مازال اجتماع منظمة "أوبك+" الذي بدأ في أول ديسمبر الجاري "في حالة انعقاد" من الناحية التقنية بعد مرور 11 يوماً.
وتجدر الملاحظة إلى أنَّ هذا الاجتماع لم يبلغ بعد مدى أطول اجتماع لمجموعة الدول المنتجة للنفط – فما زال أمامه أسبوع آخر حتى يتجاوز اجتماعاً عقد في أكتوبر من عام 1986.
يعد تنظيم اجتماع مطول هذه المرة طبعاً أسهل بكثير؛ فمع إجراء المداولات والمناقشات عبر آلية مؤتمرات الفيديو، يستطيع الوزراء المشاركون القيام بواجباتهم الطبيعية حتى يقرر رئيس المؤتمر الحاجة إلى التجمع من جديد.
قبل 35 عاماً، كان الوزراء والوفود المصاحبة لهم يُحتجزون في أجنحة مريحة بفندق في جنيف، وهم بعيدون تماماً عن مكاتبهم في أوطانهم.
وكانوا في ذلك الوقت، كما هم الآن، يتعاملون مع سوقٍ كانت تتعافى ببطء من أزمة طلب غير مسبوقة – برغم أنَّ أسبابها المباشرة كانت مختلفة تماماً.
استراتيجية ناجحة
إنَّ عدم قيام مجموعة "أوبك+" بأي فعل هو أفضل ما تفعله في الوقت الحالي، فالاجتماع "منعقد" بالاسم فقط.
وبرغم ذلك؛ يثبت أنَّه استراتيجية ناجحة جداً في دعم أسعار الخام في مواجهة حالة الغموض حول تأثير سلاسة "أوميكرون" على الطلب على النفط.
اجتمع الوزراء وسط انتشار توقُّعات على نطاق واسع بأنَّهم سيؤجلون خطط زيادة الإنتاج في يناير القادم.
في شهر يوليو الماضي، قرر الوزراء زيادة الإنتاج بواقع 400 ألف برميل يومياً على إمدادات النفط كل شهر حتى استرداد كل كمية الإنتاج التي اتفقوا سابقاً على تخفيضها في أبريل عام 2020.
غير أنَّ توقُّعات تأرجح أسواق النفط وانتقالها من العجز إلى الفائض مع نهاية العام تسببت في قلق مجموعة "أوبك+"، علاوة على التنسيق بين أكبر خمس دول في العالم مستهلكة للنفط من خارج المجموعة من أجل ضخ النفط من مخزونها الاستراتيجي بهدف تخفيف حدة التضخم.
لم يكن من بين الوزراء من هو أكثر قلقاً من الأمير السعودي عبد العزيز بن سلمان الذي كان يحثّ بانتظام على توخي الحذر عند زيادة المعروض.
مفاجأة "أوبك"
وفي مفاجأة للكثيرين، وافقت المجموعة على الاستمرار في خطة زيادة الإنتاج لشهر يناير. وساعد القرار بلا شك في نزع فتيل التوتر مع إدارة بايدن بالولايات المتحدة، الذي تسبب فيه قرار سابق للدول المنتجة للنفط برفض القيام بزيادة كبيرة في الإنتاج في شهر ديسمبر، وتفاقم بعد ذلك مع إعلان الولايات المتحدة وبلاد أخرى أنَّها ستضخ النفط من مخزونات الطوارئ.
غير أنَّ إبقاء الاجتماع رسمياً في حالة "انعقاد" يرسل تحذيراً واضحاً لمن يتوقَّعون تدهوراً في أسعار النفط بأنَّ مجموعة الدول المنتجة ستتدخل بسرعة عند أول بادرة على تراجع الأسعار، مما يُحبط أي محاولة للمراهنة على انخفاض سعر الخام.
هذه الخطوة وضعت حداً أدنى لأسعار النفط، التي انخفضت بمقدار 13 دولاراً في البرميل أو بنسبة 16% منذ ظهور السلالة الجديدة من كوفيد-19 بعد يومين فقط من إعلان بايدن طرح الخام من المخزون.
في هذه الأثناء، انخفضت أسعار البنزين في الولايات المتحدة، حتى إن كان انخفاضاً طفيفاً، بما يسمح لبايدن بادعاء نجاح استراتيجيته بلهجة هادئة.
غير أنَّه لا يستطيع أن يجهر بصوت أعلى من اللازم بهذا النجاح؛ إذ إنَّ الأسعار مازالت هي الأعلى بالنسبة لهذا الوقت من العام منذ 2012.
المخزون الاستراتيجي
مازال طرح الخام من المخزون الاستراتيجي مستمراً، برغم أنَّه لم يصل إلى الأسواق بعد، وكان الموعد النهائي للمزايدة على أول 32 مليون برميل من خام الولايات المتحدة قد تحدد في 6 ديسمبر الجاري، مع منح العقود في 14 ديسمبر.
في ذلك التوقيت فقط سنعرف مدى قوة إقبال المشترين. فلا توجد أي ضمانة كي يطلبوا كل كمية النفط المعروضة.
البلاد الأخرى التي قالت إنَّها ستنضم إلى الولايات المتحدة – وهي الهند، واليابان، والصين، وكوريا الجنوبية، والمملكة المتحدة –لم تطرح النفط بعد من مخزوناتها الاحتياطية.
وفي ظل الغموض الكبير الذي يحيط بعرض النفط والطلب عليه بما يتجاوز الحدود العادية، فعلت مجموعة الدولة المنتجة ما استطاعت أن تفعله.
فقد نجحت في تخفيف حدة التوترات بين المنتجين والمستهلكين بحفاظها على استمرار الزيادة في المعروض والمستهدفة في يناير، وتحوّلت عن برنامج اللقاءات الشهرية إلى الاجتماع الدائم.
و تظهر هذه الخطة بالحفاظ على استمرار انعقاد الاجتماع، مع أنَّهم لا يفعلون أي شيء بمثابة "ضربة معلم".
على كل حال؛ يجب أن يهضم العالم سلالة "أوميكرون" المتحوِّر من فيروس كوفيد–19، وطرح الخام من مخزون الطوارئ.