الشرق
ستساهم ثلاثة عوامل تشمل الإصلاحات التنظيمية، وتوسع أسواق الأسهم والديون، وزيادة الأفراد ذوي الثروات الضخمة لدى السعودية، في أن يحقق قطاع إدارة الأصول في البلاد نمواً ملحوظاً خلال النصف الثاني من عام 2024 وعام 2025، وفق تقرير أصدرته وكالة "فيتش".
تُعد السعودية أكبر اقتصاد في المنطقة، وتحتل المرتبة السابعة عشرة على الصعيد العالمي. وروّج ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لخطط طموحة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، سواء عبر الاستثمار خارجياً أو المشروعات داخلياً. وغالباً، تبحث المملكة عن شركاء دوليين للمشاركة في الاستثمار بمشروعاتها داخل البلاد، إذ يمكن لشركات إدارة الأصول المساعدة على ترتيب وجمع الأموال لتوفير التمويل اللازم.
الأصول المدارة في السعودية ارتفعت 13.5% على أساس سنوي، لتتجاوز 250 مليار دولار بنهاية النصف الأول من 2024، حسب التقرير، موضحاً أن المملكة تتمتع بوجود "أكبر قطاع إدارة أصول في دول مجلس التعاون الخليجي، وخامس أكبر قطاع في دول منظمة التعاون الإسلامي، و ثاني أكبر سوق للصناديق الإسلامية العامة عالمياً.
تطبق هيئة السوق المالية السعودية خطة استراتيجية تركز على دعم نمو هذه الصناعة، عبر تنفيذ حزمة من المبادرات الطموحة للتطوير والنمو، منها مبادرة "تمكين تأسيس هياكل صناديق ذات مرونة أعلى"، ومبادرة "تطوير الإطار التنظيمي للصناديق التمويلية" الهادفة لتوفير مزيد من خيارات التمويل من السوق المالية، عبر الصناديق التمويلية مقابل اشتراكات في صناديق الاستثمار العامة، وفق تصريحات سابقة لوكيل الهيئة لشؤون التمويل والاستثمار، عبدالله بن محمد بن غنام لـ"الشرق".
وقال إن قيمة الأصول المدارة المستهدفة في المملكة، تبلغ نحو 1.38 تريليون ريال في نهاية 2026، أي بزيادة نحو 58% مقارنة بنهاية 2023.
طموحات المملكة تدعمها نسب نمو الأصول المدارة التي بلغت 74.2% بين عامي 2019 و2023 أي على مدى 5 سنوات.
قال بشار الناطور، رئيس التمويل الإسلامي العالمي لدى "فيتش": "نتوقع أن تتجاوز الأصول المدارة في السعودية 300 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، مدفوعة ببرنامج تطوير القطاع المالي بموجب رؤية 2030. ويوجد طلب قوي على المنتجات الإسلامية، حيث إن حوالي 95% من صناديق الاستثمار المشتركة متوافقة مع الشريعة". وأضاف: "وصلت الأصول المدارة في هذا القطاع إلى 22% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2023".
يلعب صندوق الاستثمارات العامة السعودي دوراً حيوياً في تطوير صناعة إدارة الأصول على محاور عدة في البلاد، وأطلق لهذه الغاية مبادرتين مهمتين: منصة بوابة مديري الأصول، وبرنامج تطوير إدارة المحافظ الاستثمارية.
الصندوق الذي يدير أصولاً بحوالي 900 مليار دولار انخرط في عملية تقييم للشركات المحلية المتخصصة لتحديد مديري الأصول المحتملين من قبله ومنحهم دوراً أوسع في إدارة محافظ أو أصول عائدة له.
كما أثمرت جهود الصندوق على صعيد استقطاب شركات عالمية، مع انضمام شركات عدة إلى السوق من بينها "بلاك روك"، و"بروكفيلد"، و"فرانكلين تيمبلتون" وغيرها. وسبقها دخول مديري أصول لمؤسسات مصرفية إقليمية، كما هو الحال مع "الإمارات دبي الوطني كابيتال السعودية"، و"الوطني لإدارة الثروات" التابعة "لبنك الكويت الوطني"، و"بيت التمويل السعودي الكويتي"، و"إنفستكورب السعودية للاستثمارات المالية" البحرينية.
وتتوقع مجموعة "أزيموت العالمية"، المتخصصة في إدارة الأصول والثروات والخدمات الاستثمارية، بدء العمل بالسوق السعودية مطلع العام المقبل، بعد التقدم للحصول على رخصة لإدارة الأصول من هيئة السوق المالية السعودية، بحسب أحمد أبو السعد، الرئيس التنفيذي لشركة "أزيموت" مصر ورئيس إدارة الأصول في الشرق الأوسط وتركيا في تصريحات لـ"الشرق" خلال يوليو الماضي.
تضاعفت الأصول التي تديرها الصناديق الخاصة منذ عام 2020، مع تركيزها الأساسي على الأسهم بنسبة 43% والعقارات بنسبة 40.5%. ووجهت الصناديق العامة حوالي 28% من استثماراتها في أسواق المال، تليها الأسهم بنسبة 25.6%، والعقارات بنسبة 18.7%، والديون بنسبة 16%، وفق "فيتش".
في نهاية 2023، ارتفع عدد الصناديق الاستثمارية لدى السعودية إلى 1285 صندوقاً بنمو 111.7% على مدى 5 سنوات. واستحوذت الصناديق الاستثمارية على 64% من إجمالي الأصول المدارة في القطاع والبالغة 871 مليار ريال في نفس الفترة. وارتفع عدد المحافظ بشكل لافت خلال 2023، إلى 156.2 ألف محفظة بزيادة نحو 322.1% عن العام الأسبق، وفق بيانات الهيئة.
من شأن زيادة الطروحات العامة الأولية وتحسن أداء مؤشر السوق السعودية العام (تاسي) جذب صناديق الاستثمار في قطاع الأسهم. وتُعد "تداول" أكبر بورصة في دول مجلس التعاون الخليجي والعاشرة عالمياً، حسب"فيتش".
يشدد بن غنام أن الهيئة تسعى للمساهمة في جعل المملكة مركزاً إقليمياً (في هذه الصناعة) بالمنطقة، حيث تستهدف الارتقاء بالبيئة الاستثمارية، بهدف جعل نشاط إدارة الأصول مصدراً رئيسياً للتمويل والاستثمار، بما يسهم في جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية.
بدأت شركات إدارة الأصول الكبرى مثل "أبولو" (Apollo) و"بلاكستون" (Blackstone) في إعادة تشكيل استراتيجياتها التقليدية طويلة الأمد لاقتناص جزء من ثروة الصناديق السيادية الخليجية التي تدير أصولاً بقيمة 4 تريليونات دولار، وفق "بلومبرغ".
تشير التقديرات إلى وصول إجمالي أصول صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط إلى 7.6 تريليون دولار بحلول 2030، وبالتالي يطمح المستثمرون إلى المشاركة في الاستثمارات، والحصول على حصة أكبر من أرباح الصفقات، والأهم من ذلك دعم الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على توافر كميات كبيرة من النفط.