هل ستودّع بريطانيا بذخ الملكية بعد حفل تتويج تشارلز؟
جرت يوم السبت رسمياً مراسم تتويج الملك البريطاني البالغ من العمر 74 عاماً ليتقلّد المنصب المقدّر له سلفاً منذ ولادته، فيما شكّل حدثاً غريباً بحد ذاته في بلد يعاني مستويات قياسية من ضعف التوظيف وأزمة غلاء معيشية حادّة. لكنَّ تتويج الملك تشارلز الثالث، وهو أحد الأثرياء على مستوى العالم، قد موّله دافعو الضرائب أيضاً، حيث تقدّر التكلفة بأكثر من 100 مليون دولار، بل وتُمنح عطلة وطنية بمناسبة هذا الاحتفال.بينما يتلقى الملك الجديد "الجرم السماوي" والصولجان وخاتم التتويج، ويُمسح بالزيت المقدس الذي أُنتج خصيصاً لهذا الغرض في القدس؛ ستوجّه الدعوة لرعاياه في جميع أنحاء المملكة المتحدة وخارجها ليقولوا كلمات: "أقسم أنَّني سأقدّم فروض الولاء الحقيقي لجلالتك ولورثتك وخلفائك امتثالاً للقانون، وليساعدني الله".حفل تتويج الملك تشارلز.. عبء أم منفعة لاقتصاد بريطانيا؟"العبثية يمكن أن تكون كاملة، ويبدو أنَّها تسخر من التحليل، فهي تبعد المتفرج عن الغضب، وتخرجه من اليأس إلى الحياد". كتب هذه الكلمات "في. سي. نايبول" الذي كان قد استخدمها في الأصل لوصف حال الهند ما بعد الاستعمار، وأُعيدت صياغتها بشكل طفيف، لتنطبق اليوم على بريطانيا ما بعد الإمبراطورية، إذ يمكن القول أيضاً إنَّها "حضارة أصابها جُرح" بالغ، وتحكمها "طقوس وأسطورة"، ويبدو أنَّها "غير قادرة على الإصلاح الدائم، أو تصحيح تفسير العالم الجديد".بقلم: Pankaj Mishraالدولار الأميركي مقابل الجنيه الإسترليني
0.7710 GBP-0.3761

الدولار الأميركي مقابل الجنيه الإسترليني
0.7710 GBP-0.3761
على أوكرانيا أن تحذر بشأن هدايا البريطانيين
بات كثيرون ينظرون بشكل متزايد إلى المفاوضات، باعتبارها السبيل الوحيد لإنهاء العنف والمعاناة في أوكرانيا. لكن مع ذلك، ما لا يدركه أحد في العالم، هو أن الطريق إلى وقف إطلاق النار دونه عقبات يقف وراءها خصوم تفصلهم جغرافياً عن أوكرانيا مسافة بعيدة: إنهم ثلاثة أعضاء كبار في حكومة المملكة المتحدة.اقرأ أيضاً: مجموعة السبع تخطط لحزمة مساعدات لأوكرانيا بـ15 مليار يوروسعى رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، ووزيرة خارجيته، ليز تراس، ووزير دفاعه، بن والاس، إلى تعزيز مكاسبهم السياسية، من خلال الحرب في أوكرانيا. بالنسبة إلى جونسون، جاء هجوم فلاديمير بوتين على أوكرانيا في التوقيت المناسب. ففي أواخر فبراير، واجه جونسون أسوأ أزمة خلال رئاسته للحكومة، والتي باتت تُعرف باسم "بارتيغيت" (partygate)، بعدما انقلب زملاؤه من حزب المحافظين ضدّه بسبب الكشف عن تجمعات غير قانونية في مقر الحكومة (10 داونينغ ستريت) حضرها جونسون، بما يخالف القوانين التي فرضتها حكومته في ذروة تفشي الوباء.اقرأ المزيد: بريطانيا تُلمّح إلى إمكانية رفع العقوبات عن روسيا إذا انسحبت من أوكرانياسارع جونسون إلى إرسال أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا – حيث كان أحد أوائل قادة العالم الذين فعلوا ذلك. ثم أصبح أول زعيم من أوروبا الغربية يخاطب البرلمان الأوكراني. خطابه المثير، ومحاولته تقليد إيقاعات تشرشل، جعلا جونسون بطلاً في أوكرانيا، رغم أنه أصبح في وطنه أول رئيس وزراء بريطاني يواجه عقوبات جنائية.على عكس الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، أولاف شولتس، قام جونسون شخصياً بزيارة كييف. وفي الأسبوعين الماضيين، كانت له جولات دعائية كثيرة إلى فنلندا والسويد، حيث وعد بالدفاع عنهما في حال تعرض أي منهما لهجوم من روسيا.في الواقع، تقود المملكة المتحدة قوة الرد السريع المشتركة - وهي مجموعة عسكرية تتكون من النرويج والدنمارك وفنلندا والسويد وأيسلندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وهولندا. وهذا يعني أن جونسون يقود جيشاً أوروبياً لا ينضوي تحت مظلة الاتحاد الأوروبي، كما أنه يسعى مجدداً إلى استلهام قدوته، ونستون تشرشل، الذي أنقذت الحرب مسيرته التي كانت قد أفسدتها سلسلة من عدم الكفاءة والانتهازية.حرب بالوكالةالمشكلة هي أن جونسون يؤجج فعلياً حرباً لا تقاتل فيها المملكة المتحدة بشكل مباشر. وبدلاً عن ذلك، فإن الأوكرانيين يقاتلون ويموتون، وبلدهم هو الذي يُدمر ويُفرغ من سكانه.يذكر أنه حتى في حال غادر جونسون منصبه، فإن ذلك لن يضع حداً لمخاطر المغامرة، إذ، وعلى العكس من ذلك، يجد كل من تراس ووالاس، وهما الخليفتان المحتملتان لجونسون، أن تبني خطاب عدواني أكثر من خطاب رئيس الوزراء الحالي، سيعزز مسارهما المهني أيضاً.بدأت تراس، التي نشرت صوراً لنفسها على "إنستغرام" وهي على دبابة، حملتها الحربية بالقول إنها ستدعم توجه البريطانيين إلى أوكرانيا للانضمام إلى القتال ضد الروس - وهو اقتراح قوبل بازدراء من جانب أعضاء حزبها، ورفضه الجيش البريطاني في نهاية الأمر.تصر تراس حالياً على ضرورة إخراج روسيا من شبه جزيرة القرم. كما ردد والاس، الذي شبه بوتين بهتلر، مطلب إخراج روسيا من شبه جزيرة القرم.كما أشار زميلي في "بلومبرغ أوبينيون" ماكس هاستينغز الأسبوع الماضي، فإن تراس ووالاس يشبهان كثيراً "مشجعي كرة القدم الذين يصرخون من المدرجات البعيدة"، بدلاً من أن يتمتعا يالجدية كوزيرين للخارجية والدفاع.دفع خطابهما حول شبه جزيرة القرم، نيل أشرسون، مؤلف كتاب "البحر الأسود" والمراقب منذ فترة طويلة لأوراسيا، إلى كتابة رسالة حادة وغير معهود لصحيفة "الغارديان"، يحذر فيها أن تراس تخاطر بالسماح بوقوع "حمام دم" في المنطقة.معرفة سطحيةبالتأكيد، يجب أن تحسن تراس معرفة الجغرافيا قبل أن تنجح في الجغرافيا السياسية. قالت مؤخراً إن بريطانيا ستدعم "حلفاءنا في منطقة البلطيق عبر البحر الأسود"، حيث تقوم بدمج المسطحات المائية التي تفصل بينها مسافة 700 ميل. وفي اجتماع شديد التوتر مع نظيرها الروسي في وقت سابق من العام الجاري، أكدت تراس أن المملكة المتحدة لن تعترف أبدا بسيادة روسيا على أراضي منطقتي روستوف وفورونيغ. وما كان على السفيرة البريطانية لدى موسكو، سوى التدخل، وإبلاغ وزيرة خارجية بلادها - بهدوء - بالخطأ الفادح الذي ارتكبته.حتى عندما تقبل المساعدة الأساسية منهم، تبقى أوكرانيا بحاجة إلى توخي الحذر من مثل هؤلاء الأصدقاء البريطانيين. نجاحات أوركانيا العسكرية ستضمن لها في أحسن الأحوال، موقفاً تفاوضياً جيداً مع روسيا، بدلاً من النصر المباشر أو استعادة شبه جزيرة القرم التي طلبها الرعاة البريطانيون المتحمسون.الاندفاعة الأوكرانية وراء جونسون، لها مخاطر أخرى. قد يؤدي تقارب كييف مع الحكومة البريطانية إلى تعقيد علاقتها مع الاتحاد الأوروبي. إن مقلدي شخصيات مثل تشرشل، حتى أثناء كتابتي هذه، يدمّرون صفقة التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن أيرلندا الشمالية، ما يقّوض سلطة بلادهم ومصداقيتها.في حالة وقوفه خلف زعيم خارج عن القانون، وعدم قدرته على إيجاد بدائل أفضل، ربما يكون حزب المحافظين قد تخلى عن الكفاءة العادية، فضلاً عن اللياقة العامة. لذلك، يجب أن تكون بقيتنا أكثر يقظة إزاء الحالة المتدهورة للسياسة البريطانية المحلية - والعنصر المتقلب الذي تمثله في الحرب في أوكرانيا.بقلم: Pankaj Mishra
لماذا تسعى دول للنأي بنفسها عن الحرب الباردة الجديدة؟
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه عن حالة الاتحاد، إن "الديمقراطيات ترتقي لمستوى المسؤولية" فيما يشن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حرباً شرسة على أوكرانيا. يقود فرانسيس فوكوياما مجموعة معلقين يزعمون عودة "روح 1989" وأننا على وشك أن نشهد "ولادة جديدة للحرية" عالمياً.يردد مثل هذا الخطاب الخطير عادةً أشخاص عايشوا الأيام الأخيرة العنيدة من الحرب الباردة، وقد يجعل الدول الغربية تسيء مجدداً قراءتها للعالم وقدرتها على تشكيله.إن الحقائق الجيوسياسية اليوم أكثر فوضوية مما كانت عليه إبان الحرب الباردة بشكل يطمس التباين الأخلاقي بين الديمقراطية والاستبداد.لماذا تحجم إسرائيل عن تزويد أوكرانيا بمنظومة القبة الحديدية؟إنّ توجّه الولايات المتحدة إلى فنزويلا، وربما إلى إيران، بغرض تخفيف الضغط الدافع لصعود أسعار النفط يهدّد بتفريغ "تحالفها من الديمقراطيات".كما يبدو أن الصين، التي كانت شريكاً موثوقاً به ضد الاتحاد السوفييتي في سبعينيات القرن الماضي، قد خلصت إلى أن الارتباط الوثيق مع الغرب ليس مرغوباً به أو قابلاً للتطبيق، إنها تضخم حالياً الدعاية الروسية، وتسكت الأصوات المناهضة لبوتين.يبدو أن الأهم من ذلك هو أن مجموعة كبيرة من الدول تبدو مستعدة للنأي بنفسها عن الحرب الباردة الجديدة بين روسيا والغرب الذي توحد في عجالة.بقلم: Pankaj Mishra