الشرق
شهدت مؤشرات الأسواق المالية العالمية تراجعات حادة في مستهل تعاملات الأسبوع، مع تأثرها بتعثر أكبر شركات عقارات في الصين عن سداد ديون تتجاوز 300 مليار دولار.
بدأت المؤشرات السلبية بأداء أسواق آسيا مع تراجع مؤشر هونغ كونغ بنسبة 4%، وهبوط مؤشر هانغ سينغ للعقارات لأدنى مستوى منذ 2016، مع تخوفات من أن تنتقل عدوى التخلف عن سداد الديون لبعض الشركات الأخرى، وتأثير تلك التطورات على مستقبل النمو الاقتصادي للصين، حيث تطال تلك الأزمة قطاع البنوك الذي شهد أكبر نسبة تراجعات خلال تعاملات اليوم.
وانتقلت عدوى التراجعات لمؤشرات الأسواق الأوروبية حيث هبط مؤشر يورو ستوكس 600 بنسبة 2% ليصل لأدنى مستوى في شهرين، حيث انخفض مؤشر داكس الألماني بنسبة جاوزت 2%، وفوتسي البريطاني بنسبة تقارب 1%.
يكشف الفحص الدقيق أن سداد التزامات شركة "تشاينا إيفرغراند غروب" بات أكثر صعوبة، بعكس ما كان يظهر على السطح أن المجموعة حققت تقدماً في تخفيض أعباء ديونها في النصف الأول من هذا العام.
الفيدرالي وإيفرغراند يضغطان على أسواق الأسهم
ارتفعت التزامات "إيفرغراند" الإجمالية، شاملة فواتير مستحقة للموردين، إلى 1.97 تريليون يوان (نحو 305 مليارات دولار أمريكي) في نهاية يونيو الماضي. وبحسب نتائج الأعمال الصادرة يوم الثلاثاء الماضي، فإن هذه الالتزامات تقترب من أعلى مستوى لها على الإطلاق. وفي حين انخفض إجمالي القروض إلى 572 مليار يوان، تدهورت السيولة النقدية وما يعادلها عند الشركة إلى أدنى مستوى منذ ستة أعوام.
أضافت أعباء توقعات خفض الفيدرالي الأمريكي لبرنامج شراء الأصول والتوجه نحو تشديد السياسة النقدية، إلى تداعيات "إيفرغراند"، على الأسواق الأمريكية أيضاً حيث هبط مؤشر ناسداك في مستهل تعاملات اليوم بنسبة جاوزت 2% فيما تراجع مؤشر داوجونز بنسبة 1.6% وإس آند بي بنفس النسبة تقريباً.
بينما دعمت تلك التداعيات من أسعار الذهب، حيث ارتفع من أدنى مستوى في شهر خلال تعاملات اليوم ليتداول أعلى مستوى 1760 دولارا للأونصة، بعد تراجعات نهاية الأسبوع الماضي التي جاءت بسبب ارتفاع مبيعات التجزئة الأمريكية وزيادة احتمالات إعلان الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء المقبل عن خطة سحب برنامج التحفير النقدي الذي اعتمده مع بداية أزمة جائحة كورونا في مارس 2020.
الذروة لم تأتِ بعد
ترى بيتي نادر محلل أسواق المال بقناة الشرق للأخبار أن تهديدات سندات ديون إيفرغراند لم تؤثر بصورة كبيرة على الأسواق في الأسبوع الماضي، ولكن هذا الأسبوع أصبح التأثير واضحاً، وما من شك من أن انكشاف بلاك روك ويو بي إس وبنك إتش إس بي سي على سندات تلك المجموعة الصينية بصورة كبيرة سيحمل تداعيات كبيرة على الأسواق المالية.
أشارت نادر إلى أن تراجعات أسهم هونغ كونغ لم تنتهِ عند هذا الحد، حيث نرى انجرافاً لأسهم البنوك وشركات التأمين أيضًا التي تشهد عمليات بيع قوية.
وأضافت محللة الشرق أن عطلات في اليابان والصين وكوريا الجنوبية تستمر لمدة يومين، في خضم تلك الأزمة، ستزيد من تعقيدات المشكلة وتضيف إلى الدراما في السوق عند استئناف التداول بعد تلك العطلة.
وترى أن تلك التداعيات ستترك بلا شك تأثيرات على نمو الناتج الإجمالي في الصين، وبالتالي سيعقبه تأثير على أسواق السلع، إضافة لتداعياته السلبية على أسواق المال العالمية.
كانت السلطات الصينية حذرت البنوك بالفعل من أن عملاق العقارات، الذي يدين بأكثر من 300 مليار دولار، لن يكون قادرًا على سداد التزامات الديون المستحقة يوم الاثنين، وتعتقد نادر أن الاختبار الحقيقي يأتي في وقت لاحق من هذا الأسبوع، حيث يحين موعد سداد الفوائد يوم الخميس، اليوم الذى سيتزامن مع عودة الصين من العطلة، بما يمثل ذروة التداعيات.