بلومبرغ
يفضل المتقاعدون إضافة المزيد من الأسهم إلى محافظهم الاستثمارية باعتبارها وسيلة للتحوط ضد التضخم، ما قد يوفر دعماً طويل الأمد للأسهم مع تقدم المجتمعات في العمر، وفقاً لأحدث استطلاع أجرته "بلومبرغ ماركتس لايف بالس" (Bloomberg Markets Live Pulse).
قال نحو نصف المشاركين البالغ عددهم 252 شخصاً إنهم يستثمرون أموالاً أكثر في الأسهم بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما يفوق بكثير من قالوا إنهم سيلجأون للذهب، الذي يعد ملاذاً تقليدياً ضد التضخم، والذين لا تتجاوز نسبتهم 6%.
بعد أكبر قفزة في أسعار المستهلك منذ جيل، يسلط الاستطلاع الضوء على مجموعة من الاستراتيجيات التي توجّه إليها مستثمرو المعاشات التقاعدية كبديل. وجاءت العقارات والسلع الأساسية، وهي أيضاً أصول تمكنت تاريخياً من الصمود في وجه التضخم بشكل جيد نسبياً، ضمن الخيارات الأخرى. لكن أسهم الشركات، التي يُتوقع أن ترتفع أرباحها مع ارتفاع الأسعار، كانت الخيار المفضل بشكل واضح.
لكن هذا لا يجعلها الخيار الصحيح بطبيعة الحال، ففي فترة السبعينيات التي اتسمت بارتفاع معدلات التضخم، كانت الأسهم هي الأصول الأسوأ أداءً من حيث القيمة الحقيقية.
اتجاه عوائد السندات
هناك نقاش أكاديمي شرس حول التأثير المحتمل للاتجاهات الديموغرافية على الاقتصادات والأسواق، وحول قضية واحدة على وجه خاص، وهي: هل تميل شيخوخة السكان إلى دفع عوائد السندات للارتفاع أم الانخفاض؟
في استطلاع "بلومبرغ ماركتس لايف بالس"، كان هذا هو السؤال الذي أثار معظم الردود الفردية. وتعكس النتائج الجدل الأوسع، حيث قُسمت الردود تماماً إلى نصفين.
بالنسبة لأولئك الذين يتوقعون ارتفاع العائدات مع تقدم المجتمعات في العمر، فإن التركيز ينصب على النفقات المالية المتزايدة، وتأثير التضخم الناتج عنها، لدعم السكان الذين من المتوقع أن تكون نسبة كبار السن أكبر من عدد العاملين. وكما قال أحد المشاركين: تنمو تكاليف الرعاية الطبية والصحية بوتيرة أسرع لن تتمكن الحكومة معها من التمويل عبر الضرائب، بالتالي يجب إصدار المزيد من الديون.
كانت الحجة الأكثر شيوعاً بين أولئك الذين يؤيدون الوضع المعاكس، القائل بأن العائدات ستنخفض، تتمثل في ارتفاع الطلب على الدخل الثابت من قبل أولئك الذين يقتربون من التقاعد أو المتقاعدين بالفعل. وسلط العديد من المشاركين الضوء على اليابان، البلد الأكثر تقدماً في مسار الشيخوخة، إذ يوجد بالفعل حوالي 66 من المُعالين لكل 100 شخص في سن العمل، فيما كانت العوائد على الديون الحكومية اليابانية أقل من 2% معظم فترات هذا القرن تقريباً.
القمع المالي
ثمة شيء يمكن أن يحدد وضع العائدات مع تقدم السكان في العمر وهو ما إذا كان الساسة على استعداد لخفضها من خلال ما يعرف بـ"القمع المالي"، وهو في الأساس إجراء حكومي يوجه تدفقات رأس المال الخاص إلى أسواق الديون العامة. هناك طرق عديدة لتحقيق ذلك، ومن الأمثلة على ذلك القواعد التي تُلزم صناديق التقاعد بامتلاك سندات حكومية لمواءمة التزاماتها.
اقترح أحد المشاركين في الاستطلاع أن القمع المالي هو بالضبط ما سيحدث عندما لا تتمكن الدول من بيع ما يكفي من الديون.
كل هذا يعني أن أي شخص يحوّل أمواله من السندات إلى الأسهم كوسيلة للتحوط ضد التضخم قد يجد نفسه يقفز من وضع سئ إلى أسوأ. ومع ذلك، هذا هو الاتجاه الذي اقترحته الردود على سؤال "بلومبرغ ماركتس لايف بالس" بشأن فئة الأصول التي ستشهد أكبر تأثير إيجابي جراء الشيخوخة السكانية للمجتمعات.
كانت الأسهم والعقارات الإجابتين الأكثر شيوعاً، علماً بأن العقارات تعد وسيلة أكثر فعالية للتحوط ضد التضخم. يكون معروض الأراضي محدوداً، عندما يرتفع الطلب على الإسكان والذي عادةً ما يحدث مع تقدم السكان في العمر وانخفاض متوسط عدد أفراد الأسرة.
اختار نحو ربع المشاركين السندات كوسيلة للتحوط، فيما تضمنت بعض الإجابات الأخرى أسهم الرعاية الصحية والذهب وبتكوين.
اختلاف الأفكار الاستثمارية بين الأجيال
كشف الاستطلاع عن نتائج أخرى تتلخص في الاعتقاد القوي بأن المتقاعدين الحاليين والمستقبليين سيتبنون نهجاً مختلفاً في محفظتهم التقاعدية مقارنة بالجيل الذي ارتفعت فيه نسبة المواليد. وقد أيّد نحو 60% من المشاركين هذا الرأي.
يُتوقع أن يكون لدى الجيل زد وجيل الألفية دخل وثروة أقل من آبائهم. وهذا لا يعني أنهم سيتبعون نفس النهج التقليدي الخاص باستثمارات معاشات التقاعد، والذي يتضمن زيادة مخصصات السندات عند الاقتراب من سن التقاعد، وهي على أية حال قد لا تكون الاستراتيجية الأكثر حكمة إذا تبين أن التضخم المرتفع سمة وليس عيب.
هذا ليس له تأثير على الأجيال الحالية عند تقاعدهم فحسب، بل على هيكل السوق بأكمله الذي كان قائماً طوال معظم العقود الثلاثة الماضية. لا يزال من السابق لأوانه تحديد ما يعنيه ذلك بالضبط بالنسبة للاستثمار، لكن هناك شيء واحد واضح، وهو أن الشيخوخة تعني تغير القواعد.