موكيش أمباني يقسّم إمبراطوريته لتجنّب خطأ والده

time reading iconدقائق القراءة - 8
موكيش أمباني وزوجته نيتا، وابنتهما إيشا (في الوسط) خلال حفل زفافها عام 2018، فيما يظهر في الصورة أيضاً زوج إيشا، أناند بريمال، ووالداه - AFP
موكيش أمباني وزوجته نيتا، وابنتهما إيشا (في الوسط) خلال حفل زفافها عام 2018، فيما يظهر في الصورة أيضاً زوج إيشا، أناند بريمال، ووالداه - AFP
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

في مثل هذه الأيام تقريباً قبل 13 عاماً، كان الملياردير موكيش أمباني وشقيقه الأصغر، أنيل، يعيشان مع في المنزل ذاته مع الدتهما في مومباي، في الهند، رغم انشغالهما معاً في ذلك الوقت بالمحاكم الهندية، بسبب صراعهما على إمبراطورية والدهما، ديروبهاي أمباني، الذي تُوفي في عام 2002 من دون أن يترك وصية، وهو الأمر الذي زرع بذور العداء بين الأخوين.

اقرأ أيضاً: خطة خلافة "أمباني".. ثاني أغنى رجل في آسيا يبدأ نقل إمبراطوريته لأبنائه

كجزء من تسوية عائلية في عام 2005، فاز موكيش بالسيطرة على حقول واقعة في عمق بحر خليج البنغال، والتي كانت قد بدأت لتوّها إنتاج الغاز. لكن الاتفاق تطلّب منه أيضاً، توفير مواد أولية رخيصة لمحطة الطاقة المقترحة التابعة لأنيل، مقابل سعر ثابت لمدة 17 عاماً. كان يمكن ربما لاحترام هذا الاتفاق، أن ينهي انقطاعات التيار الكهربائي المستمرة لثماني ساعات في العاصمة نيودلهي، لكنه كان يعني أيضاً، الإضرار بمصالح شركة "ريلاينس إندستريز" (Reliance Industries) التابعة لموكيش، والتي تُعتبر أكبر شركة غير حكومية في الهند.

اقرأ المزيد: أغنى رجلين في آسيا يجنيان مكاسب غير متوقعة من ارتفاع النفط والفحم

لحسن حظ الشقيق الأكبر، جاء حكم المحكمة العليا الهندية في مايو 2010 في مصلحته، إذ اعتبر أن الغاز هو من الأصول السيادية للهند، وليس ملكاً لموكيش. وبعد أسبوعين، اتفق الشقيقان على العيش في "وئام"، ووضع حد لمعظم البنود غير التنافسية لانفصالهما، بما في ذلك في قطاع الاتصالات، ما أسفر عن تولي أنيل إدارة شركة "ريلاينس كوميونيكيشنز" (Reliance Communications). وعلى هذا الأساس، عاد موكيش أمباني إلى الصناعة بعد شهر، وهي الخطوة التي قادته إلى تبوُّء مكانته الحالية، كعاشر أغنى رجل أعمال في العالم، بثروة صافية تبلغ 90 مليار دولار.

خطة الخلافة

ظهرت بعض التطورات الأخرى منذ ذلك الحين، حيث ثبت أن اكتشاف الغاز، وهو محور الخلاف، مخيّب للآمال، ما أدّى إلى إفلاس العديد من شركات أنيل. لذلك، كانت هناك دلالات رمزية لخطوة موكيش أمباني البالغ من العمر 65 عاماً، عندما وضع خطته الخاصة للخلافة موضع التنفيذ هذا الأسبوع، وهي أنه لن يكرّر خطأ والده. ولذلك، بدأ خطته للخلافة بشركة الاتصالات.

من المقرر أن يخلف أكاش، المولود البكر لأمباني والبالغ من العمر 30 عاماً، والده كرئيس لشركة الاتصالات اللاسلكية الأولى في الهند "ريلاينس جيو إنفوكوم" (Reliance Jio Infocomm)، في حين سيواصل الأب الذي استقال من مجلس إدارة "إنفوكوم"، إدارة شركة "جيو بلاتفورمز" (Jio Platforms)، وهي مالكة جميع الأصول الرقمية، بما فيها شركة الاتصالات.

ربما يكون هذا الترتيب مؤقتاً، حتى تنتهي "جيو بلاتفورمز"، التي تشمل قائمة المستثمرين فيها شركتي "ميتا بلاتفورمز" و"ألفابت"، من طرحها العام الأولي الذي طال انتظاره. وفي ظل تداخل أعمال الاتصالات بشكل وثيق مع التجارة -حيث تدير شركة "ريلاينس ريتيل" (Reliance Retail) التابعة لأمباني أكبر سلسلة متاجر في الهند، بينما تدير "جيومارت" (JioMart) الخاصة به سلسلة متاجر صغيرة تتطلع للبيع عبر الإنترنت– فإنه من المتوقع على نطاق واسع، أن تترأسها إيشا، شقيقة أكاش التوأم.

سيناريو مرجّح

في مثل هذا السيناريو، من المرجّح أن يتولى أنانت، البالغ من العمر 27 عاماً -وهو الشقيق الأصغر للتوأم- رئاسة إرث أعمال تحويل النفط إلى مواد كيميائية. لكن سيكون هناك بعض التغييرات: فعلى أنانت إكمال طريق والده بعيداً عن الهيدروكربونات الملوّثة، والتحوّل نحو مصادر طاقة أنظف مثل الألواح الشمسية وبطاريات أيون الصوديوم، والأهم من ذلك، الهيدروجين الأخضر بسعر أقل من دولار واحد لكل كيلوغرام واحد في غضون عقد، أو ما يسميه والده "الهدف 1-1-1".

بدأ موكيش أمباني حديثه للمرة الأولى عن "الانتقال المهم للقيادة"، خلال مناسبة جمعت الموظفين في ديسمبر الماضي. لذلك، يصعب تحديد الشكل الذي سيبدو عليه التغيير النهائي، وموعد تنفيذ التغييرات. لكن، لن يكون مفاجئاً أن ينتهي الأمر بتجارة التجزئة والاتصالات والطاقة كشركات تديرها كوادر محترفة، ومدرجة بشكل مستقل مع شركاء في رأس المال، ومع دعم تشغيلي من شريك إستراتيجي أو أكثر. في هذا السيناريو، يمكن للأبناء، إضافة إلى أمباني وزوجته نيتا، أن تكون السيطرة في أيديهم من خلال أسهمهم في "ريلاينس إندستريز"، التي ستمتلك حصصاً في "جيو بلاتفورمز" و"ريلاينس ريتيل" و"ريلاينس أو 2 سي" (Reliance O2C).

لا شك في أن مثل هذه الهيكلة، لن تخلو من مشكلاتها الخاصة. فقد يؤدي الإدراج المنفصل للوحدات التابعة في سوق الأسهم، إلى الانتقاص من قمية "ريلاينس" كشركة قابضة، مع توجه سوق الأسهم في العادة إلى تقييم أي تكتل بأقل من القيمة المجمعة لكل أجزائه. لكن عدم وجود الدمج -بحيث يمتلك مستثمرو "ريلاينس" حصصاً متناسبة مباشرة في الكيانات التشغيلية- من شأنه أن يقوّض قوة الميزانية العمومية الموحدة.

جدارة ائتمانية

منحت وكالة "فيتش" تصنيف (BBB) للجدارة الائتمانية بالعملة الأجنبية لشركة "ريلاينس"، وهي درجة أعلى من الديون السيادية للهند. وتتمتع "ريلاينس" بميزة هائلة لتكلفة رأس المال، نظراً لأرباحها التشغيلية العالية وديونها القليلة جداً. وقد تكون المحافظة على هذه الميزة ذات قيمة كبيرة بالنسبة إلى الجيل القادم، خصوصاً مع اشتداد المنافسة مع إمبراطور الصناعة الآخر في الهند، غوتام أداني، الذي تفوّق على أمباني في تصنيفات الثروة على مستوى العالم، محتلاً المركز السابع.

إذا كان هذا النموذج هو المفضل بالفعل، فإن النموذج قائم بالنسبة إلى "جيو بلاتفورمز"، مع وضع الطرح العام الأولي جانباً. لم يستثمر سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة "غوغل"، في "جيو" فحسب، بل إنه ساعدها أيضاً عبر هاتف رخيص يعتمد على نظام "أندرويد"، فيما يمكن لخدمة رسائل "واتساب" من "فيسبوك" أن تساعد متاجر "جيو مارت" المجاورة على تلقي طلبات العملاء والمدفوعات عبر الهاتف.

ربما أراد أمباني إبرام صفقات مماثلة مع "أمازون" في تجارة التجزئة، ومع "أرامكو السعودية" لمجمع تكرير النفط الخاص به، والذي يُعدّ الأكبر في العالم. لكن بدلاً من إبرام شراكة مع "أمازون" نشبت منافسة شديدة الآن. كذلك، استمرت مغازلة "ريلاينس" لـ"أرامكو" لأكثر من عامين، لتنهار في النهاية دون صفقة. والأسوأ من ذلك، حسب ما ذكرته "بلومبرغ نيوز"، أن المنافس اللدود أداني، يتودد لـ"أرامكو" الآن. في ظل الكثير من الأحداث الجارية، لا شك في أن أمباني سيرغب في أقل قدر ممكن من الدراما في قاعة اجتماعات مجلس الإدارة.

لكلٍّ شخصيتُه وأداؤه

عندما كان موكيش وأنيل أمباني يحيلان نزاعهما حول الغاز إلى المحكمة العليا الهندية في صيف عام 2009، كانت القيمة السوقية المجمعة لإمبراطوريتهما تقدر بـ108 مليارات دولار، أي خمسة أضعاف قيمتها قبل تسوية الأسرة. أما الآن، فتبلغ قيمة "ريلاينس إندستريز" التابعة لموكيش 221 مليار دولار، في حين أن القيمة المتبقية لمجموعة أنيل، بعيداً عن توليد الطاقة ونقلها وتوزيعها، هي كل ما يمكن للدائنين الحصول عليه من إجراءات الإفلاس المتخذة ضد العديد من شركاته.

هل كان بإمكان الأخوين تحقيق الكثير معاً، سواء بالنسبة إليهما أو للمستثمرين؟ ربما لا.

ثمة أمور كثيرة حدثت بسبب شخصيتيهما المختلفتين. فقد كان موكيش دائم التحفظ والخجل ولديه أهداف محدّدة، بينما كان أنيل -عندما رأيته آخر مرة خلال نزاعه مع شقيقه– اجتماعياً، ولامعاً، ومحبوباً جداً من قبل الساسة ووسائل الإعلام. لكن مع ذلك، قد تكون هذه الاختلافات بين الشقيقين تكاملية، لكن عندما لا يسير الأمر على هذا النحو، يكون من الأفضل لكل منهما أن يذهب في طريقه المنفصل.

لا شك في أن أبناء أمباني سيرغبون في الاحتفاظ بعلاقتهم بالشركة الأم "ريلاينس" في الوقت الراهن، ما يعني أنه سيتعين عليهم قبول سياسات تخصيص رأس المال للتكتل، حتى لو كانوا أحراراً في شؤونهم الخاصة. من المحتمل أن يكون هذا الأمر أفضل ما يمكن أن يفعله والدهم لهم وللمجموعة، دون إضعاف الكل. فهو بالتأكيد انتقال أفضل مما كان عليه أن يتحمله.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

مومباي

23°C
غبار
العظمى / الصغرى 23°/23°
7.4 كم/س
64%
الآراء الأكثر قراءة