بلومبرغ
يتلقى روس شارفونيا، رسائل بريد إلكتروني غير مرغوب فيها تعرض شراء شركته، منذ اليوم الذي بدأ فيه العمل في شركته لإدارة الثروات في عام 2014 تقريباً، ويرسلهم مباشرة إلى سلة المحذوفات.
ولكنه مثل مئات المديرين الآخرين هذا العام، استسلم "شارفونيا" في النهاية. خلال الشهر الماضي، وأصبحت شركته "تشانل أيلند غروب" ومقرها فينتورا بولاية كاليفورنيا وأصول عملائها التي تبلغ قيمتها 277 مليون دولار جزءاً من "مارينير ويلث أدفايزرز" رسمياً، مقابل مبلغ لم يكشف عنه.
اقرأ أيضاً: الأثرياء يشعلون موجة "هوَس عقاري" في سنغافورة خوفاً من التضخم
إقبال متزايد على إدارة الثروات
شكلت عملية البيع هذه واحدة فقط مما يمكن أن يكون رقماً قياسياً لعمليات الاستحواذ في صناعة إدارة الثروات، حيث تجذب اهتمام أعداد متزايدة من الأفراد الأثرياء الذين يحتاجون إلى المشورة المالية أكثر من أي وقت مضى.
تدفقت السيولة من الشركات الخاصة، وترى شركات الخدمات المالية الأكبر فرصة للتوسع من خلال إضافة مستشارين لديهم بالفعل علاقات طويلة الأمد مع العملاء الأثرياء والقدرة على جذب عملاء جدد.
وبينما دمر الوباء قطاعات كبيرة من الاقتصاد وترك العديد من العاطلين عن العمل، فقد أوجد أيضاً تجمعات جديدة ضخمة من الثروة مع دفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة إلى مستويات منخفضة جديدة والأسهم إلى مستويات عالية جديدة.
يبدو عدد عمليات الاندماج والاستحواذ التي تشارك فيها شركات إدارة الثروات الأمريكية في طريقه للوصول إلى 260 هذا العام، وفقاً لـ"إيشيلون بارتنرز"، وهو أكبر عدد منذ بدأت الشركة في تتبع البيانات في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
قال بيت جوجوسيس، العضو المنتدب في شركة الاستشارات "ألفاريز آند مارسال ترانز أكشن أدفايزري" إن: "كوفيد يجعل شركات إدارة الثروات تبدو وكأنها استثمارات أكثر جاذبية من ذي قبل. لم أرَ سوق صفقات أكثر انشغالاً في السنوات الخمس عشرة الماضية".
اقرأ أيضاً: الشرق الأوسط الأعلى بمعدل نمو الأثرياء عالمياً وإيران تتصدر
منافسة ضارية
كانت المنافسة على عمليات الاستحواذ شديدة لدرجة أن البنك الإقليمي "سيتيزن فايننشال غروب" الذي يقع مقره في رود آيلاند بدأ في الاتصال بشركات إدارة الثروات ومحاولة التفاوض مع مديريها مباشرةً كطريقة لتجنب عملية تقديم العروض الطويلة، وفقاً للرئيس التنفيذي، بروس فان ساون.
قال فان ساون في مقابلة معه هذا الأسبوع: "يعرف الناس أن لدينا مصلحة في النمو هناك، لكن هذه المساحة مطلوبة بشدة من اللاعبين الذين يمكنهم الدفع، مثل شركات الأسهم الخاصة".
كانت ثمانية من أكبر عشر صفقات لإدارة الثروات في الولايات المتحدة في الربع الثاني استثمارات مباشرة من شركات الأسهم الخاصة أو عمليات استحواذ من شركات مدعومة من شريك في الأسهم الخاصة، وفقاً لتقرير "إيشيلون بارتنرز" الأخير.
ومن بين المشترين هذا العام "واربيرغ بينكوس" و"منظمة بريتزكير" و"بين كابيتال".
عرض جذاب
يمكن أن تستمر العلاقة بين المستشار المالي والعميل لعقود. يُعدّ هذا عرضاً جذاباً لشركات الاستحواذ التي تبحث عن مصادر إيرادات طويلة الأجل للاستفادة منها مع استمرار وباء كورونا في تعكير صفو الأسواق.
من المحتمل أن يكون السبب الأساسي وراء ذلك هو أن أعداد الأثرياء تنمو بسرعة، في حين أن عدد المهنيين الذين يقدمون لهم المشورة لا يتماشى مع ذلك.
في يونيو، توقع تقرير الثروة العالمية من مجموعة "كريدي سويس" زيادة في عدد أصحاب الملايين على مستوى العالم بنسبة 50% تقريباً خلال السنوات الخمس المقبلة ليصل إلى 84 مليوناً من 56.1 مليون في نهاية عام 2020.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن ينمو عدد المستشارين الماليين الشخصيين في الولايات المتحدة بنسبة 5% فقط من عام 2020 إلى عام 2030، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل. ويقارن ذلك مع نمو متوقع بنسبة 8% لجميع المهن.
قالت مارينا شتيركوف، المديرة المساعدة في شركة الاستشارات "سيرولي أسوشيتس": "ببساطة لا يوجد ما يكفي من المستشارين الجدد القادمين. وهذا يترك شعوراً بالضرورة".
ضربة مزدوجة
قال الخبراء إن النقص المتزايد غيَّر طريقة تفكير شركات الاستشارات المالية في النمو. وبدلاً من محاولة تعيين مستشارين من مجموعة محدودة من الموظفين الجدد، يجد الكثيرون أنه من الأسهل ببساطة شراء الشركات القائمة وجعل المستشارين فيها خاصين بهم.
قال ديفين رايان، الذي يحلل صناعة إدارة الثروات في "جيه إم بي سيكيورتيز"، إن القيام بذلك يمثل "فرصة لزيادة عدد المستشارين الماليين بضربة واحدة".
وشرعت بعض الشركات في عمليات شراء كاملة.
صفقات مكثفة
اشترت شركة إدارة الثروات الكندية "سي آي فاينانشيال" حوالي 20 شركة استشارية منذ دخولها السوق الأمريكية العام الماضي، لتضاعف أصول إدارة الثروات لديها ثلاث مرات لتصل إلى 128.5 مليار دولار في الاثني عشر شهراً المنتهية في 30 يونيو، وفقاً للبيانات التي أودعتها الشركة.
كانت آخر عملية استحواذ للشركة الكندية هي شركة "بورتولابارتنرز" ومقرها سان فرانسيسكو، والتي تختص في تقديم المشورة لمؤسسي شركات التكنولوجيا ذات الثروات الفائقة والمديرين التنفيذيين وأصحاب رؤوس الأموال.
منذ يوليو، قامت شركة "مارينير ويلث أدفايزرز" بخمس عمليات استحواذ أخرى إضافة إلى صفقة "تشانيل آيلاندز"، حيث أضافت 7 مليارات دولار من الأصول الخاضعة للإدارة، بحسب ما ذكرته الشركة التي يقع مقرها في أوفرلاند بارك بولاية كنساس في بيان يوم الخميس.
استحوذت شركة "روكفلر كابيتال مانجمنت"، ومقرها نيويورك والتي يديرها غريغ فليمنغ المدير التنفيذي السابق لشركة "مورغان ستانلي"، على تسعة فرق استشارية على الأقل هذا العام، بما في ذلك تلك الموجودة في دنفر وسينسيناتي وسان أنطونيو.
يقول المستشارون إن المحرك الرئيسي للصفقات هو ما يسمى بأزمة الخلافة التي تنتشر عبر الصناعة.
يتقدم مالكو الشركات الاستشارية المستقلة وموظفوهم العاديون في السن، ما يترك مجموعة محدودة من الخلفاء المحتملين. توفر التقييمات المرتفعة لشركاتهم خلال حقبة كوفيد فرصة ممتازة للبيع مع ترك العمل في أيدي مستقرة.
وقال شتيركوف من شركة "سيرولي أسوشيتس": إن متوسط عمر المستشار هو 51 عاماً. وكان الوباء بمثابة جرس إنذار لهم. حيث بدأوا يسألون أنفسهم، "إلى متى أريد الاستمرار في القيام بهذا العمل؟".