بريطانيا.. العلامة التجارية المَلَكية ووعاء "المارمايت"
قد يبدو للبعض أن تقييم الملكية البريطانية كعلامة تجارية تناول سطحي أو حتى مساس بالطابع المقدّس. لكن الأمر لا يبدو كذلك بالنسبة إلى العائلة المالكة التي اعتبرت نفسها شركة عائلية منذ أن لقّبها جورج السادس باسم "الشركة".بغض النظر عن أوجه التشابه السيميائية (المتعلقة بعلم تحليل الرموز والدلالات) بين الأعلام والعلامات والأناشيد والأنغام والشعارات والعبارات الترويجية، تُعدّ الملكية البريطانية علامة تجارية عالمية، وكانت الملكة سفيرة لهذه العلامة.باستثناء المسيح، كانت إليزابيث الثانية بالتأكيد صاحبة الصور الأكثر استنساخاً في تاريخ البشرية. فعلى سبيل المثال، تُتداول حالياً نحو 4.7 مليار ورقة نقدية و29 مليار قطعة نقود معدنية تحمل صورة الملكة في المملكة المتحدة فقط، والتي تُعتبر شعاراً شخصياً ومؤسسياً ممتداً منذ سبعة عقود. وقد امتد كذلك انتشار الصورة في أوجها إلى 33 دولة أخرى على الأقل.ولفهم حجم رسوخ الملكة في العلامة التجارية "بريطانيا"، انظر إلى التغييرات الجارية في البنية التحتية للبلاد. كانت بعض التغييرات فورية (مثل قَسَم الحكومة؛ والإجراءات القانونية؛ والنشيد الوطني)؛ في حين ستتداخل بعض التغييرات الأخرى لعقود (مثل الرموز البريدية؛ وصياغة جوازات السفر؛ وكتب الصلاة). إلا أنه، مع مرور الوقت، سيدمج تشارلز الثالث بسلاسة في نسيج الدولة ولن تبدو كلمات (حفظ الله الملك) وكأنها مستغرقة للغاية في لغة شكسبير.إليزابيث الثانية قدمت رؤية ثورية بشأن الملكية في بريطانياإذا بدا كل ذلك دستورياً بشكل كبير، يجدر بنا أن نتذكر حجم ما قامت به إليزابيث الثانية لتحديث العلامة التجارية للملكية. مدفوعة بتلاشي الاحترام ومطالب الوسائل الإعلامية، شجّع الأمير فيليب الملكة على استحداث ابتكارات جريئة تُقرّبها إلى رعاياها، بدءاً من السماح بعرض تتويجها على التلفزيون إلى الاختلاط مع العامة في جولات المشي الملكية. أعطت الملكة موافقتها، في عام 1969، على بث الفيلم الوثائقي الرائد، "فلاي أون ذا وول" (Fly on the Wall)، والذي أُذيع في "بي بي سي" لمدة عام كامل.غفران الزلاتبالطبع، تعرّضت الملكة لعثرات شخصية أيضاً. أكثر تلك العثرات إثارة للمشاعر وردت في عام 1966 عندما تأخرت الملكة عن زيارة أبرفان عقب انهيار المنجم الذي قتل 116 طفلاً و28 بالغاً. أما العثرة الأكثر خطورة، فكانت في عام 1997 عندما فشلت الملكة في احترام عمق الألم العام بعد وفاة الأميرة ديانا.مع ذلك، غُفِرَت لها مثل تلك الزلات التي كانت وليدة الحذر وليس القسوة. نمت الثقة في الملكة بمرور الوقت إلى أن وصلت لذروتها عند ظهورها مع جيمس بوند في افتتاح أولمبياد لندن 2012، ثم عندما احتست الشاي مع الدب "بادينغتون" في يونيو الماضي.كان لا يُمكن التفكير في انخراط العلامة التجارية في مثل هذه الشراكات قبل عقد من الزمان فقط، وهي في الحقيقة ليست جرأة سياسية فحسب، ولكنها تدل بشكل مبهر على مدى قدرة الملكة على توجيه وتوسيع العلامة التجارية للملكية لمدة 70 عاماً و214 يوماً.تشارلز ملكاً.. وداع وتتويج يغيران وجه بريطانياولكن ماذا سيحدث إذاً في عهد تشارلز الجديد؟بدا من تصريحات الملك تشارلز الثالث العلنية الأولى، بصفته ملكاً، أنه يُدرك بوضوح ضرورة تقييد أنشطته الخيرية والتجارية المثيرة للجدل مؤخراً، وكذلك آرائه الصريحة حول البيئة والتخطيط الحضري، حتى وإن كانت بارعة.يبدو أن تشارلز ووريثه ويليام يعترفان بأن "الشركة" تتطلب تقليص حجمها، على غرار أسلوب شركة "ماكنزي"، من أجل تأسيس نظام ملكي أكثر انسيابية وخالٍ من المتاعب والمسؤوليات والتشتُّت والإحراج.بقلم: Ben Schottيونيليفر بي ال سي
4,770.00 GBp-0.73
يونيليفر بي ال سي
4,770.00 GBp-0.73
كيف تعيد شركات إدارة الأصول الكبرى رسم صورتها لتستهدف متوسطي الثراء؟
ثلاثة من أكبر الأسماء المرموقة في عالم إدارة ثروات النخبة، فتحت أبوابها الرقمية مؤخراً لتستقبل الشريحة الوسطى من الأثرياء:في فبراير من عام 2021، طوّر بنك "غولدمان ساكس" منصة القروض الشخصية التابعة له "ماركوس"وأطلق خدمة "ماركوس إنفست" (Marcus Invest) وهي "منصة استثمار إلكترونية تضم محافظ مدارة من صناديق مؤشرات متداولة مرتبطة وغير مرتبطة بها".وفقاً لأقوال متداولة، أنفق بنك "جيه بي مورغان" في يونيو من عام 2021 مبلغ 700 مليون جنيه إسترليني (899 مليون دولار) لشراء شركة "ناتميغ"، وهي "واحدة من أنجح الشركات الرقمية المنافسة في سوق إدارة الثروات البريطانية".في يناير من العام الحالي، خصص بنك "يو بي إس غروب" 1.4 مليار دولار نقداً للاستحواذ على شركة "ويلث-فرونت" (Wealthfront)، وهي "شركة رائدة في تقديم خدمة إدارة الثروات إلكترونياً تقدم خدماتها إلى الجيل القادم من المستثمرين".وبالرغم من أن كل واحدة من هذه العلامات تجارية لديها عرض إدارة الثروات الخاص بها، إلا أن جميعها من الناحية الجوهرية هي منصات تداول تتيح "مستشار آلي" (روبوت) للمستثمرين الأفراد، من خلال منصات رقمية تقدم خدمة الاستثمارات الإلكترونية، وهي تقوم على نظام شبه مصمم حسب الطلب بحسب (المخاطر، الأهداف الشخصية، الآفاق الزمنية). وتتقاضى رسوماً تعكس غياب العامل البشري بها، وتشترط رصيداً ابتدائياً منخفضاً.فبينما تحتاج لفتح حساب مع "غولدمان ساكس لإدارة الثروات الخاصة" إلى 10 ملايين دولار على الأقل من الأصول القابلة للاستثمار، تشترط "ماركوس إنفست" ألف دولار فقط.جولة داخل "بيكتيت" السويسري.. كيف يُدار البنك السرّي لأثرياء العالم؟شريحة جديدة من العملاءفلماذا يتكبد هؤلاء المصرفيون الرائدون –الذين ركزوا على مدى أجيال على فئة الـ1% الأكثر ثراء فقط- العناء لجذب عملاء لا يملكون سوى 0.01% من الثروات؟توجد دوافع متنوعة ومتداخلة وراء ذلك:إجمالي المبالغ المتاحة من الأصول تحت الإدارة. تسمى اختصاراً (AUM). وفقاً لتقديرات شركة الاستشارات "باك-إند بنشماركينغ" (Backend Benchmarking)، ارتفعت قيمة الأصول تحت الإدارية الآلية من 631 مليار دولار في عام 2019، إلى 785 مليار دولار في 2020. ومع توسع إجمالي السوق المتاحة (TAM)، تتطلع شركات إدارة الثروات التقليدية بحسد إلى الأصول تحت إدارة رواد الإدارة الآلية والتكنولوجيا المالية من أمثال "بيترمنت" (Betterment)، و"فيديليتي" (Fidelity)، و"شواب" (Schwab)، و "سيغفيغ" (SigFig )، و"فانغورد" (Vanguard). ذلك دون أن نذكر حتى تطبيقات التداول الرائجة (الأشبه بالمقامرة) مثل "روبن هود" (Robinhood)، الذي بلغت قيمة الأصول المدارة فيه 98 مليار دولار، ووصل عدد مستخدميه النشطين شهرياً إلى 17.3 مليون، في ديسمبر من عام 2021.البساطة. في حين أن العملاء من أصحاب الثروات الكبيرة يميلون إلى استخدام هياكل مالية معقدة في مجالات متعددة، فيجب على الأثرياء من المتقاعدين التعامل مع المعاشات والإيرادات السنوية والعوائد والتصرفات العقارية، فإن الشخص العادي العامل المنتمي للشريحة فوق المتوسطة، كل ما يريده من التداول هو الدخول والخروج من السوق بدون أن يحرق أمواله. وبالنسبة إلى هذه الأهداف المتواضعة، فإن تطبيقات "الاستشارة الآلية" قد لا تكون الوسيلة الأنسب للمهمة وإنما، في ضوء انخفاض رسومها، فهي الخيار المُفضل لدى هؤلاء العملاء.عصفوران بحجر. بمجرد تسجيل المستهلكون دخولهم إلى سوق إدارة الثروات، تخيّل لأي درجة يصبح من الأسهل أن يتم بيع منتجات التجزئة المصرفية الأخرى لهم، مثل القروض والرهن العقاري والتأمين والتداول الرقمي وأيضاً، وحتى ربما العملات المشفرة.تطوير القدرات. من خلال الاستثمار في التكنولوجيا المتطورة، ورأس المال البشري المطلوب للاستشارات الآلية، تضمن البنوك التقليدية في نفس الوقت أن تصبح مجهزة بطريقة أفضل لخدمة المليارديرات العصريين الذين يفضلون هم أيضاً شاشات المعلومات الرقمية وتطبيقات الهاتف المحمول على المكاتب المليئة والمكسوة بخشب البلوط.استهداف الأجيال الجديدة من الأثرياء. أي شخص يعتقد أن أبناء الجيل زد، وجيل الألفية والجيل إكس، ليس لديهم ما يقدمونه للاقتصاد سوى القروض الشخصية وشطائر الأفوكادو، ينبغي عليه أن يتذكر الحسابات الاكتوارية (علم حسابات التأمين) للسكان الآخذين بالتقدم بالعمر. فمع كل يوم يمر، هناك أشخاص من الجيلين إكس وزد يجنون الحصاد المالي الذي زرعه أغنى الأجيال على الإطلاق، ممن ولدوا خلال الفترة من 1946 وحتى 1964، وحالياً تتراوح أعمارهم بين 58 و76 عاماً. ووفقا لبنك "مورغان ستانلي"، تعد تلك "أكبر عملية انتقال للثروات بين الأجيال في التاريخ، إذ أن 30 مليار دولار سوف تنتقل ملكيتها خلال العقود القليلة المقبلة" من جيل لآخر. وكما كانت لافتات المطاعم الأمريكية تكتب في يوم ما: "عميل كوكتيل الحليب اليوم، هو عميل شرائح اللحم غداً"، فإنهم سيكونون عملاء المستقبل.جيل الألفية يُعيد رسم سوق العقارات الفاخرةخطط العلاقات العامةكل ذلك يطرح لغزاً: فإذا لم تكن إدارة الثروة هذه مصممة لخدمة الأثرياء فقط، ما هي أفضل علامة تجارية يمكن وضعها لهذا المنتج؟بالنسبة للكثير من الغارقين في تقاليد إدارة الثروات، فإن "ويلث تك" تناقض نفسها، فالمرء إما يستطيع الحصول على "اللمسة النخبوية" أو اللمسة التي يحصل عليها العامة. غير أن هذا التفكير المتصلب يصطدم باستمرار مع حاضرنا الديمقراطي المتغير، والذي يتوجه مباشرة إلى المستهلك، حيث المواطنون الرقميون لا يملكون الوقت ولا السمات الشخصية للتحدث بود وليونة مع المستشارين من ذوي القمصان الراقية الذين ورثوا التعامل معهم عن أجدادهم، أو نصح بهم صديق.في هذه الأجواء الجديدة غير الرسمية، حيث يتنافس الكلام الشفهي مع الضغط على الأزرار، تصبح العلامات التجارية الكبرى مثل "غولدمان ساكس" سيفاً ذا حدين، فهي من ناحية تستند إلى التاريخ والاستقرار والخبرات العميقة، ومن ناحية أخرى تعكس افتراضات ضمنية بالتكاليف المرتفعة والحصرية وترهيب المستهلك.يمتلك الألمان كلمة تعبر جيداً عن هذا المعنى، وهي (Schwellenangst) وتترجم حرفياً "الخوف من العتبة". وهي تعني الخوف من المجهول، وتستخدم مجازياً في قطاع الفنون لتصف التوجّس الذي يجعل المبتدئين يترددون إزاء مجرد تجربة حضور فعاليات الثقافة "الرفيعة" مثل الموسيقى الكلاسيكية والأوبرا والباليه."بنك أوف أمريكا": الجيل "زد" سُيغيٍّر توجُّهات الاستثمار إلى الأبدهذا الخوف من المجهول يضع المصرفيين ذوي الشارات المُنمقة أمام معضلة صعبة، فهل يجب عليهم أن يتمسكوا بتراث علاماتهم أم يبتكروا علامة تجارية مستقلة للتكنولوجيا المالية؟ أم ينبغي عليهم تجربة شكلاً هجيناً يجمع بين الاثنين؟لعبة شعاراتالأسلوب الهجين كان هو الذي تبنته كلٌّ من "جيه بي مورغان" و"غولدمان ساكس"، حيث ربطا منتجاتهما بتاريخ مؤسسيها. (سميت منصة "ماركوس" تيمناً باسم مؤسس البنك "ماركوس غولدمان" 1821-1904). ومن الملاحظ أن شعار كلاً من "ناتميغ" و"ماركوس" لم يستخدما فقط نفس خط الكتابة التي تستخدمه الشركات المؤسسة، وإنما أيضاً استخدم كلاهما عبارات تعريفية تدل على الشركة الأم. رغم أن هناك اختلافاً مثيراً للاهتمام بين وقع شعاري كل منهما بين الموحي بعالم الشركات: "أحد شركات جيه بي مورغان“ (a JPMorgan company)، والمشير إلى التعاونية: "بواسطة غولدمان ساكس" (by Goldman Sachs).وبالمثل، فإن موقعي المنصتين على الإنترنت يعكسان فقط ابتعاداً طفيفاً عن الطبيعة الرسمية للشركات، خاصة عندما تتم المقارنة بشكل وطابع "ناتميغ" قبل الاستحواذ عليها.على النقيض من ذلك، شركة "ويلث فرونت" (اسمها الحالي) لا تركز على ملكية بنك "يو بي إس" لها في موقعها. وتقدم بدلاً من ذلك قصة لطيفة عن المنصة على موقعها، حيث تذكر: "عندما تكلم أندي مع دان هاتفياً" (مؤسسا الشركة)، "اكتشفا أنهما لا يتشاركان فقط رسالة المساعدة في جعل الوصول إلى النصائح المالية ذات المستوى المرتفع أمراً نخبوياً، وإنما أيضاً اتفقا أن البرمجيات تستطيع أن تفتح للجميع فرصاً كبيرة للاستثمار".خطاب أكثر عصريةمع ذلك، عندما يتعلق الأمر بخطاب الشركات، نجد أن العلامات التجارية الثلاث جميعها تتمتع بحرية أكثر من شركاتها الأصلية. فأن ترتبط شكلاً بالشركة الأم، يختلف عن كون خطابك مطابقاً لها. قارن خطاب "غولدمان لإدارة الثروات الخاصة" (ذو اللغة الجريئة)..."إنها ميزة خاصة أن تعطي المشورة لأكثر الناس والمؤسسات تأثيراً في العالم. أسلوب "غولدمان ساكس" بالتواصل الشخصي العميق يتجاوز إدارة الثروة والاستثمار، فهو يتيح شراكة مدى الحياة بهدف النمو. انضم إلينا لتستفيد من الخبرات والفرص والتواصل"....مع أسلوب "ويلث فرونت" الظريف:"إذا حاولت أن تفعل أمراً بنفسك، فإنك لن تكون واثقاً أبداً من أنك اتخذت القرارات الصحيحية. وإذا كنت تستعين بالمستشارين، فلن تعرف أبداً ما إذا كانوا يتخذون أفضل القرارات لصالحك أم لصالح أنفسهم. "ويلث فرونت" ترفع مستوى اللعب. لأن الجميع يستحق فرصة متساوية للنجاح"....ثم هناك صراحة "ناتميغ" المجردّة:"الاستثمار قد يكون صعباً. فقط اسأل جميع من حاولوا تحدي السوق وفشلوا في ذلك. لحسن الحظ، لدينا الأشخاص والتكنولوجيا والمحافظ اللازمة للمساعدة"....والتي مع ذلك لا تقارن بأسلوبها قبل الاستحواذ عليها من قبل "جيه بي مورغان"، والتي على الأرجح توقف البنك عندها:"مع أننا لا نزال ننتظر كيف سيغير بنك "يو بي إس" هوية شركة "ويلث فرونت" وخطابها، فإن ما يثير الفضول أن جميع هذه العلامات المعتمدة على الروبوتات، لم يتم حتى الآن ضم أي منها تحت العلامة التجارية الرئيسية لملّاكها. فهل يكون هذا مجرد خطأ؟"إعادة بناء السمعةأكثر الأمور التي تسبب التوتر لأي علامة فاخرة تسعى إلى الحصول على قبول شعبي، هي كفاحها لنزع التنميط الطبقي عنها، كما حدث مع شركات مثل "ستيلا آرتواس" (Stella Artois) و"باتاغونيا" (Patagonia) وأكثرها شهرة "بربري غروب" (Burberry)، التي اقتربت علامتها التجارية من الانهيار خلال الألفينيات عندما غمرتها المنتجات المزيفة، والصور النمطية للمتعجرفين الذين لا يرغب مستهلكو الطبقة العاملة بالتشبّه بهم.بعد غياب.. تجارة السلع الفاخرة تعود إلى الولايات المتحدةوللدفاع ضد هذا النوع من إضعاف العلامة التجارية (أو حتى تدميرها)، ومنع تدمير اسمها في السوق، طورت نظم تسويق السلع الفاخرة عدداً من الإستراتيجيات التي تجذب الجماهير ونقودهم وتحمي سمعتها الفاخرة بالوقت عينه:خطوط جديدة. تصميمات أقل ثمناً، وهي نسخ ذات خطط ترويج مبهرجة غالباً مقارنة بـ"الخط الأساسي" (منها: "مارك من مارك جاكوب" و"ميو ميو من برادا"، و"فيرسوس من فرساتشي"). وهي أسست بنية جذب اهتمام "المستخدمين اليومين" بدون مضايقة العملاء من النخبة. كذلك في الآونة الأخيرة، ابتكرت علامات تجارية علمانية (ذات طابع جنسي) مثل ("ديور"، و"برادا"، و"إتش أند إم"، و"دولتشي أند غابانا" و "يونيكلو") "خطوطاً محتشمة" ذات طابع ديني، وطرحت "مجموعات رمضانية" لتجذب إليها العملاء المتدينين، فلماذا تضحّي بالأموال؟هل اللحوم المُصنَّعة في المختبرات حلال؟منتجات في متناول الجميع. منتجات جلدية وإكسسوارات ونظارات ومستحضرات تجميل وعطور تمنح عامة الناس لمسة من المنتجات الفاخرة، أو نفحة منها على الأقل. كشف تحليل مجموع نشاط إيرادات شركة "إل في إم إتش" (LVMH) في عام 2021 أن 9% منها كان من النبيذ والمشروبات الكحولية، و10% من العطور ومستحضرات التجميل، و14% من ساعات اليد والمجوهرات، و19% من سلع التجزئة انتقائية والأنشطة أخرى، بينما جاء 48% منها من الأزياء والمنتجات جلدية.لذوي الدخل الأقل. منتجات تحمل ملصقات مخفية تقول "صنعت للمتاجر الكبرى" تحقق نجاحاً كبيراًِ، وهي عادة تصنع من خامات أقل ثمناً، وتحمل نسب خصم يصعب تصديقها.أيضاً، مؤخراً لجأت العلامات الفاخرة إلى تبنّي المفاهيم التالية:التعاونات. حيث أدى ظهور المنتجات ذات النسخ المحدودة (والمخاطر المحدودة) إلى ضجيج إعلامي قاد بدوره إقبال استهلاكي.إعادة الامتلاك. حيث قامت العلامات التجارية الأكثر نخبوية "الحقيقية" (منها "غوتشي" و"فلانتينو" و"جان بول غوتييه") باستعادة السيطرة على "مخزونها الرائج سابقاً" بشراء منتجاتها القديمة من متاجر السلع القديمة ومن يبيعون المنتجات المستعملة عبر الإنترنت. على سبيل المثال: "أنكور من أوسكار دو لا رنتا "تدعوكم إلى: "التسوق من منتجات تعود لعقود تاريخية من الأزياء، وثّقها أمناء الأرشيف لدينا، وتم تجديدها يدويا في الورشات الخاصة بنا".للمفارقة، قد تكون الثروة هي الشيء الوحيد المحصن ضد التنميط الطبقي، لأن النقود هي ما يشكل جوهر المكانة الذي لا يمكن اختزالها بصفة ما، حيث تشكّل "رموز المكانة" إما تمويهاً عن أمر ما أو تأكيداً له. فمن الجدير بالملاحظة أن النظام الغذائي الذي يتبعه وارين بافيت من غذاء غير صحي وشراب "كوكاكولا" تعتبر مركز أسطورته التي تجعل منه "حكيم مدينة أوماها"، والتي يصرف من خلالها الانتباه عن ثروته البالغة 128 مليار دولار. لكن اختيارات الأطعمة نفسها من قبل دونالد ترمب يُسخر منها، وترى على أنها أمر غريب وفيه "تدمير للذات"، وهي تؤكد الرأي الذي يراه بأنه "شعبوي، ورخيص، وربما غير مستساغ بالنسبة لمعظم الناس".بقلم: Ben Schottغولدمان ساكس غروب انك
523.40 USD+0.51
غولدمان ساكس غروب انك
523.40 USD+0.51
أعطوا "أمازون" و"فيسبوك" مقعداً في الأمم المتحدة
بات من الصعب أكثر فأكثر التمييز ما بين العلامات التجارية والدول السيادية، ولا يقتصر هذا الشبه على السيميائيات، فهناك: الشعارات (الأعلام)، والأناشيد الوطنية (الأنغام)، والشعارات الوطنية (شعار الشركة)، ورسالة الشركة (الدساتير)، وقصة المؤسس (تاريخ البلد)، والأحكام والشروط (القوانين)... والهيكليات: الزبائن (المواطنون)، وأصحاب الأسهم (المشرعون)، ومجالس الإدارة (السلطة التنفيذية)، ورؤساء مجلس الإدارة (الملوك)، والرؤساء التنفيذيون (رؤساء الدول)، ومجالس المراقبة (القضاة)... أمّا على صعيد الحجم فالمقارنة مذهلة، إذ يوازي عدد موظفي شركة "ولمارت" عدد سكان بوتسوانا، أمّا القيمة السوقية لـ"مايكروسوفت" فأكبر من الناتج المحلي الإجمالي لدولة مثل البرازيل، فيما تملك شركة "فيديكس" أسطول طائرات أكبر بخمس مرات من الخطوط الجوية الهندية، إلا أن وجه الشبه الأكبر ينشأ عن اتساع طموح العلامات التجارية، وشدّة اعتمادنا عليها.اقرأ أيضاً: هذه الشركات لديها 3 تريليونات دولار.. أين ستستثمرها؟الحكم في قضية "أبل" يفرض عقبات أمام تعهد بايدن بالتعامل مع عمالقة التكنولوجيافلنأخذ أزمة الرقاقات الحالية على سبيل المثال. اليوم، تعتمد قطاعات اقتصادية عديدة حول العالم على صناعة الرقاقات التي تسيطر عليها شركة "تايوان لصناعة أشباه الموصلات" (Taiwan Semiconductor Manufacturing Co) بنسبة 55%، فهي تختار أي شركات تحصل على الرقاقات، وأي دول تحصل على معامل الرقاقات الجديدة، حتى إن قيادة الشركة سبق وحذرت الدول السيادية من مغبة منافستها عبر محاولة نقل هذه الصناعة إليها، كما نبهت الصين إلى اجتياح تايوان.وقال رئيس مجلس إدارة شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، مارك ليو"، في ما يخص قيام الصين باجتياح: "دعوني أقُل لكم إنّ الجميع يريد السلام في مضيق تايوان، لأن ذلك يصبّ في مصلحة كلّ الدول، ولكن أيضاً بسبب وجود سلسلة توريد أشباه الموصلات في تايوان فلا أحد يرغب في عرقلتها".إذا بدا لكم هذا الأمر غريباً وأشبه بمقارنة ذبابة بعملاق، فقد يعود ذلك إلى الهيمنة الثقافية لمفهوم الـ"ويستفاليا" العائد إلى عام 1648، الذي صوّر الميزان العالمي للقوة على شكل فسيفساء من الدول السيادية ذات السطوة المركزية والموحدة ثقافياً، إذ يمارس كلّ منها احتكاراً للقوة ضمن حدود معترف بها.لكن على أرض الواقع، هذه المسلمات "الويستفالية" لطالما كانت مرنة إلى حدّ ما، فغالباً ما تواجه سيادة الدول تحديات عسكرية وقانونية واقتصادية، وكثيراً ما انصاعت السطوة المركزية للمطالب المنادية بالديمقراطية والحكم الذاتي الإقليمي، فيما تفتت الوحدة الثقافية في وجه الحرية الدينية والهجرة الجماعية والعولمة. كما أن احتكار القوة يواجه تحديات الإرهاب غير الخاضع لأي دولة، والهجمات السايبرية غير الموجهة من دول، فيما تدنّست قدسية حدود الدول بوابل من التلوث والتغير المناخي والأجناس الغازية والأمراض المعدية.مع ذلك، وعلى الرغم من محدودية أفق النظرة "الويستفالية"، فإنها تشكل عدسة يمكن من خلالها النظر إلى صعود العلامات التجارية كلاعبين دوليين بحد ذاتهم.الدفاع ومجال العملبقلم: Ben Schottأمازون دوت كوم انك
194.72 USD+1.39
أمازون دوت كوم انك
194.72 USD+1.39