بلومبرغ
بعد مضي ثلاثة شهور فقط من دعم تايلاند للشركات التي تكافح من أجل النجاة إبان الوباء بـ11 مليار دولار ، يُراهن أحد أبناء أغنى سلالة تجار في البلاد على أن خطة الإنقاذ لن تكون كافية لسد طوفان الأصول المتعثرة.
يخطط ستشوين تشايارافانونت، الذي تُسيطر عائلته على مجموعة "تشاريون بوكفاند" (Charoen Pokphand) منذ 100 عام، إلى جمع 500 مليون دولار لمشروعه الرئيسي "بازل 9"، الذي يعنى بالاستثمار المغامر بالملكية الخاصة، بهدف استخدام معظم الأموال الجديدة لتكثيف عمليات شراء الأصول المتعثّرة. ويستعد الصندوق للاستفادة من القروض المعدومة التي ترتفع حتى من أعلى مستوياتها في 16 عاماً، فيما يُعاني ثاني أكبر اقتصادات جنوب شرق آسيا من أسوأ ركود منذ الأزمة الآسيوية أواخر التسعينات.
في مقابلة هاتفية الأسبوع الماضي، قال ستشوين، 29 عاماً، إن "السياسات المتعلقة بإدارة الديون المتعثّرة غير مستدامة. السؤال المطروح هو متى، وليس هل، تغرق السوق بكثير من الديون المتعثّرة".
ويُضاعف والوب تشايارافانونت، حفيد نائب رئيس مجلس الإدارة المشارك بـ"سي بي غروب" (CP Group)، رهانه على القروض غير المضمونة بينما تُساعد الحزم التحفيزية حول العالم الشركات على تجاوز الركود وتقليص الأصول المتعثّرة. يأتي ذلك فيما يخفض المقرضون التايلانديون مبيعاتهم، إذ قال أكبر مدير للأصول في البلاد، "بانكوك كوميرشال"، الشهر الماضي إنه اشترى 500 مليون بات (15.6 مليون دولار) فقط من الديون المعدومة هذا العام، أي أقل بكثير من هدف 2021 البالغ 9 مليار بات.
تأخّر التعافي
في ظل بطء سير حملة التطعيم في البلاد، تُعيق سلالات الفيروس الأكثر ضراوة وتفشّيها في عدة بؤر، خطط فتح الاقتصاد البالغ 544 مليار دولار. ومن هذا المنطلق، يُراهن ستشوين على تأخّر التعافي من هذا الدمار. أُغلق عدد لا يُحصى من المصانع والفنادق والمطاعم ومحال التجزئة، وقفزت القروض المتعثّرة لدى جميع المقرضين التايلانديين بنسبة 15% منذ نهاية عام 2019 إلى 537 مليار بات، في أكبر نسبة لها منذ عام 2005، وفقاً لبيانات بنك تايلاند.
كما ستظل توقّعات جودة الأصول بالبنوك في معظم أسواق جنوب شرق آسيا غامضة حتى عام 2022، وفقاً لما قالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني في 25 يونيو، إذ من المرجّح أن تُبقي خطط تخفيف القروض الممتدة على ارتفاع تكاليف الائتمان في المدى القريب. وقد تستغرق عودة تكاليف الائتمان لحالتها الطبيعية وقتاً أطول في الأسواق التي شهدت توّسعاً في الحزم الإغاثية، لكن التوقّعات الاقتصادية لا تزال تحت الضغط، كما هو الحال في ماليزيا وتايلاند، حسب "فيتش".
من جانبه، اتفّق راثانون فوكيات، المدير بشركة "بانكوك كوميرشال لإدارة الأصول"، مع رأي ستشوين بشأن احتمالية دخول المزيد من الأصول المتعثّرة إلى السوق، إلا أنه حذّر المستثمرين من التسّرع. وخلال الشهر الماضي قال راثانون:
ستزيد الأزمة الاقتصادية الحالية من حجم القروض والأصول المتعثّرة التي تعرضها البنوك للبيع. مع ذلك، يجب أن يحذر المستثمرون من الاندفاع لشراء تلك الأصول، لأن الأسعار قد تنخفض أكثر مع احتمال تفاقم الوباء.
إلى ذلك، رفعت شركة "9 بازل" من قيمة أصولها بأكثر من الضعف عبر المراهنة على شركة إقراض محدود تركز على المناطق الريفية وهي "نغيرن تيد لور" (Ngern Tid Lor)، وجمعت تلك الأخيرة 33 مليار بات في اكتتاب عام أولي في أبريل، وفقاً لستشوين الذي أضاف أن الصندوق يمتلك الآن 5% من الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية الحالية نحو 2.9 مليار دولار.
قال ستشوين أن "9 بازل" ستستخدم معظم الأموال الجديدة التي جمعتها في تعزيز حيازات شركة إدارة الأصول المتعثرة، "ألفا كابيتال لإدارة الأصول"، التي تمتلك فيها "9 بازل" حصة نسبتها 49%. وتخطط "ألفا كابيتال" لإدراج خلال العام المقبل.
محيط أحمر
بدوره، قال بونيونغ فيساتيمونغكولتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة بانكوك كوميرشال لإدارة الأصول إن "صناعة الأصول المتعثّرة محيط أحمر وستكون صعبة على أي وافد جديد. المنافسة شديدة للغاية. يتعيّن عليك هنا المزايدة بأسعار مرتفعة، في الوقت الذي ترتفع فيه أيضاً مخاطر استرداد الديون أو بيع تلك الأصول".
بعد حصوله على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال في 2014 من جامعة "نورث كارولينا" في تشابل هيل، عمل ستشوين بمكتب عائلته قبل الدخول في شركتين ناشئتين فشلتا لاحقاً، وقدّر تقرير لبلومبرغ نيوز في نوفمبر ثروة عائلته بـ32 مليار دولار.
رغم أنه مبتدئ في مجال إدارة الأصول المتعثرة، وهي هدف خطوة مهنية اتخذها كي يبرز من ظل إمبراطورية عائلته التجارية، قال ستشوين إنه سيستفيد من خبرة عائلته في التسعينيات. فخلال الأزمة المالية الآسيوية، اضطرت "سي بي" إلى التخلّص من بعض أعمالها بأسعار بخسة للبقاء على قيد الحياة، لتنجو الشركة وتزدهر منذ ذلك الحين، في الوقت الذي انهارت فيه العديد من الشركات والبنوك التايلاندية الأخرى.
وقال ستشوين: "تعتبر إدارة الأصول المتعثّرة قطاعاً ذا أداء جيد للغاية في معظم دورات الاقتصاد. فبرغم تباطؤ العام الماضي بسبب الضغوط السياسية، استطعنا مضاعفة حجم محفظتنا بأكثر من الضعف على مدار الاثني عشر شهراً الماضية من خلال عمليات استحواذ جديدة وثانوية للمحفظة".
في المقابل، يعاني العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهي تُشكّل العمود الفقري للاقتصاد التايلاندي، من أعباء الديون الهائلة التي قد تجبرهم على التوقف عن العمل، وفقاً لاتحاد الشركات الصغيرة والمتوسطة التايلاندية. بلغ إجمالي القروض المصرفية المقدّمة إلى الشركات الصغيرة حوالي 3.5 تريليون بات، شملت قروضاً غير مجدية بقيمة 240 مليار بات. كما تم تصنيف قروض أخرى بمبلغ 440 مليار بات على نحو أعلى قليلاً، بيد أنها قد تتحوّل إلى قروض سيئة في نهاية العام، إن لم يتحسّن الاقتصاد، على حد قول الاتحاد.