكون مزيجاً قوياً للغاية للمستثمرين". لكن كل هذا حدث "في مواجهة قائمة طويلة من الضائقات".
إليكم الأمور التي أزعجت التجار والمحللين في عام 2021:
غادر سريعاً يا "كوفيد"
يأمل جيم بولسن، كبير استراتيجيي السوق في مجموعة "ليوثولد" (Leuthold)، أن تكون سلالة "أوميكرون" أقل حدة من السلالات السابقة.
وعندما تبدأ المعاناة العالمية في التراجع فإنه يتطلع إلى التخلص من عبء أصغر بكثير، كونه عالِم فيروسات على كرسيّ بذراعين.
"سأكون سعيداً جداً عندما لا أعتبر نفسي خبيراً في الفيروسات، وهو ما لم أفعله من قبل، لكني ألعب هذا الدور على التلفاز"، حسب ما قاله بولس.
وأضاف: "من السخيف نوعاً ما أن تكون كل هذه الأنواع من الاستثمارات تدرس الفيروس. لقد فعلت ذلك كثيراً وتعبت من القيام بذلك".
تبدو ميغان هورنمان، مديرة استراتيجية المحفظة في "فيردينس كابيتال أدفايزر"، مستعدة لانتهاء تقلبات السوق المغلقة، خصوصاً في أوروبا، إذ تراجعت مؤشرات الأسهم في البلدان ذات القواعد الصارمة. وقد شعر الجميع بثقل المصارعة المستمرة للمأساة الإنسانية.
قال جورجيو كابوتو، كبير مديري المحفظة في "جيه أو هامبرو كابيتال مانجمنت": "نود ألا نضطرّ بعد الآن إلى النظر إلى إحصائيات مثل معدلات الوَفَيَات اليومية، وأنظر إلى تلك الإحصائيات بشكل نزيه مثل مقياس الاستثمار".
الملل من أحاديث التضخم
واجهت البيانات الاقتصادية "تأثيرات أساسية" هائلة في عام 2021، إذ بدت الزيادات السنوية للتضخم والمقاييس الأخرى كبيرة مقارنة بالإصدارات الضعيفة في عام 2020، في بداية الوباء.
قال كريس جافني، رئيس الأسواق العالمية في بنك "تي إي إيه إيه"، الذي يتطلع إلى ترك التأثيرات الأساسية وراءه: "كان عام 2021 عام عدم وجود مقارنات. لا يمكنك مقارنة البيانات بسبب الوباء وشذوذ الأسواق".
وسواء كان بالإمكان تخفيف التضخم في عام 2022 أم لا، فقد سئمت "وول ستريت" سماع ما يُشار إليه على أنه "مؤقت". ذكر المسؤولون في شركات "ستاندرد آند بورز 500" هذه الكلمة 334 مرة هذا العام على مكالمات المستثمرين، وفقاً لتحليل "بلومبرغ" للنصوص.
أسهم الميم
قال بريان نيك، كبير استراتيجيي الاستثمار في "نوفين" (Nuveen)، إنه في عام أدى فيه "الاستثمار في الخبز والزبدة" من خلال "ستاندرد أند بورز 500" إلى عوائد من رقمين، قضى خبراء السوق كثيراً من الوقت في الحديث عن استثمارات المضاربة.
نعم، ارتفعت أسهم شركة "غايم ستوب" بأكثر من 1,600% في نقطة واحدة، وتجاوز تقييم سوق العملة المشفرة "دوج كوين" لفترة وجيزة تقييم شركات مثل "موديرنا" و"جنرال موتورز"، لكن نيك سعيد بترك هذه المحادثات وراءه.
قال: "إذا ركزت كثيراً على المقدار الهائل من التقلبات في هذا العدد الصغير من الأصول المضاربة، فستفتقد الأخبار السارة حقاً عن مدى نجاح التزام خطتك هذا العام".
دعمت عقلية "الشراء عند الانخفاض" المكاسب في أصول المضاربة خلال عام 2021، التي استمرت في مكافأة المستثمرين الذين حذوا حذوها.
يشعر مايك زيغمونت، رئيس قسم التجارة والأبحاث في "هارفيست فولاتيليتي مانجمنت" (Harvest Volatility Management)، بالقلق من أن عقلية "الشراء أولاً، ثم التفكير لاحقاً"، قد تضر بالمستثمرين على المدى الطويل في حال تصحيح السوق بشكل كبير.
قال زيغمونت: "لا أمانع في الشراء عند الانخفاض إذا كان إجراءً مدروساً، ولكن على مدار العامين الماضيين أصبح إجراءً انعكاسياً. وهذا ما يزعجني".
الرموز غير القابلة للاستبدال
من المستحيل النظر إلى عام 2021 دون الاعتراف بأن العملات المشفرة و"البلوكتشين" سيطرت على المحادثات. تبدو فيكتوريا غرين، المؤسِّسة الشريكة وكبيرة مسؤولي الاستثمار في "جيه سكويرد برايفت ويلث"، حريصة على التخلي عن إحدى مغامراتها، الرموز غير القابلة للاستبدال، وتَعِدُ بأنّ الأعمال الفنية الرقمية ستكون فئة الأصول الكبيرة التالية.
قالت غرين: "إنّ الفنون الحرة هي في الأساس فن رقمي، ولكن ليس كل الفن له قيمة. يمكن لابنة أخي البالغة من العمر خمس سنوات أن تصنع صورة جميلة لها قيمة بالنسبة إلي، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها ذات قيمة في الواقع".
انتهى أمرك يا "زووم"
بعيداً عن شاشة التداول، يريد ديفيد بيانكو، كبير مسؤولي الاستثمار في الأمريكتين في مجموعة "دي دبليو إس غروب"، حقاً العودة إلى مقابلة أشخاص في الحياة الواقعية.
"ما أود التخلص منه هو مكالمات (زووم)، والكمامات، والإحراج لدى مقابلة شخص ما، هل يومئ بعضنا لبعض بالرأس وينحني بعضنا لبعض، أم نتصافح ونتعانق؟ لقد كان عاماً غريباً حقاً من حيث التفاعلات الاجتماعية. لذلك أنا أتطلع إلى رؤية الناس وجهاً لوجه".