بلومبرغ
لايعدُّ إيلون ماسك أغنى شخص في العالم فحسب، بل إنَّه يمتلك أكبر صافي ثروة تمَّ تسجيلها على الإطلاق بقيمة تصل إلى 209.3 مليار دولار، وبالطبع؛ فإنَّ الجميع يراقب عن كثب ما ينوي ماسك فعله بهذه الثروة.
وبناء على ما يصدر عنه على منصة "تويتر"، وهي وسيلة الاتصال المفضلة لدى مؤسس شركة "تسلا"، يبدو أنَّ العمل الخيري هو ما يدور في خاطره. وقد كانت إحدى أولى ردود فعله عندما أصبح أغنى إنسان في العالم، بعد رد فعله الأول غير المكترث، هو التماس النصيحة حول كيفية توزيع الثروة.
بالمناسبة، أنا أرحب بالتعليقات النقدية، و تحظى دائماً بتقدير كبير مني، فضلاً عن ترحيبي بمقترحات طرق التبرع بالمال التي قد تحدث فارقاً حقيقاً (والأمر أصعب مما يبدو) - إيلون ماسك (@elonmusk) في تغريدة بموقع "تويتر" بتاريخ 8 يناير 2021
مجال العمل الخيري
وماسك، البالغ من العمر 49 عاماً، يعدُّ مبتدئاً في مجال العمل الخيري مقارنةً بأولئك الذين تخطَّاهم للتو، بالإضافة إلى المدرَجين على مؤشر بلومبرغ للمليارديرات، لأغنى 500 شخص في العالم.
فعلى سبيل المثال، قام بيل غيتس، وهو كان المصنف الأول لفترة طويلة مع صديقه وارن بافيت، بتأسيس مشترك لمبادرة تعهد العطاء (Giving Pledge) التي تحث الأثرياء على التبرع بنصف ثرواتهم على الأقل. كما تبرَّع غيتس بعشرات المليارات نقداً وأسهماً.
وحتى جيف بيزوس، الذي تعرَّض لانتقادات لبطئه في إثبات نفسه في مجال التبرعات وفعل للخير، فقد صعَّد من عمله، وعزَّز من جهوده في هذا المجال، إذ تعهَّد بتقديم 10 مليارات دولار للقضايا المتعلِّقة بتغيُّر المناخ العام الماضي، ووزَّع 791 مليون دولار على 16 مجموعة بيئية في نوفمبر 2020.
257 مليون دولار تبرعات
وعلى الرغم من توقيع ماسك على مبادرة تعهد العطاء (Giving Pledge) ، إلا أنَّه لم يفعل سوى القليل نسبياً في مجال الأعمال الخيرية. وكان قد تبرَّع بأكثر من 257 مليون دولار لمؤسسة (Musk Foundation)، أي ما يعادل حوالي 0.1% من صافي ثروته الحالية. وقامت المؤسسة بدورها بالتبرع بـ65 مليون دولار إلى نحو 200 منظمة غير ربحية، وذلك بين عامي 2016 و 2018 ، وفقاً لتحليل أجرته مجلة "كوارتز".
ويمكن القول، إنَّه لو لم يكن بيل غيتس قد تبرَّع بالكثير من أمواله، لكانت ثروته حالياً أكبر بكثير، وربما أكثر من ثروة ماسك نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة لجيف بيزوس، الذي كان سيصبح الأغنى، لو لم يخض تجربة طلاقه.
وأشار ماسك إلى أنَّ السبب وراء تكديسه للثروة، هو أنَّه ينوي في وقت ما التخلي عنها، أو على الأقل إعادة توجيهها إلى مشاريعه التي تلبي شغفه، أي: استكشاف الفضاء.
وقال ماسك للناشر الألماني أكسل سبرينغر الشهر الماضي: "سوف يتطلَّب الأمر الكثير من الموارد لبناء مدينة على سطح المريخ. وأريد أن أكون قادراً على المساهمة في ذلك بأكبر قدر ممكن".
أكثر إقداماً
ويقول بنجامين سوسكيس، وهو باحث أول في مركز المنظمات غير الربحية والعمل الخيري التابع للمعهد الحضري: "من المستحيل المبالغة في تقدير الإمكانات التي يمكن أن تمتلكها ثروته. نحن نتعامل مع حجم يصعب فهمه."
وقال، إنَّ زيادة ثروة ماسك تعني أنَّه يحتاج إلى زيادة وتيرة التبرُّعات بشكل كبير، حتى يتمكَّن من الوفاء بوعده بالتبرع بأكثر من النصف، إذ "يجب أن يكون أكثر إقداماً مما هو عليه الآن."
والسؤال الذي يطرحه خبراء العمل الخيري هو: كيف سيبدأ ماسك في القيام بذلك؟. فقد اتخذ أثرياء العالم مجموعة متنوعة من الأساليب، وأصبح غيتس فاعل خير بدوام كامل، وشخصية عامة في مجالات مثل الصحة العامة، أما المؤسس المشارك لشركة "تويتر" جاك دورسي، فقد توجَّه إلى الشفافية في تبرُّعاته من خلال نشر كلِّ تبرُّع يقوم فيه في جدول بيانات متاح للجمهور.
على خطى بيزوس
وسار ماسك على خطى بيزوس عندما لجأ إلى منصة "تويتر" للحصول على اقتراحات للتبرُّعات، فالأخير كان قد شارك تغريدة مماثلة يطلب فيها أفكاراً من متابعيه في عام 2017. أما ماكنزي سكوت، زوجة بيزوس السابقة، فقد كانت رائدة في نموذج آخر لمنح الأثرياء، وذلك من خلال التوجُّه لمئات المنظَّمات غير الربحية، والمؤسسات التعليمية، وتسليمها شيكات كبيرة بدون قيود. وقد بلغ إجمالي تبرُّعاتها في عام 2020 نحو 6 مليارات دولار.
وقد اقترح بريان ميتندورف، الأستاذ في جامعة ولاية أوهايو الذي يدرس المنظمات غير الربحية، أن يحذو ماسك حذو سكوت، ويقيِّد غرائزه للابتكار.
وقال: "إنَّ الفخَّ الذي يقع فيه العديد من المحسنين الأثرياء هو الرغبة في إعادة اختراع العمل الخيري بأنفسهم بدلاً من الاعتماد على أولئك الذين لديهم الخبرة والتجربة الحقيقية في المجال، فهم لايحتاجون إلا للأموال من أجل توسيع تأثيرهم".