أين اختفت يخوت الأثرياء الروس الفخمة؟

time reading iconدقائق القراءة - 12
يخت \"فلاينغ فوكس\" الضخم يرسو بميناء سان دييغو، بسانتو دومينيغو، جمهورية الدومينيكان - المصدر: بلومبرغ
يخت "فلاينغ فوكس" الضخم يرسو بميناء سان دييغو، بسانتو دومينيغو، جمهورية الدومينيكان - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أوجدت السياحة في زمن الحرب نوعاً جديداً من النشاط على الشواطئ، ألا وهو تتبّع اليخوت الفاخرة المملوكة لأصحاب الثروات الروس.

فهذه الصروح المستهلكة بشكل واضح، والتي حظي الطلب عليها بدَفعة هائلة في زمن الوباء، تشكّل رموزاً للنظام الجيوسياسي الجديد الذي يهيمن على مناطق السفر النشطة مثل الريفيرا الفرنسية.

اليخوت المرتبطة بحُكم القلة الروس غير المعروفين بمكانتهم التقديرية باتت تتحرك وهي "معتمة" وأبحرت إلى شواطئ أكثر اتساماً بالطابع الودي، مثل دبي أو تركيا، حرصاً على الإفلات من مصير تواجهه أصول خاضعة للعقوبات تزيد قيمتها عن 30 مليار دولار والتي صادرتها الحكومات التي تريد الضغط على الدائرة المقربة من فلاديمير بوتين. ومن بين الدول التي احتجزت اليخوت إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، كما تمّ حظر العشرات منها في أحواض بناء السفن الهولندية.

بالإضافة إلى ما يصفه جو بايدن بـ"المكاسب غير المشروعة"، فإن مظاهر التفاخر بالثروة تثير الرأي العام في وقت يؤدي فيه فقر الطاقة إلى مطالبات بفرض ضرائب مفاجئة. فقد تمكّن اليخت الفخم الذي يمتلكه جيف بيزوس، والبالغ طوله 127 متراً وتكلفته 500 مليون دولار، من تجنب مهاجمة السكان المحليين الغاضبين في روتردام بعد أن تمّ إلغاء خطة لتفكيك جسر تاريخي للسماح لليخت بالمرور.

قد يبدو الاستقبال الفاتر للأثرياء في أي مكان مصدر إزعاج بسيط. ولا يزال بإمكان شركات صناعة اليخوت، مثل "سان لورينزو" (Sanlorenzo) الإيطالية، توقع نمو عائداتها بمعدل مكون من رقمين وتحقيق أرباح هذا العام، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن انخفاض اليورو عزز القوة الشرائية للدولار الأميركي، ولأن الطلب على هذه الأصول بصفتها رموزاً تعكس المكانة الاقتصادية لأصحابها أصبح عميقاً كالمحيط.

لكن إذا كانت أوروبا "معروضة للبيع"، كما يصفها سائحون أميركيون يتسوقون في شارع مونتين بباريس، فإن حرصها على أن تكون قوة ناعمة دون أن تكون مؤثرة أصبح أكثر إلحاحاً هذا الصيف من أي وقت مضى.

تدقيق

تتزامن مصادرة اليخوت مع حملة من الاتحاد الأوروبي على الطرق السهلة المؤدية إلى سوقه الموحّدة من أجل التعرف على حجم الثروة الخارجية. وتخضع مخططات جواز السفر والتأشيرات الذهبية التي قدمت حقوق المواطنة أو الإقامة في الاتحاد الأوروبي مقابل ما بين 60 ألف يورو إلى 1.25 مليون يورو (1.27 مليون دولار)، للتدقيق وربما يتم إلغاؤها بعد سلسلة من فضائح غسل الأموال.

بهدف إنعاش الاستثمار بعد الأزمة المالية، كانت هذه المخططات سهلة للغاية لمصلحتهم، حيث يُقال إن قبرص انتهكت قوانينها بعد منح أعداد ضخمة من جوازات السفر لأثرياء روس. وأُلغيت الموافقة على منح التأشيرات الذهبية البرتغالية إلى أصحاب الثروات الطائلة الصينيين. وأوقف الاتحاد الأوروبي جزئياً الإعفاءات من التأشيرة لفانواتو بعد فضيحة جواز السفر لديها.

كذلك، فإن حالات عدم الكشف عن حجم الثروة الخارجية تتعرض للانتقاد. فإذا كان تحديد هوية مالكي اليخوت الفاخرة أمراً صعباً، فذلك بسبب هيكل الشركات الوهمية التي تمتلكها والذي يشبه دُميات ماتريوشكا. أطلقت المملكة المتحدة هذا الشهر سجلاً للكيانات الخارجية التي تمتلك عقارات، حتى ولو كانت جوانب النقص التي تعتري هذا المقترح تجعله بعيداً عن المثالية. ودعا رئيس الوزراء الإيطالي المنتهية ولايته ماريو دراغي إلى إنشاء سجل أصول دولي للشخصيات الأوليغارشية.

يتطلّب الأمر يداً بارعة لضمان أن السُمعة الجيوسياسية تحظى بالأولوية على المنفعة الاقتصادية. يبدو أن التأشيرات الرقمية المرنة للموظفين عن بُعد تمثّل ساحة المعركة الجديدة في عهد ما بعد كوفيد للأموال في الخارج، حتى لو كنا بعيدين عن الأيام التي كان بإمكان قطب تكنولوجيا، مثل إيفان شبيغل مؤسس موقع "سناب"، الحصول على جواز سفر فرنسي بناءً على ما يزيد قليلاً عن كتاب جدته لوصفات الطبخ الفرنسي "إيداهو".

استعراض عضلات

ومع ذلك، فإن انتعاش السياحة الصيفية يمثل فرصة لاستعراض عضلات القوة الناعمة. فمن جانبها، تراجعت السياحة في قبرص، وهي الوجهة المفضلة للروس، بنحو 25% مقارنة بعام 2019؛ فيما تدعو فنلندا إلى فرض قيود على تأشيرات دخول الروس. وساعد السائحون الإقليميون والأميركيون في تعويض الانخفاض، مع هيمنة قيم السياسة الخارجية والتضامن مع أوكرانيا على المشاعر بوسائل التواصل الاجتماعي، وفقاً لـ أوليفير هنري–بياباودوف من "تي سي آي ريسيرش" (TCI Research)، وهي شركة استشارية بلجيكية بمجال صناعة السفر. وتتوقع "أكسفورد إيكونوميكس للأبحاث" (Oxford Economics) أن ينخفض عدد الوافدين إلى أوروبا الغربية هذا العام بنسبة 21% عن مستويات عام 2019، في مقابل هبوط متوقع بـ39% لأوروبا الشرقية.

قد يبدو إضفاء طابع الحرب الباردة على السفر بمثابة عزاء غير كاف عندما تواجه أوروبا ركوداً هذا الشتاء. ولن يحقق اقتصاد السياحة استقلال الطاقة أو نمو التصنيع في منطقة في حاجة ماسة لكليهما. فاليورو الضعيف الذي يفضّله المسافرون ليس نقطة فخر سياسي.

لكن ملاحقة اليخوت لابد أنها تجلب على الأقل الاعتراف بالاتحاد الأوروبي الذي يركّز بشكلٍ أكبر على الوحدة السياسية ومحاربة التدفقات المالية التي تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة. ولو لمرة واحدة، فإن تركيزاً أقل على المياه سيشكّل بمثابة انتصار جمالي.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

موسكو

6°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
18.5 كم/س
67%