بلومبرغ
في نهاية يوم عمله، غالباً ما يمكن العثور على الرئيس التنفيذي لأكبر صندوق ثروة في العالم جالساً على أريكته، يأكل "البيتزا"، ويجيب على طلاب عبر موقع " لينكدإن "، في حين يحرص الطلاب على الاستفادة من نصائحه حول كلِّ الأشياء بأنواعها، وهو يحب مشاركة أفكاره.
نيكولاي تانغين، نجم صندوق التحوط البالغ من العمر 54 عاماً، الذي يدير الآن محفظة بقيمة 1.3 تريليون دولار لـِ " نورغس بنك إنفستمنت مانجمنت" ( Norges Bank Investment Management )، يحاول تحديد ما يلزم للاستثمار بشكل جيد حالياً.
الجشع مستبعد، وأهداف التنوع والمناخ متاحة. وهذا يعني أنَّ أرباب العمل مثل صندوق الثروة النرويجي بحاجة إلى إيجاد شبكة أوسع عندما يبحثون عن المواهب.
في مقابله معه قال تانغين: " التنوع لا يتعلَّق بالسياسة، إنَّه يتعلَّق بالمنطق ".
منذ أن بدأ عمله في شهر سبتمبر الماضي، أذهل "تانغين" النرويجيين بنهجه غير التقليدي لإدارة صندوق إدخار البلد الغني بالنفط. وبصرف النظر عن نشر مقاطع فيديو له، وهو يطهو الطعام، ويدردش مع الشباب على موقع "لينكدإن"، فقد أعاد تنظيم الوظائف العليا في الصندوق، ونقل إلى مديري المحافظ الاستثمارية بعض أشكال التدريب الأقل تقليدية.
تدريبات غير تقليدية
بعد فترة وجيزة من توليه المنصب، قلَّص "تانغين" حجم قطاع المديرين التنفيذين في الصندوق، وجلب المزيد من السيدات إلى صفوفه بعد أن كان الرجال يهيمنون عليها سابقاً، كما وضع هدفاً يتمثَّل في أنَّ ثلث الوظائف العليا على الأقل يجب أن تشغلها السيدات، بجانب ذلك فإنَّه يضغط على الشركات في المحافظ الاستثمارية لتحقيق أهداف مماثلة. وفي العام الماضي، كان 44 % من الموظفين الجدد في الصندوق من السيدات.
ثم تحوَّل "تانغين" إلى مديري محفظته، فقد أحضر لهم عالماً نفسياً متخصصاً في المجال الرياضي يعمل في تدريب الطيارين العسكريين، وذلك من أجل تدريب المديرين في الصندوق، وجعلهم يشعرون براحة أكبر عند تحمُّل المخاطر. كما لجأ إلى علماء لغويين متخصصين في مجال الطب الشرعي لمساعدة الصندوق على تحليل حديث الشركات في المكالمات الجماعية، حتى يتمكَّن المديرون من التعرف على الفروق الدقيقة في قواعد الصرف، واختيار الكلمات التي قد تكشف شيئاً ما يغفله مديرو الأصول. (تتضمَّن خلفية "تانغين" الخاصة التدريب على الاستجواب مع جهاز المخابرات النرويجية.)
ومن وجهة نظره، فإنَّ الغرض من كلِّ هذه التغييرات هو التأكُّد من أنَّه وفريقه يتخذون القرارات الصحيحة في عالم يزداد تقلُّباً، ولا يمكن التنبؤ به.
علم النفس الاجتماعي
على الرغم من أنَّ " تانغين " نشأ في بلدة صغيرة على الساحل الجنوبي للنرويج ، إلا أنَّه عومل في البداية على أنَّه غريب إلى حدٍّ ما عندما عاد إلى بلده الأصلي.
وترك الوقت الذى قضاه كرئيس لصندوق تحوط، مقرُّه في لندن، وكشخص معروف بأسلوب حياته المليء بالحيوية، شعوراً بعدم الارتياح لدى رؤساء النقابات وعدد من السياسيين . وكان لا بد من تعديل عقده كرئيس تنفيذي أكثر من مرة للتأكُّد من عدم تعرُّض صندوق الثروة لأيِّ تضارب في المصالح ناجم عن حياته السابقة.
ووصف كنوت كيار، الرئيس التنفيذي المؤسس لصندوق الثروة النرويجي، موافقة
" تانغين " على تولي المنصب بأنَّها ضربة حظ. وبعد وقت قصير من تولي المنصب، أعرب كيار عن اعتقاده بأنَّه من الصعب تخيُّل وجود شخص أكثر تأهيلاً منه للمنصب. وبحلول شهر ديسمبر الماضي، بدا أنَّ النرويجيين يتفقون مع وجهة النظر هذه، فقد كانت وسائل الإعلام المحلية ترشِّح " تانغين " لجوائز "شخصية العام"، على الرغم من أنَّه لم ينجح تماماً في النهاية.
يرى " تانغين" أنَّ أيَّ شخص في منصبه يحتاج إلى أن يكون معتاداً وقادراً على أن يكون غير محبوب، مضيفاً أنَّه تلقى تعليماً بعيداً عن المسار الصحيح الملائم إلى حدٍّ ما لإعداده لهذه المهمة. وبصرف النظر عن حياته المهنية في مجال التمويل، فهو حاصل على درجات علمية في تاريخ الفن وعلم النفس الاجتماعي، وهو طاه مؤهل على مستوى احترافي.
وقال تانغين: "لقد درست طبيعة القرارات في علم النفس الاجتماعي- مثل كيف تتخذ قرارات جيدة؟ حسناً- إذ يمكنك الحصول على أكبر عدد ممكن من الآراء المختلفة من خلال النقاش".
وتابع: " إذا كان لديك المزيد من الآراء في مناقشة ما، فستحصل على ابتكار أفضل، وتفكِّر في أشياء لن تفكر فيها بخلاف ذلك، وتتوصَّل إلى حلول أفضل تضمن لك كسب المزيد من المال".
النقيض الجيد
بعد أن أمضى جزءاً كبيراً من حياته في لندن، حيث أسس صندوق التحوط الخاص به شركة " أيه كيه أو كابيتال إل إل أو " (AKO Capital LLO )، يعتقد "تانغين" أنَّ إدارة محافظ الاستثمار اليوم لم تعد كما كانت قبل 10 سنوات، ويريد أن تعكس الملفات الشخصية لموظفيه ذلك. ويعود جزء كبير من ذلك إلى التكنولوجيا، وقد ذهب " تانغين " إلى حدِّ تسمية صندوق الثروة بـ" شركة تكنولوجيا المعلومات ".
ولتعزيز دفاعات الصندوق ضد الهجمات الإلكترونية ، أظهر"تانغين" استعداداً لجلب الأشخاص دون أي تعليم رسمي، بل ودعاهم لمحاولة اختراق أنظمة الاستثمار العملاقة. وأجرى الصندوق عملية تعيين مؤخراً لأشخاص في سنغافورة ونيويورك لم يكن لديهم شهادات جامعية.
يبدو أنَّ الاحترام الأقل من "تانغين" لمعايير الجودة (التقليدية) بمثابة التزام لديه، فقد قال: " أنت بحاجة إلى القدرة على السير بعكس التيار، ومن الجيد أن تكون مخالفاً، وعليك أن تتعامل مع آراء لا تحظى بشعبية ".
تابع: "إذا كنت ستكسب المال كمستثمر، عليك أن تفعل شيئاً مختلفاً عن أيِّ شخص آخر".
بعد عرض رؤيته للعالم، يحاول الرئيس التنفيذي لصندوق الثروة موازنة كل ما قد ذكره آنفاً، ويشير إلى أنَّ مديري المحافظ الاعتيادين ذوي الدرجات التقليدية ما يزالون موضع ترحيب كبير.
ويشير إلى أنَّه لا ينبغي أن نكون دراماتيكيين بشكل مفرط بشأن هذا، وأنَّهم أيضاً يوظفون متخصصين ماليين تقليديين، لكنَّه استدرك قائلاً، إنَّ التوظيف هو الشيء الأكثر إثارة بما نقوم به، فهو يمثِّل الطريقة التي نشكِّل بها المستقبل.