بلومبرغ
يواجه أغنى رجل في الصين خطر فقدان الصدارة التي احتلها لثلاثة أعوام تقريباً، بعدما شهدت ثروته تراجعاً كبيراً بين المليارديرات حول العالم نتيجة تزايد المنافسة، والمشكلات التي أحاطت بسمعة شركته العملاقة للمياه المعبأة.
خسر تشونغ شانشان، رئيس شركة "نونغفو سبرينغ" (Nongfu Spring) الواقع مقرها هانغتشو، ما يصل إلى 13 مليار دولار حتى الآن منذ بداية 2024، لتتراجع ثروته إلى 54.8 مليار دولار اعتباراً من أمس الإثنين، وفق مؤشر "بلومبرغ للمليارديرات". وهذا يبقيه في مرتبة أعلى من كولين هوانغ، مؤسس منصة التسوق عبر الإنترنت "بي دي دي هولدينغز" (PDD Holdings)، الذي تبلغ ثروته 47.3 مليار دولار.
لماذا تراجعت ثروة تشونغ شانشان؟
يعود السبب في هذا التغير المحتمل بترتيب مؤشر المليارديرات إلى التعقيدات المتزايدة التي يواجهها المستثمرون في قطاع السلع الاستهلاكية، حيث تواجه الشركات صعوبة متزايدة في مواصلة العمل بسبب تباطؤ الاقتصاد واشتداد المنافسة من العلامات التجارية الناشئة.
تواجه "نونغفو"، المدرجة في بورصة هونغ كونغ، حرب أسعار في مجال عملها الأساسي بالمياه المعبأة، كما وجدت نفسها في موقف غير مواتٍ أمام المستهلكين الصينيين ذوي النزعة الوطنية والوعي الصحي المتزايد في الأشهر الأخيرة. وهذا أدى إلى انخفاض سهم الشركة بنسبة 20% تقريباً منذ الأول من فبراير الماضي، مقارنة بارتفاع بنحو 6% لشركة "بي دي دي" التي تشتهر بمنتجاتها الرخيصة وصفقاتها الجريئة.
قالت آدا لي، محللة المستهلكين لدى "بلومبرغ إنتليجنس"، إن هذه الهواجس ظهرت على الأرجح نتيجة عدة أسباب، منها "المشكلات الأخيرة الناشبة مع هيئة مراقبة المستهلك في هونغ كونغ بخصوص جودة المنتجات، والمنافسة المتزايدة بالقطاع وسط انخفاض الإنفاق الاستهلاكي، والمقاطعة التي حدثت بداية العام الجاري بسبب مخاوف بشأن ممارسات الأعمال".
تأتي معظم ثروة تشونغ من حصصه في شركته للمشروبات، بجانب شركة الأدوية "بكين وانتاي بيولوجيكال فارماسي إنتربرايز" (Beijing Wantai Biological Pharmacy Enterprise Co). ولم تستجب "نونغفو" فوراً لطلب التعليق أمس حول ثروة مؤسسها، أو أي انتكاسات واجهتها هذا العام.
انتقادات لاذعة لتشونغ وشركته
في وقت سابق من العام الجاري، واجهت الشركة، وتشونغ نفسه، وابلاً من الانتقادات عقب وفاة زونغ تشينغهو، مؤسس الشركة المنافسة الرئيسية "هانغتشو واهاها غروب" (Hangzhou Wahaha Group) في فبراير.
فبعد وفاته، تحولت التعاطفات عبر الإنترنت إلى هجوم على "نونغفو"، حيث انتقد البعض تصميم عبوات المياه المعبأة الخاصة بالشركة قائلين بأنها تبدو يابانية، وكرر آخرون ادعاءاتهم بأن "نونغفو" استخدمت حيلاً لكسب ميزة على "هانغتشو واهاها".
كما زعم المستخدمون أن نجل تشونغ يحمل جواز سفر أميركياً وشككوا في ولاء أسرته للصين، مما أدى إلى ارتفاع مبيعات "واهاها" على حساب "نونغفو". ونفت شركة المياه المعبأة بعض الادعاءات وأعلنت اتخاذها إجراءات قانونية ضد من أثاروا شائعات خبيثة، لكن العديد من مستخدمي الإنترنت الصينيين لم يتأثروا بذلك.
وفي أبريل، قدمت شركة "تشاينا ريسورسز بافريدج هولدينغز" (China Resources Beverage Holdings) طلباً للإدراج في بورصة هونغ كونغ، مستهدفة توفير موارد إضافية لعلامتها التجارية للمياه المعبأة "سيستبون" (C’estbon)، التي تُعد أحد أكبر منافسي "نونغفو".
وبعد فترة وجيزة، طرحت "نونغفو" مياهاً نقية جديدة تتنافس بشكل مباشر مع "سيستبون"، مما خفض الأسعار بشكل كبير. ويُباع المنتج بأقل من يوان لكل زجاجة سعة 550 مليلتر على منصة "تمال" (Tmall)، التابعة لمجموعة "على بابا غروب هولدينغ"، أي أقل من نصف سعر البيع بالتجزئة العادي.
تهاوي أرباح "نونغفو"
بالرغم من أن "نونغفو" سجلت أرباحاً أفضل من المتوقع العام الماضي بفضل مبيعاتها القوية لمشروب الشاي الجاهز للشرب، انخفضت نسبة الإيرادات من المياه المعبأة إلى 47.5%، من 54.9% في 2022، مما يبرز زيادة المنافسة في قطاع المياه المعبأة.
في الوقت نفسه، أعلنت هيئة المستهلك في هونغ كونغ تحدياً جديداً الأسبوع الماضي يتمثل في احتواء مياه "نونغفو" على الحد الأقصى المسموح به من البرومات، مما قد يشكل مخاطر صحية عند الاستهلاك المفرط. تراجعت أسهم الشركة بنسبة 7.3% على مدار يومي تداول قبل أن توضح الهيئة أن النتائج الأولية التي توصلت إليها جاءت نتيجة تقييم مياه "نونغفو" باستخدام معايير مخصصة لفئة أخرى. وارتفعت الأسهم بعد اعتذار الهيئة، لكنها عاودت خسارة المكاسب يوم الجمعة.
وأعلنت "نونغفو" في بداية يوليو الجاري أن تشونغ يعتزم شراء ما قيمته ملياري دولار هونغ كونغ (256 مليون دولار أميركي) من أسهم الشركة عبر "يانغشنغتانغ" (Yangshengtang)، وهي شركة قابضة يسيطر عليها، وذلك لتعزيز الثقة في عملاق المياه المعبأة. ومن ثم اشترت "يانغشنغتانغ" حوالي 3.5 مليون سهم في 9 يوليو، وفقاً للإفصاحات التنظيمية.