الشركات الأميركية لن تُسرح العمالة كما اعتادت
لو كانت الشركات الأميركية مؤسسة واحدة، فإنها ستكون من ذلك النوع الذي يحتفظ فيه قسم الموارد البشرية بمجموعة جاهزة من إخطارات إنهاء الخدمة. عادةً ما تُخطئ الشركات في تسريح أكبر عدد ممكن من العمالة خلال فترات الركود، بدلاً من الاحتفاظ برأس المال البشري للمرحلة التالية من النمو.ربما حان الوقت للتخلص من إخطارات إنهاء الخدمة مع اقتراب الولايات المتحدة من مواجهة تباطؤ اقتصادي آخر.على مدى عقود، قامت سوق العمل الأميركية على افتراض إمكانية التخلص من معظم الأيدي العاملة، مع سهولة استخدام غيرها من سوق كبيرة تتجدّد تلقائياً، وهذا تمكن ملاحظته في الأجور وسياسة الشركات، حيث إنه في ظل الحد الأدنى الفيدرالي للأجور المُحدد حالياً عند 7.25 دولار بالساعة، لن يجني العامل الذي يعمل لمدة عام كامل بإجمالي 2,080 ساعة، دون الحصول على ساعة إجازة واحدة، ما يكفيه لتجاوز خط الفقر المحدد عند 15,225 دولار سنوياً. لا تزال سرقة أجور العمال منتشرة بشكل مُقلق، بجانب استغلال الأطفال في عددٍ من الصناعات، من الخدمات الغذائية وصولاً إلى صناعة السيارات.عندما يغادر الموظفون شركةً قد يصطحبون بياناتهابقلم: Kathryn A. Edwardsهل الركود قادم؟ احذر بيانات إعانة البطالة
هل سيؤدي التضخم، أو الجهود المبذولة لاحتوائه، إلى ركود اقتصادي في الولايات المتحدة؟ عندما تظهر مثل تلك المخاوف، يبدأ الناس في التركيز على طلبات إعانة البطالة الأسبوعية، باعتبارها مؤشراً مبكراً لمعدل تسريح العمال، الذي قد ينذر بركود أوسع.اقرأ أيضاً: سوق الوظائف الأمريكية تزداد قوة والبطالة تستقر عند 3.6% في أبريللكن، يجب أن يكونوا حذرين، إذ إن أرقام طلبات إعانة البطالة قد تكون مقياساً خاطئاً، يمكن أن يكون قد انحرف بشكل خاص بسبب جائحة "كورونا".تذهب إعانات البطالة فقط إلى أولئك الذين يستوفون معايير محددة، إذ يجب أن يكونوا عاطلين عن العمل من دون أن يكونوا قد تسببوا هم أنفسهم بفقدانهم لوظائفهم، وأن يكون لديهم سجل عمل كاف، وأن يكونوا أيضاً مستعدين وقادرين على العمل.اقرأ المزيد: تصدعات في الاقتصاد الأمريكي تلوح وسط تحذيرات من الركودعلى مدى 70 عاماً الأخيرة، انخفضت نسبة العاطلين عن العمل الذين يتلقون مدفوعات بالفعل من حوالي النصف إلى الثلث تقريباً، رغم زيادة نسبة من يخسرون وظائفهم، على عكس أولئك الذين يتركونها بإرادتهم.لماذا يحدث هذا التراجع؟ على عكس الضمان الاجتماعي، الذي تديره الحكومة الفيدرالية، تتم إدارة التأمين ضد البطالة على مستوى الولاية. ولضمان الحصول على تمويل كاف، يجب على الولايات فرض ضريبة لا تفضلها الشركات، خصوصاً أنها تزداد كلما زاد عدد الموظفين الذين يتركون العمل وينجحون في تقديم طلبات إعانة البطالة.الضرائب وإعانة البطالةيتردد المسؤولون في زيادة الضرائب، ويختارون في المقابل خفض إعانات البطالة والحد من الوصول إليها، حتى وصل الأمر قبل تفشي الوباء، إلى عدم تكليف العاطلين عن العمل أنفسهم، عناء تقديم طلبات للحصول على إعانة البطالة.لكن، هذا الوضع تغيّر تماماً مع تفشي فيروس "كورونا"، والذي تسبب في خسارة 22 مليون شخص وظائفهم. أقرّ "الكونغرس" -الذي قام بمحاولتين فاشلتين للإصلاح على مدى سنوات- بسرعة قانون المساعدة والإغاثة من الجائحة، والذي وسّع نطاق من يستحقون الإعانة، مضيفاً كذلك مبلغ 600 دولار إلى المدفوعات الأسبوعية.كان عام 2020 بمثابة حملة توعية عامة وواسعة النطاق بشأن التأمين ضد البطالة، حيث تقدمت أعداد غير مسبوقة ممن جرى تسريحم أو مُنحوا إجازات غير مدفوعة، للحصول على الإعانات.ماذا تعلمنا التجربةالسؤال المطروح اليوم هو: كيف تؤثر تلك التجربة على احتمال سعي الناس للحصول على إعانات، في ظل أي انكماش اقتصادي جديد؟ إذا كانوا يعرفون أشخاصاً نجحوا في تقديم طلبات إعانة البطالة في عام 2020، ربما يزداد احتمال سعيهم لتجربة ذلك، ما يعني أن أي زيادة مفاجئة في تسريحات العمال، ستؤدي إلى أرقام طلبات أكبر مما اعتاد الاقتصاديون على رؤيته. أو ربما سيترددون في تقديم طلباتهم عندما يتذكرون الطوابير الطويلة، والمكالمات الهاتفية غير المجدية، وأنظمة الكمبيوتر المعطلة، والطلبات التي لا تنتهي، وأخطاء الحساب، وعدم اليقين المستمر بشأن حجم ومدة الإعانات، وفي هذه الحالة سيتم تجنب تقديم طلبات إعانة البطالة. أو ربما أيضاً، قد يعود هؤلاء إلى عاداتهم ما قبل الجائحة، ويفترضون أنهم غير مؤهلين للحصولة على الإعانة.على سبيل المثال، ما هو العدد المتوقع للعمال الذين يمكن أن يفوا بمتطلبات الحصول على إعانة البطالة، وهو أمر يختلف من ولاية إلى أخرى؟لذلك لا تهتم كثيراً بقراءة البيانات الأسبوعية لطلبات إعانة البطالة. فما تشير إليه هذه البيانات، يعتمد بشكل كبير على كيفية تأثير الوباء على نفسية العامل، وتصبح النتيجة الوحيدة المتسقة لتلك البيانات، أنه تم السماح بتقليص دور البرنامج بمرور الوقت.بقلم: Kathryn A. Edwardsالموظفون خرجوا من الوباء بمطالب جديدة.. لكنهم يفتقدون القوة اللازمة لتحقيقها
خلال فترة التعافي من جائحة كورونا حقق العمال في الولايات المتحدة مكاسب ملحوظة. فالأجور آخذة بالارتفاع فيما بات أصحاب العمل يعرضون المزيد من الحوافز. كما يرى بعض المتحمسين أن العمل من المكتب أمر عفا عليه الزمن، وبدأت تستعيد النقابات العمالية بريقها. ففي وقت سابق هذا الشهر، نجح موظفو "أمازون" الذين يعملون في أحد مستودعات جزيرة ستاتون في تشكيل أول نقابة لهم، وذلك في أعقاب إنشاء أول نقابة لموظفي "ستاربكس" أيضاً، والاضطرابات التي حصلت الخريف الماضي، في إطار حركة "سترايك أكتوبر" التي واجهتها شركات مثل "جون ديري" (John Deere) و"كيلوغ" (Kellogg) وغيرهما.العمل عن بعد.. ثورة مهنية تغيّر الاقتصاداتهل تغيّر النفوذ؟فهل يعني ذلك بدء حقبة جديدة يكون فيها العمال هم الجهة التي تمتلك النفوذ؟ من جهتي، أشك في ذلك. فعلى كافة المقاييس المهمة، لا زالت كلمة الحسم بيد أصحاب العمل.فلنأخذ النهاية المزعومة للعمل من المكاتب. حيث زخرت وسائل الإعلام بالمقالات التي تتحدث عن مطالب جيل الألفية بالعمل عن بعد، متوقعة انهيار القطاع العقاري في وسط المدن.لكن، إذا تساءلنا: هل يمكن للناس العمل من أي مكان طالما توفر لديهم خدمة إنترنت ثابتة؟ ربما، إلا أن معظم الموظفين الذي كانوا يعملون عن بعد، هم عادوا حالياً إلى المكاتب. وعلى الرغم من أن الاهتمام بالعمل عن بعد تضاعف بعد الجائحة، إلا أن إجمالي البحث عن هذا المصطلح عبر موقع "إنديد" استقرت في العام الماضي عند 5% فقط من إجمالي البحوث.عادات العمل الجديدةصحيح أنه تم الترحيب بالعمل عن بعد على أنه يمنح شمولية أكثر لسوق العمل . حيث يتيح مثلاً للأمهات المزيد من المرونة، كما تحدث الموظفون السود عن شعورهم بالمزيد من التقدير وتلقيهم معاملة أكثر عدلاً بسبب هذا النموذج. إلا أن الخبراء الاقتصاديين كانوا واقعيين أكثر حين تنبؤوا بأن الأشخاص الذين يبقون في المنزل سوف يتقاضون على الأرجح رواتب أقل، ولن يتم ترفيعهم بقدر الآخرين. أمّا التغييرات التي طرأت في عادات العمل والتي ستبقى موجودة، فعلى الأرجح أنها سوف تترافق مع ضريبة، تشبه التفاوتات المترسخة حالياً في الأجور.الموظفون بدؤوا يجيدون تحصيل الترقيات أثناء عملهم عن بعدمن جهة أخرى، يقال إن الموظفين في قطاعي البيع بالتجزئة والضيافة والذين كانوا من أكثر المتأثرين بتبعات الجائحة، باتوا يستفيدون اليوم من تقديم أصحاب العمل مكافآت لهم عند التوقيع على العقود، وأحياناً سداد الأقساط الجامعية عنهم. كما بات أصحاب العمل يعرضون عليهم أجوراً أعلى، حتى يجذبوهم للعودة إلى العمل.مع ذلك، فثمة أدلة تشير إلى أن موظفي التجزئة والضيافة يُطلب منهم العمل لعدد حدّ أدنى من الساعات للحصول على هذه الميزات، بينما قليل منهم أو حتى لا أحد، يُكلّف بساعات العمل الكافية من أجل التأهل للحصول على هذه المزايا. ولا تزال الجداول الزمنية للموظفين في القطاعين توضع بنظام ورديات غير متوقعة وغير مستقرة، كما كان الوضع في السابق قبل الوباء.احتكار السوقفي غضون ذلك، تشير أدلة وافرة إلى اختلال عميق ومستمر في توازن القوى بين الموظفين وأصحاب العمل. فلنأخذ على سبيل المثال حقيقة تركز أصحاب العمل في فئة صغيرة، حيث يهيمن على سوق العمل الأميركية المحلية العادية بضع شركات (أو ما يوازيها)، وذلك بقيمة تتجاوز بأشواط الحدّ الأدنى الذي تعتبره معايير وزارة العدل كنسبة عالية التركيز في السوق. وعلى الصعيد الوطني، توظف شركتان فقط، وهما: "أمازون" و"ولمارت" نحو 3.9 مليون شخص، أي ما يوازي 3% من القوة العاملة في القطاع الخاص.فجوة الأجور بين الجنسين في المناصب العليا تزيد بأسرع وتيرة منذ 10 سنواتيمكن لتركز السوق هذا أن يمنح أصحاب العمل ما يطلق عليه الاقتصاديون تسمية قوة احتكار الشراء (وهو أمر مشابه للاحتكار، ولكن يشير إلى الشاري بدل البائع). وكلّما زاد احتكار الشراء في سوق العمل، تراجع التنافس بين الشركات على الموظفين، وهو ما يصعّب عليهم المطالبة بأجور أعلى أو ظروف عمل أفضل.تنافسية أقلويمارس أصحاب العمل هؤلاء نفوذهم بطرق متنوعة. فيتفق البعض منهم على عدم توظيف عمال الشركات الأخرى. وكانت هذه الممارسة أوقعت سابقاً ستّاً من شركات التكنولوجيا (هي: "أدوب" و"أبل" و"غوغل" وإنتا" و"إنتويت" و"بيكسار") بمشكلات مع وزارة العدل في عام 2010. كذلك، تعتمد بعض سلاسل مطاعم الوجبات السريعة اتفاقيات "عدم اصطياد" لموظفي بعضها البعض، ما يمنع الموظفين من الانتقال إلى شركات منافسة. وعلى الرغم من أن الكثير من هذه الشركات تخلّت عن هذه الممارسات قبل الجائحة، إلا أنه بحسب التقديرات التي تعود إلى عام 2017، فإن واحداً من أصل أربعة موظفين أميركيين هو خاضع أو قد سبق وخضع لقوانين عدم المنافسة في حياته المهنية، وهذه القوانين كما يظهر من اسمها، أمر يحدّ من المنافسة في السوق. أجور عادلةولعلّ الدليل الأكثر إدانة لقوة احتكار الشراء هو الدليل المتعلق بالأجور. ففي مراجعة حديثة، استشهدت وزارة الخزانة الأميركية ببحوث تفيد بأن الموظفين يتلقون أجوراً أقل بنسبة 20% من قيمة أجورهم لو عملوا في سوق تنافسية. ويوازي ذلك خصم 200 دولار من معدل أجر أسبوعي يبلغ ألف دولار.إلا أن تأثير احتكار الشراء هذا لا ينطبق على الجميع، حيث إنه قد يمسّ ببعض الموظفين أكثر من غيرهم، بينما قد لا يمسّ بعضهم أبداً، وذلك بحسب القطاع الذي يعملون به ووظيفتهم وسوق العمل.وعلى الرغم من كل الضجيج المحيط بـ"مستقبل العمل"، لا تزال الولايات المتحدة في مرتبة متدنية من حيث القوة التي تمتلكها اليد العاملة في العصر الحديث.ويجب على الإشارات التي تبيّن أن هذا الوضع قد يتغير، أن تشمل على سبيل المثال وضع ضمانات وحماية الموظفين الذين يختارون العمل بدوام جزئي أو بعقود عمل مرنة، ومنح جميع الموظفين أيام عطل مدفوعة بحال المرض، ومنحهم الحق بمعرفة جداولهم الزمنية منذ فترة أسبوعين مسبقاً، مع فرض غرامات في حال التغيير باللحظة الأخيرة من قبل أصحاب العمل، أو حتى رفع الحدّ الأدنى للأجور المفروض على مستوى الولايات المتحدة، والذي لم يتغير منذ 15 عاماً.قد يكون صحيحاً أن الموظفين خرجوا من الوباء مع تفضيلات ومطالب جديدة، لكنهم لا زالوا يفتقدون القوة اللازمة لتحقيق ما يريدون.بقلم: Kathryn A. Edwardsأمازون دوت كوم انك
202.88 USD-2.22
أمازون دوت كوم انك
202.88 USD-2.22