بلومبرغ
لم يكن من المتوقع أبداً أن يواجه ليم وي تشاي، مؤسس شركة "توب غلوف" (Top Glove) الماليزية عقبات تحد من نجاحه.
حقّقت شركة "توب غلوف" للقفازات أرباحاً فاقت تلك التي حققتها البنوك الماليزية وشركات الاتصالات وحتى شركة الكهرباء المملوكة للدولة خلال تفشي جائحة كورونا، إذ ارتفع سعر سهمها بنسبة 450% خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2020، متخطياً بذلك قيمة أسهم الشركات البارزة مثل "موديرنا" (Moderna Inc)، و"زووم فيديو" (Zoom Video Communications Inc)، و"بيلوتون انتراكتيف" (Peloton Interactive Inc)، و"كارفانا كو" (Carvana Co)، ما جعل من ليم ميليارديراً خلال السنوات الماضية.
توقّعت الشركة الرائدة في صناعة القفازات المطاطية في العالم في سبتمبر 2020، "ارتفاعات جديدة" بعد ارتفاع الأرباح بنسبة 1,500%. لكن بحلول يونيو 2021، ومع طرح اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم ودخول المزيد من المنافسين إلى السوق، شهدت أسعار البيع تراجعاً. إلاّ أنّ الشركة تعهدت بعد ستة أشهر بالمضي قدماً في توسعها، دون أن يردعها تراجع سهمها إلى المستويات التي كان عليها قبل تفشي الجائحة.
في هذا السياق، تراجعات حصة ليم وعائلته في "توب غلوف"، من 6 مليارات دولار وهي الذروة التي بلغتها في أكتوبر 2020، إلى 4.5 مليار دولار بعد مرور أربعة أشهر، لتسجّل 1.6 مليار دولار في يناير.
ثم جاءت الضربة الأخيرة خلال الشهر الماضي، إذ تراجعت أرباح الشركة بنسبة 99%، وهو ما يكفي لتعليق خطط التوسع التي كان يطمح ليم إلى تحقيقها. وأشار ليم إلى أن النتائج قريبة كلّ القرب من القاع. انخفضت ثروة ليم لتصل إلى مليار دولار، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ للمليارديرات".
منافسة شرسة
لم يكن ليم المؤسس الوحيد الذي حقق أرباحاً طائلة في ظل تفشي جائحة كورونا، ليخسرها من جديد. شملت هذه الفترة ما لا يقل عن خمسة مليارديرات في قطاع معدات الحماية الشخصية وحده، بما في ذلك التايلاندي كيم سيم الذي يملك شركة "سوبرماكس"، الذي حقق أرباحاً بوتيرة أسرع من "توب غلوف"، ناهيك عن عشرات المديرين التنفيذيين للتكنولوجيا الأغنياء الجدد وحاملي العملات المشفرة.
لكن بصفته رئيس مجلس إدارة أكبر شركة مصنعة للقفازات المطاطية، فإن تآكل ثروة ليم سيكون دراماتيكياً مثل صعودها. على عكس مؤسسي التكنولوجيا في الولايات المتحدة أو أوروبا ومتداولي العملات المشفرة، فإن التدهور السريع الذي تشهده "توب غلوف" يمكن أن يوجه ضربة لماليزيا، التي تنتج 65% من إمدادات العالم من القفازات. بينما ارتفعت شحنات البلاد من القفازات المطاطية بنسبة 50% أي ما يقرب من 14 مليار دولار في العام الماضي، كثّف المنافسون الصينيون إنتاجهم، ما يجعل التأثير أكثر حدة.
من جهته عبر وونغ وي سوم، المحلّل في بنك الاستثمار "ماي بنك" (Maybank Bhd)، عن اندهاشه بشأن الانخفاض السريع والمفاجئ في متوسط سعر البيع والمنافسة الشرسة من قبل مصنعي القفازات في الصين، إذ يستعدون لخفض أسعار منتجاتهم من أجل الاستيلاء والسيطرة على السوق.
من جانبه، لم يعلق ممثل "توب غلوف" على الموضوع.
أسس ليم "توب غلوف" في عام 1991 وحولها إلى شركة عملاقة تنتج 100 مليار قطعة من القفازات سنوياً من في 49 مصنعاً، ما يوفّر 26% من حاجة السوق العالمية لمعدات الحماية. بدأ تداول السهم في ماليزيا في عام 2001، ليُتداول بعد 15 عاماً في سنغافورة. كما عُلِّق إدراج ثالث في هونغ كونغ في مارس بسبب "التطورات التي طرأت على هذه الصناعة".
ركود مرتقب
يُعتبر ليم، الذي يمتلك مع عائلته 36% من أسهم "توب غلوف"، المستفيد الأوّل من سياسة توزيع الأرباح التي تنتهجها الشركة والأرباح القياسية التي حققتها خلال العام الماضي. على الرغم من انخفاض الأسهم بنسبة 89% عن ذروتها، إلاّ أنّه تلقى مكاسب غير متوقعة تفوق 400 مليون دولار لعام 2021 و75 مليون دولار في عام 2020 حيث نمت أرباحه بأكثر من 300% في كل عام. بعد أن كانت ثروته 26 مليون دولار في عام 2019، أي قبل تفشي الجائحة.
من غير المرجح أن يكون عام 2022، عاماً جيداً بالنسبة له مثل أيامه كملياردير. حيث كان عام 2021 استثنائياً من ناحية الأرباح المالية التي حققتها الشركة، لأنها كانت في ذروة تفشي جائحة كورونا، وكان ارتداء القفازات ضرورة قصوى، وفقاً لليم سو هوا، محلّلة في "جي أف" ((JF Apex Securities Bhd. كما توقّعت وقوع شركة "توب غلوف" في حالة ركود على المدى القريب.