بلومبرغ
أعلنت شركة "إيني" إحدى أكبر شركات النفط في أوروبا عن شرائها دون قصد شحنة نفط خام إيراني، الأمر الذي يمثل انتهاكاً للعقوبات الأمريكية.
اشترت الشركة، التي تتخذ من روما مقراً لها، شحنة نفط قادمة من العراق في عام 2019، وهو ما نفته السلطات في بغداد. وقالت "إيني" في بيان لـ"بلومبرغ"، الثلاثاء الماضي، إن تحقيقات الشركة بعد ذلك، والتي استخدمت تقنية تتبع الأقمار الصناعية أثبتت أن الخام إيراني.
تم الكشف عن التفاصيل بسبب الدعوى القضائية التي تم رفعها في لندن من موظفة تتهم الشركة بفصلها تعسفياً بسبب شحنة النفط، حيث أخبرت "إيني" المحكمة أن المحققين في الشركة توصلوا إلى تعمد مديرة ورئيسها بحجب نتائج الاختبارات غير الطبيعية، التي أظهرت وقتها أن مصدر الشحنة غير واضح، حسبما جاء بالحكم في القضية.
اضطر عملاق النفط الإيطالي الى إعادة الشحنة البالغة 700 ألف برميل نفط بعد تأكيد النتائج المعملية أن الخام ليس من الدرجة العراقية، حسبما ذكر القضاة في ملف القضية. وقامت الشركة بنقل الشحنة إلى ميناء ميلاتسو في صقلية، حيث توجد مصفاة هناك، قبل أن تضطر لنقلها مرة أخرى للشرق الأوسط في رحلة ذهاباً وعودة بطول نحو 10700 ميل.
كانت فرانشيسكا ديلاديو قد رفعت دعوى تتهم الشركة بالفصل التعسفي من منصب مدير عمليات تداول النفط في الشركة لدورها في القضية. وذكر القضاة أن رئيسها في العمل أليساندرو ديس دوريس قد تم فصله ولكن بشكل منفصل.
وقالت "إيني" إن طرد "ديلاديو" من منصبها بسبب عدم إطلاع الإدارة عند رؤية العديد من المؤشرات، التي تثير الحذر وحجبها معلومات عن وحدة تكرير النفط التابعة للشركة، حسبما ورد بالحكم الصادر عن المحكمة.
اقرأ أيضا: هل ستكون عودة النفط الإيراني للأسواق بعيدة أيضاً في عهد بايدن؟
في المقابل قالت "ديلاديو" للمحكمة إنها ببساطة نفذت العقد وإن التاجر فرانشيسكو غالدينزي هو "الشخص المسؤول الذي يمكنه التحقق من مصدر الشحنة وتاريخها وخلفيتها".
ذكرت "إيني"، أن الشركة لم تكن لديها نية على الإطلاق لخرق الحظر النفطي المفروض على إيران. وأضافت الشركة في بيان: "تم رفض شحنة النفط بفضل فعالية الضوابط التي نفذتها إيني".
قال محامي ديس دوريديس إن وكيله ليس له علاقة بالدعوى القضائية المرفوعة في لندن، أو بالحادثة التي أدت إليها. فيما رفض محامي ديلاديو التعليق على القضية، لكنها قالت خلال شهادتها في القضية إنها كانت "كبش فداء" لما حدث.
تم بيع شحنة النفط إلى "إيني" من خلال سلسلة من الشركات من بينها "ناباغ تريدنغ" (Napag Trading Ltd) التي كانت "الطرف الرئيسي" في الصفقة، وفقاً لمحامي "ناباغ". وقال المحامون، إن "ناباغ" نفت بشدة "علمها أو إن كان لديها أي شك في أن شحنة النفط المحملة على الناقلة مصدرها إيران".
أخبر "غالدينزي" مدققي حسابات "إيني" الداخليين في اجتماع معهم، أن سعر شحنة النفط كان "جيداً جداً" وفقًا لرواية الشركة للأحداث التي تم الإبلاغ عنها في المحكمة.
ووجد القضاة أن "غالدينزي" أعطى إذناً بدفع 42 مليون يورو (48.2 مليون دولار) رغم أن التحليل أظهر أن النفط الخام لا يتناسب مع جودة نفط البصرة الخفيف. وتجرى تجارة النفط الدولية عادة بالدولار.
قال القضاة، إن "غالدينزي" أدرك أن مستوى الكبريت وكثافة نفط الشحنة لا يتوافقان مع نفط البصرة، قبل أن يقوم بالدفع، كما أن الشحنة تم نقلها إلى وايت مون من سفينة أخرى، في أمر غير معتاد، وفقاً لنص الحكم في القضية.
أحال "غالدينزي" الذي يشغل حالياً منصب رئيس تطوير الأعمال في قسم التجارة والوقود الحيوي في "إيني" الأسئلة التي تم توجيهها إليه إلى الشركة، وكان رد "إيني" الثلاثاء الماضي، أن "غالدينزي" نفسه قد تم تضليله.
تضمنت نصوص المخاطبات التي قدمتها "إيني" في دعوى الفصل التعسفي في بريطانيا أن "ديلاديو" وديس دوريديس قد ناقشا معاً الاحتفاظ بمجموعة كاملة من نتائج الاختبار بعيداً عن وحدة تكرير وتسويق النفط في "إيني".
تم الكشف عن تلك المخاطبات في الحكم الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً بتاريخ 5 مايو الماضي، وقرار متابعة تم نشره في 5 نوفمبر.
توصلت المحكمة إلى أن "ديلاديو" تم فصلها تعسفياً لأن "إيني" فشلت في إجراء تحقيق مناسب كان من الممكن أن يحدد موقفاً مخففاً محتملاً ضدها. ومع ذلك، أشارت المحكمة أيضاً إلى أن ذلك التحقيق إذا تم بشكل صحيح كان سيصل بنسبة 80% إلى طرد "ديلاديو" من العمل.
أبلغت "إيني" المحكمة أن "ديلاديو" أخطأت أو تجاهلت إشارات التحذير، في الوقت الذي كان يتعين عليها إبلاغ أحد المسؤولين التنفيذيين بتلك الشكوك مع ظهور نتائج الاختبار. وقال محقق من "إيني" في رسالة استشهدت بها المحكمة، إن قياسات الكثافة ومحتوى الكبريت من بين الأمور الأساسية في تجارة النفط الخام.
تسلمت "ديلاديو" نتائج الاختبار الأولى في 5 مايو 2019، والتي أظهرت عبر قياسات الكثافة أن الشحنة بعيدة عن المعايير القياسية لما يسمى بالخام الخفيف من حقل البصرة، وقامت "ديلاديو" بإرسالها إلى ديس دوريديس و"غالدينزي"، وفقاً للحكم الصادر من المحكمة. كما أكدت قياسات المتابعة في 10 مايو وجود بيانات غير طبيعية، ولم يتم إرسال التحليل الكامل إلى وحدة التكرير والتسويق في "إيني" لمدة 7 أيام أخرى.
قال القضاة، إن "ديلاديو" لم ترسل نتائج الاختبار "في الوقت المناسب" وإنها "كانت في أفضل الأحوال مخادعة وفي أسوأ الأحوال غير نزيهة وفي حالة قبول نسيانها تلقي النتائج في 10 مايو 2019 فيتم وصفها بالإهمال في أداء جزء مهم من دورها الوظيفي".