بلومبرغ
بعد عام مليء بطروحات الأسهم، قد تجد الشركات الآسيوية تكرار النجاح أمراً صعباً في 2022، بالنظر إلى احتمالية رفع الفائدة وتشديد بكين قبضتها على شركات التكنولوجيا الكبيرة.
وبفضل النصف الأول القوي، ووسط طفرة عالمية، وصلت الطروحات العامة الأولية في المنطقة إلى 190 مليار دولار حتى الآن العام الجاري، وهو رقم قياسي بالفعل وأعلى بنسبة 31% عن عام 2020 بأكمله، لكن ضعف الزخم بشكل ملحوظ في الشهر الماضي، جاء نتيجة تصعيد بكين لهجومها التنظيمي على الشركات الخاصة، ما أدى إلى تعليق الصفقات الكبرى وبث حالة من عدم اليقين في العام المقبل.
يقول مصرفيون إنهم يتوقعون أن يكون سوق الطرح العام الأولي في آسيا أقل جنوناً وأكثر توازناً في عام 2022 نظراً لتسبب التضخم المرتفع في تآكل تقييمات شركات التكنولوجيا، وتشديد السياسة النقدية الأمريكية، بما يقلل المعروض من السيولة الخاملة.
وقد يبدو مشهد الطرحات أكثر تنوعاً أيضاً مع تقدم كوريا الجنوبية والهند، وملء القطاعات، بدءاً من الطاقة النظيفة إلى الخدمات المالية، الفراغ الذي تركته شركات التكنولوجيا الصينية التي كانت مهيمنة ذات يوم.
قال ويليام سمايلي، الرئيس المشترك لأسواق الأسهم الرأسمالية في آسيا، باستثناء اليابان، في "غولدمان ساكس": "ستواجه الأسواق في 2022 بيئة أكثر تطبيعاً.. وقد يتحدى سحب المحفزات المالية والنقدية، بجانب التوقعات بارتفاع التضخم، الأصول الخطرة، مثل أسواق الأسهم".
من المتوقع أيضاً أن يستمر التباطؤ في وتيرة جمع الأموال بالقطاع التكنولوجي نتيجة تدقيق بكين الصارم على شركاتها التكنولوجية بشأن قضايا تتراوح من أمن البيانات إلى ثغرة طالما استخدمتها الشركات للإدراج في الخارج.
بالإضافة إلى ذلك فإن هناك الأداء المتعثر للسوق الثانوية، والذي تسبب في فقدان هونغ كونغ، الوجهة الشهيرة لشركات التكنولوجيا الصينية، مركزها بين أفضل ثلاث وجهات للإدراج في العالم.
وتراجعت العديد من الشركات، بداية من منتج الوجبات الخفيفة "ويلونغ ديليشاس غلوبال" (Weilong Delicious Global Holdings Ltd)، وحتى موردة "أبل"، "بيل كريستال مانفيوفاكتوري" (Biel Crystal Manufactory Ltd) عن طرح أسهمها في المدينة، وهو تطور من شأنه أن يجعل الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري الربع الرابع الأضعف منذ عام 2018 للاكتتابات العامة في آسيا.
"التحول عن الصين"
يمكن للمستثمرين اختيار أسهم الشركات الصينية التي لم تتأثر بحملة بكين التنظيمية، أو تلك المستفيدة من أولويات التطوير في الدولة مثل مقدمي الطاقة الجديدة وصناع المركبات الكهربائية.
وقال ماغنوس أندرسون، الرئيس المشترك لأسواق الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى "مورغان ستانلي"، إن العام الجديد قد يشهد ظهور مجموعة أكثر تنوعاً من الشركات في السوق، وأضاف: "لن يقتصر الأمر على أسهم الاستهلاك والإنترنت والتكنولوجيا، وإنما أيضاً المزيد من المؤسسات الصناعية والمالية".
تتضمن قائمة المرشحين لذلك، الشركة الناشئة "هوزون نيو إنرجي أوتوموبيل" (Hozon New Energy Automobile Co)، وأعمال إدارة العقارات الخاصة بمجموعة التطوير العقاري "لونغفور" (Longfor Group Holdings Ltd)، حسبما نقلت "بلومبرغ" سابقاً.
كذلك سيساعد الوجود الضعيف لشركات التكنولوجيا الصينية في جعل الاكتتابات العامة قيد الإعداد في المنطقة أكثر توازناً جغرافياً، إذ تعمل كوريا الجنوبية والهند وجنوب شرق آسيا على جدول إصدارات مزدحم.
جمعت الشركات في الهند وكوريا الجنوبية وإندونيسيا مبالغ قياسية من خلال مبيعات الأسهم لأول مرة العام الجاري، وهناك المزيد في المستقبل، حيث تشمل الصفقات الضخمة قيد التنفيذ الاكتتاب العام الأولي لشركة "إل جي إنرجي سولوشنز" بقيمة 10.8 مليار دولار في سول، وطرح شركة "لايف انشورنس" (Life Insurance Corp) الهندية في مومباي بتقييم يصل إلى 131 مليار دولار.
وقالت سيلينا تشيونغ، الرئيس المشترك لأسواق رأس المال في آسيا لدى "يو بي إس غروب"، إنه من المتوقع أيضاً أن تطرح بعض أكبر شركات اليونيكورن التكنولوجية في جنوب شرق آسيا أسهمها العام المقبل، وتابعت: "إنه الوقت المناسب الآن، حيث يتحول انتباه المستثمرين عن الصين على الأقل على المدى القصير".
العائدون للوطن
رغم التوقعات بمعروض أقل من الشركات التكنولوجية الصينية المطروحة لأول مرة، سيسعى عدد متزايد من أقرانها المتداولين في الولايات المتحدة للإدراج في هونغ كونغ أو شنغهاي، وهي ظاهرة تعرف بـ"العودة إلى الوطن".
ومن بين الأسماء البارزة القليلة التي تم إدراجها في المركز المالي الآسيوي في السنوات الماضية، شركات "وايبو" و"بايدو" و"علي بابا"، ومن المتوقع أن يتسارع الاتجاه وسط التهديدات المتزايدة من الولايات المتحدة بشطب الشركات الصينية هناك.
ومن بين الشركات التي تستعد لمثل هذا الإدراج في هونغ كونغ، شركة "ديدي غلوبال" عملاق نقل الركاب، وموقع بث الفيديو "أي كيوي"، ومن المرشحين المرجحين أيضاً شركات "فوتو" (Futu Holdings Ltd) و"نتسينت ميوزيك انترتينمنت" و"بيندودو".
وقال "سمايلي" من "غولدمان" إنه بمجرد أن تتضح الصورة التنظيمية في بكين، "ستتعافى الإصدارات، والمراكز المالية منخفضة والصين تعتبر غير ممثلة بالقدر الكافي".