بلومبرغ
تضغط الصين على شركات السيارات التابعة لها لوقف توسعها في الاتحاد الأوروبي بسبب احتدام النزاع التجاري حول السيارات الكهربائية، بحسب ما أفاد به أشخاص مطلعون على الموضوع.
أوضح الأشخاص، الذين طالبوا بعدم الكشف عن هوياتهم نظراً لأن المحادثات خاصة، أن بكين تطلب من الشركات المصنعة تأجيل البحث عن مواقع إنتاج جديدة في المنطقة وتجميد توقيع أي صفقات جديدة، والحفاظ على مستوى منخفض من النشاط أثناء استمرار المفاوضات بشأن الرسوم الجمركية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية. وأوقفت الشركة المملوكة للدولة "دونغ فنغ موتور غروب" بالفعل خططها المزمعة لتصنيع السيارات في إيطاليا استجابة لهذه التحذيرات.
حرب رسوم جمركية
رغم أن التوجيه الصيني ليس أمراً إلزامياً، إلا أن هذه الخطوة قد تزيد من حدة التوترات مع الاتحاد الأوروبي في ظل تنافس القوتين للسيطرة على قطاع السيارات. صوَّت الاتحاد الأوروبي بوقت سابق من الشهر الحالي على زيادة الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين إلى 45%، متهماً بكين بتقديم دعم غير عادل لشركاتها المصنعة، والتي نفت بدورها هذه الاتهامات وهددت بفرض رسوم جمركية انتقامية على منتجات أوروبية تتضمن صناعات الألبان، والخمور ولحم الخنزير وقطاع السيارات.
بينما ذكرت "دونغ فنغ موتور" للمسؤولين الإيطاليين أن تأييد روما لرسوم الاتحاد الأوروبي كان السبب في تغيير خططها، إلا أن القلق يساور بكين أيضاً من احتمال زيادة السعة الإنتاجية بصورة مفرطة في ظل بطء التحول نحو السيارات الكهربائية في أوروبا وانخفاض الطلب على السيارات الصينية في السوق، بحسب الأشخاص.
على أي حال، تُعتبر هذه الخطوة انتكاسة لجهود رئيسة الوزراء جورجا ميلوني، التي حاولت جذب المزيد من شركات قطاع السيارات إلى البلاد، في وقت تقلل فيه الشركة المحلية "ستيلانتيس" من إنتاجها.
سافر وزير الصناعة الإيطالي أدولفو أورسو إلى الصين يوليو الماضي، حيث التقى بمسؤولين تنفيذيين من "دونغ فنغ موتور" بهدف جذب استثمارات الشركة. كان من المفترض أن تساعد هذه الزيارة في إتمام صفقة بين الشركة وإيطاليا خلال زيارة ميلوني للصين بوقت لاحق من نفس الشهر، لكن بكين طلبت من الشركة عدم المضي قدماً في الصفقة.
تجميد خطط الشركات الصينية
ليس فقط شركة "دونغ فنغ موتور" التي تتوخى الحذر في تحركاتها. ألغت شركة "تشونغتشينغ شانعان أوتوموبيل"، وهي شركة سيارات مملوكة للدولة ومقرها غرب الصين، فعالية كان من المقرر أن تشهد إطلاق علامتها التجارية في أوروبا الأسبوع الحالي في مدينة ميلانو، وذلك لأن مفاوضات الرسوم الجمركية ما زالت جارية، وفق أحد الأشخاص.
تعهد الاتحاد الأوروبي والصين بالعمل سوياً للتوصل إلى اتفاق بديل من شأنه أن يتجنب الحاجة إلى فرض رسوم جمركية.
رفض متحدث باسم وزير الصناعة الإيطالي التعليق. كما لم يرد ممثلا "دونغ فنغ موتور" و"تشونغتشينغ شانغان أوتوموبيل" على طلبات التعليق. ولم يستجب أيضاً ممثلو وزارة التجارة الصينية.
من جهة أخرى، أرجأت شركة "شيري أوتوموبيل" (Chery Automobile) هدفها لبدء إنتاج السيارات الكهربائية في مصنع استحوذت عليه في إسبانيا لمدة عام حتى أكتوبر 2025، بينما تدرس حجم العمل المطلوب تنفيذه في موقع في برشلونة بعد قرار الاتحاد الأوروبي بشأن الرسوم الجمركية، وفق تقرير لبلومبرغ الشهر الماضي.
عاني الطلب على السيارات التي تعمل بالبطاريات الكهربائية في أوروبا تراجعاً بعد أن ألغت عدة دول دعمها لهذا القطاع. أثر ذلك بصفة خاصة على العلامات التجارية الصينية مثل "نيو" و"إس إيه آي سي موتورو" التي شهدت انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية الخاصة بها بنسبة تقارب النصف خلال أغسطس الماضي، في أدنى مستوياتها منذ 18 شهراً.
جاذبية السوق الأوروبية
رغم هذه التحديات، ما زالت أوروبا وجهة جذابة لمصنعي السيارات الصينيين، حيث يمكنهم عموماً البيع بأسعار أعلى هناك مقارنة بالسوق المحلية، التي تعاني من حرب أسعار مثيرة للمتاعب بين السيارات الكهربائية.
تواصل شركة "بي واي دي" العمل على خططها لبناء مصنع في المجر، لمساعدة الشركة المصنعة لسيارات "سيل (Seal)" و"أتو 3"(Atto3)" الكهربائية على تجنب الرسوم الجمركية الأوروبية. تخطط الشركة أيضاً لبناء مصنع بقيمة مليار دولار في تركيا، والتي تملك اتفاقية اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، ما يجعل سيارات "بي واي دي" المصنعة هناك معفاة من الرسوم.