بلومبرغ
بعد سنوات من التراجع، باتت الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة تمتلك الآن حصة أقلّ من إجمالي ثروة البلاد، مقارنة بأغنى 1% من السكان.
شهدت الأسر الأمريكية المتوسطة الدخل، التي تبلغ نسبتها 60% من إجمالي عدد السكان -وهو مقياس يستخدمه الاقتصاديون غالباً كتعريف للطبقة المتوسطة- انخفاضاً في أصولها المجمعة إلى 26.6% من الثروة الوطنية، اعتباراً من شهر يونيو، وهو أدنى مستوى في بيانات الاحتياطي الفيدرالي التي تعود إلى ثلاثة عقود ماضية. وللمرة الأولى كانت حصة فاحشي الثراء أكبر، وبلغت ما نسبته 27%.
توفّر البيانات نافذة على التآكل البطيء في الأمن المالي لأصحاب الدخل المتوسط، مما أثار استياء الناخبين في السنوات الأخيرة. وقد استمر ذلك خلال جائحة كوفيد-19، رغم الإغاثة الحكومية بتريليونات الدولارات.
اقرأ أيضاً: أثرى أثرياء أمريكا يستخدمون صناديق خاصة لتجنب دفع الضرائب العقارية
في حين يختلف تعريف "الطبقة الوسطى" من شخص إلى آخر، فإن عديداً من الاقتصاديين يستخدمون الدخل لتحديد هذه الفئة من الناس. بالتالي فإن الطبقة الوسطى التي تشكّل 60% من السكان، والتي تضمّ في المتوسط 77.5 مليون أسرة، تجني الأسرة الواحدة فيها ما يتراوح بين 27,000 دولار و141,000 دولار سنوياً، استناداً إلى بيانات مكتب الإحصاءات.
اقرأ المزيد: الشرق الأوسط الأعلى بمعدل نمو الأثرياء عالمياً وإيران تتصدر
لقد تراجعت حصة هذه الأسر في ثلاث فئات رئيسية من الأصول -العقارات والأسهم والشركات الخاصة- في جيل واحد. وأدى ذلك إلى جعل حياتها أقلّ استقراراً، لأن الاحتياطيات المالية التي يمكن الاستعانة بها عندما يفقد أفرادها وظائفهم، أصبحت أقلّ.
أما أغنى 1% من السكان، فيبلغ تعدادهم نحو 1.3 مليون أسرة، تكسب الواحدة منها أكثر من 500,000 دولار سنوياً، من إجمالي 130 مليوناً تقريباً. ويمثل تركُّز الثروة في أيدي جزء صغير من السكان جوهر بعض المعارك السياسية الكبرى في البلاد.
يسعى الرئيس جو بايدن لدعم عائلات الطبقة العاملة والمتوسطة بحزمة بقيمة 3.5 تريليون دولار أمام الكونغرس، تتضمن المساعدة في رعاية الأطفال، والتعليم، والرعاية الصحية المدفوعة، مع زيادة الضرائب على الأفراد ذوي الدخل المرتفع.
قال ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين المعيَّن حديثاً في "سيتي غروب" (Citigroup)، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "إذا لم يعمل النظام الاقتصادي لمصلحة الأغلبية الواضحة من السكان، فسوف يفقد الدعم السياسي في النهاية. تحفز هذه الملاحظة عديداً من الإصلاحات الاقتصادية التي تطرحها إدارة بايدن".
تُظهِر بيانات الاحتياطي الفيدرالي أنه على مدى الثلاثين عاماً الماضية، تحوّلت 10 نقاط مئوية من الثروة الأمريكية إلى 20% أصحاب الدخل الأعلى، الذين يمتلكون الآن 70% من إجمالي الثروة.
ساعد العمال الذين يعانون ضغوطاً مالية، في زيادة الدعم للرئيس السابق دونالد ترمب، والتحول الشعبوي في الحزب الجمهوري.
قبل جيل واحد، كانت الطبقة الوسطى تمتلك أكثر من 44% من الأصول العقارية في البلاد. الآن انخفضت النسبة إلى 38%.
أحدثَ الوباء طفرة في قيم وأسعار المنازل استفاد منها معظم مالكي العقارات في المقام الأول، كما أدى إلى ارتفاع الإيجارات هذا العام، مما أضرّ بمن لا يستطيعون شراء منزل. وقد أدّت هذه الدائرة المغلقة التي تغذّي نفسها، إلى ثروة أكبر للأثرياء.
من الأسباب الأخرى لتآكل ثروة الطبقة الوسطى، أن هذه العائلات لديها جزء كبير ومتزايد من الديون الاستهلاكية غير العقارية، التي تترافق عادةً مع معدلات فائدة أعلى.