لطالما كانت المرأة ضمن أكفأ من ينفذون حركات الاستسلام والرميات القوية، بين حركات أخرى ترتبط بالفنون القتالية المختلطة ومصارعة المحترفين، ما يجذب ملايين المشجعين المخلصين الأميركيين. لكن رغم التمثيل البارز في الحلبة، ما تزال المرأة تمثل جزءاً ضئيلاً نسبياً من الجمهور خارجها.
هذه مشكلة تواجهها شركتا "ألتيميت فايتنغ تشامبيونشيب"-"يو إف سي"- (Ultimate Fighting Championship) و"وورلد ريسلينغ إنترتينمنت"-أو "دبليو دبليو إي" - أكبر مروجتين في العالم للفنون القتالية المختلطة ومصارعة المحترفين، على التوالي. يتباطأ نمو جمهور "يو إف سي" في الولايات المتحدة، فيما تمر "دبليو دبليو إي" بحالة ركود، وفقاً لتقديراتها.
لحسن حظ الشركتين، جاءت فرصة تصحيح المسار، ففي الأسبوع الماضي، اندمجت "يو إف سي" و"دبليو دبليو إي" لتكوِّنا شركة "تي كيه أو غروب هولدينغز" (TKO Group Holdings)، لتصبح عملاقة للترفيه الرياضي قيمتها مليارات الدولارات. الجهد المشترك بهدف جذب المرأة هو العلاج الذي تحتاجه كلتا الشركتين.
ثورة في الرياضات النسائية
للمرأة باع طويل في الرياضات القتالية للمحترفين، يعود تاريخه إلى عقود، في حين وفرت المصارعة أكبر الفرص، وربما أولها. لم يكن المجال منفتحاً، وغالباً ما استُغلت المُشاركات للترويح عن المشجعين الرجال، فيما ينتظرون مباريات المصارعين "الحقيقيين".
لكن الرياضة لم تبق حبيسة ماضيها تماماً. فخلال السنوات الماضية، جرى التخلص من دوافع سيئة عديدة. في 2015، وقفت ستيفاني ماكمان، ابنة فينس ماكمان، الرئيس التنفيذي لـ"دبليو دبليو إي" ذلك الوقت، والمصارعة السابقة والمديرة التنفيذية للشركة، أمام حشد صاخب من جمهور المصارعة وأعلنت تغييراً؛ هناك ثورة في الرياضات النسائية، و"دبليو دبليو إي" ستشارك فيها.
وقد حدث، فتصدرت المصارعات مباريات "ريسلمانيا" الشهيرة والعروض ذات الاشتراك المدفوع التي تروج لها الشركة.
كما أنهن، كما كتبت ستيفاني ماكمان في 2016، يتنافسن على لقب بطولة النساء "بنفس الجوانب الجمالية التي تشهدها منافسة الرجال على لقب (دابليو دابليو إي) لبطل العالم في الوزن الثقيل". في إطار تجديد العلامة التجارية، تخلصت الشركة من لقبي "النجمة" (diva)، وبطلة وزن الفراشة، اللذين طالما أشارا إلى المتنافسات. ورغم استمرار ارتدائهن للبيكيني، تركز القصص (فهي ما زالت مصارعة المحترفين قبل كل شيء) بشكل أكبر على قدرات الرياضية وشخصيتها، وعلى جنسها بصورة أقل.
قضايا عالقة
في 2020، زعمت "دبليو دبليو إي" أن نحو 40% من جمهورها نساء، أي أن عددهن قد زاد منذ تبني ماكماهون المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص.
بالطبع، ما تزال هناك قضايا عالقة، بدءاً بعودة مؤسس "دبليو دبليو إي" والرئيس التنفيذي الحالي لشركة "تي كيه أو"، فينس ماكماهون، المتهم بارتكاب سلوك جنسي غير لائق. لكن ذلك لم يصرف انتباهه عن الجهود الجديرة بالإعجاب التي تبذلها الشركة لتشجيع المرأة، داخل الحلبة وخارجها.
لسوء حظ "تي كيه أو" ومساهميها، "يو إف سي" لا تملك نفس النزعة التقدمية أو تنجح بذات القدر في جذب النساء. ففي 2021، كشفت شركة "آي إم جي أرينا" (IMG Arena) لتحليل البيانات الرياضية التي تتعاون مع "يو إف سي"، أن 75% من المشجعين هم رجال، رغم وضعها صور الرياضيات في الجزء الأعلى من تذاكر المباريات لسنوات، وأن بعض أكثر مقاتليها شهرةً هم نساء.
مشكلتان أساسيتان
لتستفيد "تي كي أو" من التقدم الذي أحرزته "دبليو دبليو إي" مع الجمهور النسائي، هناك مشكلتان يجب الاعتراف بهما ومعالجتهما.
الأولى؛ أن كلتا الرياضتين في حاجة إلى وجوه عامة وقيادة جديدة. فيجب أن يتنحى فينس ماكماهون عن منصبه نظراً للأسباب التي سبق ذكرها، وكذلك دانا وايت، الرئيس التنفيذي الحالي لـ"يو إف سي"، الذي يعارض بشكل واضح قتال النساء في نزالات "يو إف سي"، وصُور في وقت سابق من هذا العام يضرب زوجته. لا يمكن أن يكون أي من الرجلين هو الوجه العام لمباريات رياضية تشارك فيها رياضيات. وعوضاً عنهما، يجب أن يُعين مجلس إدارة "تي كيه أو" نساء وقادة أكثر تنوعاً يمثلون المقاتلين داخل الحلبة بشكل أفضل.
الثانية؛ يجب أن تتعامل "تي كيه أو" مع الادعاءات المستمرة بأن "يو إف سي" تبخس أجور رياضييها وتستغلهم. كما أن هناك مزاعم أخرى، على النحو الموضح في دعوى مكافحة الاحتكار الفيدرالية التي تنظر فيها المحكمة في الفترة الحالية، من بينها أن الشركة تجبر المقاتلين على التوقيع على عقود متشددة تضع حداً لزيادة الأجر وتمنع الرياضيين من طلب التمثيل الحر. وفق أحد التقديرات، يجنى مقاتلو "يو إف سي" 13% فقط من إيرادات مبارياتهم في العروض ذات الاشتراك المدفوع، مقارنة بحصول الرياضيين في الرياضات الاحترافية الأخرى على ما يقارب نصف إجمالي إيرادات البطولة. فيما يشير تقدير واحد على الأقل إلى أن المقاتلات يجنين نسبة أقل، فكان متوسط المكافأة التي يحصلن عليها في 2021 نحو 68% مما يجنيه المقاتلون الذكور.
ما ستفعله تلك الممارسات هو أنها ستنفر مشجعي الرياضة المنخرطين في المجتمع فحسب، سواء كانوا نساء أم رجالاً، وتضر بتوقعات نمو "تي كيه أو" في المدى الطويل. من مصلحة الشركة أن تسعى لتسوية قضية مكافحة الاحتكار بشكل سريع، وتزيد نسبة الإيرادات المخصصة للمقاتلين، وعدم إهمال المرأة خلال العملية. تغيير الثقافة ليس سهلاً، لكن المفترض أن المنفعة المحتملة، وهي زيادة عدد المشاهدين، ستعوضها عن المعاناة، بل وأكثر.
ستكون هذه ضربة قاضية حقيقية توجهها "تي كيه أو" للعالم والرياضات القتالية.