الشرق
يواجه ذوو الاحتياجات الخاصة في مصر مصاعب متزايدة في استيراد سياراتهم منذ عدة أشهر، إذ تحتجز السلطات الجمركية عدداً كبيراً من تلك السيارات بسبب ما وصفها مسؤولون حكوميون تحدثوا مع "الشرق" بأنها مخالفات استيرادية، مشيرين إلى أن الحكومة ستتخذ إجراءات ضد المخالفين، بما في ذلك شطبهم من برامج الدعم الحكومي ومصادرة السيارات وتحصيل غرامات مالية كبيرة.
"كنت أتمنى امتلاك وسيلة نقل مريحة وآمنة لعائلتي المكونة من 6 أفراد، لكنني أقف الآن عاجزاً أمام سيارتي المحجوزة في الجمارك بعد قرار عدم الإفراج عن سيارات ذوي الهمم لحين إصدار الضوابط الجديدة" بحسب علاء المصري أحد المتضررين.
علاء، مثل العديد من المتضررين من القرار، تحول حلمه إلى مصدر قلق، بعد أن أصبح مطالباً بدفع أرضيات وغرامات تصل إلى حوالي 75 ألف جنيه، بينما لا تزال سيارته عالقة في الجمارك دون معرفة موعد محدد للإفراج عنها.
وقف الإفراج الجمركي
قررت الحكومة المصرية في يوليو الماضي وقف الإفراج الجمركي ومنع التسجيل المسبق على نظام الجمارك لسيارات ذوي الاحتياجات الخاصة لمدة 6 أشهر، وذلك لتحسين المنظومة وإغلاق أي ثغرات في النظام الحالي، بحسب وثيقة اطلعت عليها "الشرق" آنذاك.
وفي مطلع أكتوبر، أقرت الحكومة تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون الأشخاص ذوي الإعاقة والخاص بسيارات ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تضمنت ألا تتجاوز السعة اللترية للسيارة "1200 سي سي" لسيارات البنزين أو السولار أو الهجينة، وبحد أقصى 200 كيلوواط للسيارات الكهربائية، وألا تكون بنظام دفع "تربو". كما اشترطت اللائحة عدم مرور 3 سنوات من تاريخ صنع السيارة عند الاستيراد، وأن يكون بالحساب البنكي مبلغ مالي لا يقل عن ثَمن السيارة بالكامل عند الاستفادة من الإعفاء الجمركي عليها.
تكافل وكرامة
قال مسؤول حكومي لـ"الشرق" إن 26% من سيارات ذوي الهمم المحتجزة في الجمارك بعض أصحابها يستفيدون من معاش الدعم الحكومي "تكافل وكرامة" والبعض الآخر قاموا باستيرادها تحت بند "أمتعة شخصية".
المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أضاف أن "الجمارك تحتجز نحو 11 ألف سيارة لذوي الهمم من بينها 2849 سيارة مخالفة، ويجري حالياً الفحص الجمركي للسيارات المتبقية وعددها نحو 7500.. وضعنا ضوابط صارمة للمخالفين في (استيراد) سيارات ذوي الإعاقة بالتنسيق مع وزارة التضامن وتم عرضها منذ أيام على مجلس الوزراء للبت فيها".
مصر شكلت لجنة خلال الأشهر القليلة الماضية لإجراء حصر دقيق ومراجعة موقف ملفات جميع السيارات المُفرج عنها لصالح الأشخاص ذوي الهمم في كل محافظة خلال السنوات الثلاث الماضية، وأجرت زيارات ميدانية لحائزي السيارات للتأكد من استخدام مستحقي الإعفاء الجمركي لتلك السيارات دون غيرهم.
مصير الحالات المخالفة
مسؤول حكومي آخر قال لـ"الشرق" إنه سيتم شطب كل أسماء ذوي الإعاقة من مستفيدي معاش "تكافل وكرامة" إذا تبين من الفحص استيرادهم للسيارات لصالح أشخاص آخرين أو لسيارات لا تتناسب مع ملاءتهم المالية، مضيفاً أن "كثيرين استوردوا سيارات تصل قيمتها إلى مليوني جنيه (حوالي 40 ألف دولار)".
"إذا ثبت تقديم بيانات كاذبة أو استغلال شخص مستحق للحصول على هذه الامتيازات، ستتم مصادرة السيارة لصالح الدولة، إذا كانت لم تستخدم بعد، ويمكن طلب إعادة تصديرها للخارج بدلاً من دفع الرسوم الجمركية، ولكن ذلك سيكون بعد تسوية الغرامات"، بحسب المسؤول.
وجمعت الحكومة المصرية ما يصل إلى 2.5 مليار جنيه غرامات من مستخدمي سيارات ذوي الهمم في مصر منذ يونيو الماضي، بحسب مسؤول حكومي ثالث تحدث لـ"الشرق".
مطالب رابطة ذوي الهمم
تقول وفاء محمد، وهي من مؤسسي رابطة ذوي الهمم، إن "السيارات محتجزة منذ شهر مايو حتى الآن دون سبب واضح، بالإضافة إلى أن قيمة غرامات الأرضيات وصلت إلى 200 ألف جنيه في بعض السيارات وبعض الناس اضطر للدفع تجنباً لنقل السيارات إلى المهمل".
وأضافت في حديثها مع "الشرق" أن هناك "غموضاً كبيراً حول موعد الإفراج، كما أن خطابات القومسيون الطبي (اللجنة الطبية) وبطاقات الخدمات انتهت ويستغرق تجديدها ما يقرب من 6 أشهر أخرى على أقل تقدير... أقر أن هناك تجاوزات في هذا الملف بالفعل، ولكن على الجانب الآخر يوجد أصحاب حق من الذين استوردوا سياراتهم وفقاً للقانون دون أي مخالفات وهم الذين يعانون من احتجاز سياراتهم دون إعلان موعد محدد للإفراج عنها".
كان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قد قال في نهاية أغسطس إن نحو 80% من سيارات ذوي الهمم المستوردة إلى مصر في آخر عامين ليست مع المستفيد الأصلي والغالبية منهم لا يعرفون حتى نوع السيارة، مضيفاً أن الدولة ستستعيد حقها من كل المستفيدين بهذه السيارات دون وجه حق.
وفاء طالبت خلال حديثها مع "الشرق" بإعفاء "السيارات من الأرضيات أو الغرامات حيث إن هذه المبالغ المستحقة لن تصبح في مقدور غالبية المستوردين من ذوي الاحتياجات الخاصة، واستثناء خطابات الإعفاء الجمركي وكروت الخدمات المنتهية من شرط التجديد عند الإفراج عن السيارة وعند الترخيص، والسماح للأقارب من الدرجة الأولى بقيادة السيارة دون وجود المعاق".
الاستيراد الشخصي
لا يختلف كثيراً وضع الاستيراد الشخصي والتجاري عن الحال في سيارات ذوي الهمم، حيث قررت الحكومة المصرية تقييد استيراد السيارات الشخصية إلى البلاد بسيارة واحدة فقط لكل مستورد كل 5 سنوات، بحسب قرار وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية الذي نُشر بالجريدة الرسمية نهاية الشهر الماضي. يأتي قرار الحكومة في وقت تعاني فيه سوق السيارات المصرية من أزمة هي الأسوأ على الإطلاق بحسب تجار مصريين، حيث يعاني من نقص حاد في المعروض بسبب وقف الاستيراد، إلى جانب ارتفاع الأسعار، وتفاقم العلاوة السعرية على الموديلات المتاحة.
أما الاستيراد التجاري، فلا يزال يعاني من نقص المعروض منذ منتصف مايو الماضي، حيث اكتشفت شركات السيارات أن بند التسجيل الخاص بسيارات الركوب على منظومة التسجيل المسبق للشحنات (ACI) معطل، ثم سُمح في منتصف أغسطس الماضي بالإفراج المؤقت لبعض الوكلاء.