بلومبرغ
تسببت عمليات بيع قياسية للأسهم في اثنتين من كبرى شركات القطاع الاستهلاكي في الصين في شطب ما يزيد على 16 مليار دولار من ثروة أغنى شخصين في البلاد، لتؤكد مخاوف المستثمرين العميقة تجاه سلامة أداء أكبر اقتصاد في آسيا.
خسر تشونغ شانشان، أغنى رجل في الصين ومؤسس شركة "نونغفو سبرينغ" (Nongfu Spring)، نحو 3 مليارات دولار أميركي مع هبوط أسهم عملاقة صناعة المشروبات بنسبة وصلت إلى 10% يوم الأربعاء في هونغ كونغ، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ للمليارديرات"، ليتراجع إجمالي ثروته إلى 46.6 مليار دولار.
في الوقت نفسه، انخفضت ثروة كولين هوانغ، مؤسس شركة "بي دي دي هولدينغز" (PDD Holdings)، بقيمة 14.1 مليار دولار يوم الاثنين، مع هبوط أسهم الشركة بأكبر نسبة في تاريخها بعد تحذيرها من حتمية تدهور نمو الإيرادات.
كان هذا التراجع أكبر خسارة يومية يتكبدها هوانغ، وقد تسبب في نزوله إلى الترتيب الرابع في تصنيف "بلومبرغ" بعد أن حاز المركز الأول لفترة وجيزة في وقت سابق من الشهر الجاري.
استمر الاتجاه الهابط يوم الثلاثاء، عندما تراجعت أسهم مالكة موقع التجارة الإلكترونية "تميو" (Temu) بنسبة 4.1% أخرى، فشطبت 1.4 مليار دولار أخرى من ثروة هوانغ.
يستحوذ الآن بوني ما، المؤسس المشارك لشركة "تينسنت هولدينغز"، على المركز الثاني في مؤشر "بلومبرغ".
اهتزاز الثقة في الاستهلاك
يؤكد انخفاض ثروة كل من الرجلين على اهتزاز الثقة في حجم الاستهلاك في الصين على المدى الطويل، حيث تواجه الكثير من كبرى الشركات في العالم مشكلة تباطؤ الطلب.
أشعلت المنافسة بين الشركات على المتسوقين الذين يواصلون تقليص إنفاقهم موجة من التخفيض الحاد في الأسعار، وقد نتج عن ذلك محو هامش الأرباح لمنتجات، مثل المياه النقية الجديدة التي تبيعها شركة "نونغفو" بأقل من يوان واحد (0.14 دولار) للوحدة.
قال في سيرن لينغ، العضو المنتدب في "يونيون بانكير بريفي" (Union Bancaire Privee): "ربما يكون وضع الاقتصاد الصيني أسوأ مما يعتقد الناس إذا كانت الشركات الاستهلاكية مثل (نونغفو) و(بي دي دي) لا تحقق نتائج جيدة، ذلك أنهما يمثلان قطاعات من المفترض أن يكون الطلب فيها قوياً، وهي المشروبات والمنتجات القيمة مقارنة بأثمانها".
كذلك واجهت الشركتان سلسلة من التحديات في مجال العلاقات العامة هذا العام، إذ تعرضت شركة "نونغفو" لانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية بعد وفاة زونغ تشينغهو، مؤسس شركة "هانغتشو واهاها غروب" (Hangzhou Wahaha Group) المنافسة الرئيسية لها، حيث زعم البعض أن "نونغفو" تخطط للحصول على ميزة على منافستها. وبعد مرور بضعة أشهر، شكك تقرير صادر عن مجلس المستهلكين في هونغ كونغ في جودة مياه "نونغفو"، وهو ما أوضحه المجلس لاحقاً.
مسيرة للتجار ضد "بي دي دي"
واجهت شركة "بي دي دي" رد فعل عنيف الشهر الماضي، حيث نظم المئات من التجار مسيرة خارج مكاتبها في جنوب الصين، احتجاجاً على ما وصفوه بالعقوبات غير العادلة التي تفرضها الشركة باستمرار. كما أن هناك تدقيقاً تقوم به الجهات التنظيمية بشأن عملاقة التجارة الإلكترونية "تيمو" التابعة لها، إذ يعمل الاتحاد الأوروبي على اقتراح لسد ثغرة ضريبية تخص الواردات من السلع الرخيصة التي يجري شراؤها عبر الإنترنت.
انخفضت إيرادات شركة "نونغفو" من منتجات مياه الشرب المعبأة بنسبة 18% خلال النصف الأول من العام الحالي، مع انخفاض نسبة هذا القطاع من إجمالي الإيرادات إلى حوالي 39% من حوالي 48% العام الماضي. ويُعزى هذا الانخفاض إلى الرأي العام السلبي تجاه الشركة ورئيسها "تشونغ" منذ نهاية فبراير.
قال لي شويتونغ، مدير صندوق في شركة "شينجين إنجوي إنفستمنت مانجمنت" (Shenzhen Enjoy Investment Management)، إن "لدى شركتي (نونغفو) و(بي دي دي) منافسين يستهدفون الاستحواذ على حصتيهما من السوق".
وأضاف لي: "الأمر الوحيد المؤكد هو أن الشركتين اللتين كان المستثمرون سعداء باعتبارهما رائدتين في مجالات عملهما، لم تسلما من المنافسة الشديدة كما هو الحال في القطاعات الأخرى، ويبدو أن المستثمرين يعيدون التفكير في مدى استقرار أوضاعهما".