بلومبرغ
سيارة "جيب رانغلر روبيكون 392" (Rubicon 392) لعام 2021، هي باهظة الثمن بالتأكيد. إذ تبدأ تكلفتها من 74 ألف و995 دولاراً شاملة لرسوم الوجهات، لتكون بذلك ذات تكلفة تفوق معظم السيارات من طراز "ديفيندر" من شركة "لاند روفر"، كما أنَّها تفوق تكلفة سيارة "رانغلر" الأساسية بأكثر من 46 ألف دولار.
وفي أواخر الشهر الماضي، عند تجربتها، وجدت أنَّ سيارة "رانغلر روبيكون 392" ذات صوت مرتفع أيضاً. فعند قيادتها على طريق من مسارين بالقرب من مدينة موآب في ولاية يوتاه، كان صوتها يشبه صوت ثور هائج . وقد وصلت سرعتها إلى 90 كيلومتراً في الساعة خلال 4.5 ثانية، وذلك أسرع بثانية واحدة من سيارة "الجاغوار" الرياضية من النوع "أف" (F-Type).
جدير بالذكر أنَّ سيارة "رانغلر روبيكون 392" كبيرة الحجم أيضاً. إذ يبلغ وزن هيكلها أكثر من 5 أرطال، وارتفاعها يصل لنحو 10 أقدام (1 قدم = 0.30 متراً)، وهي أعلى ببوصتين من سيارة "رانغلر" العادية. ويطغى هيكلها الضخم على وضوح تقنياتها التي تسمح لها بتطبيق الآلية الرشيقة التي يمكن أن تتسلَّق الصخور في المناطق النائية.
وباختصار، فإنَّ نجم سيارات "جيب" الجديد هو بالضبط عكس توجهات كل من إيلون ماسك، وشركتي "بورش"، و"أودي"، والكثير من الشركات الصينية، الذين باتوا يحلمون باستخدام الطاقة الكهربائية، واستهلاك الوقود المستدام، لأنَّ تقييمات الاقتصاد في استهلاك الوقود الصادرة من وكالة حماية البيئة لسيارة "روبيكون 392" هي 22 ونصف الكيلومتر للغالون في كلٍّ من القيادة في المدينة، وعلى الطرق السريعة بين المدن.
ومع وجود الشارات الذهبية ممتدة على أنحاء هيكلها، والمصباح الأمامي المستدير الذي يميزها، وشبكتها الأمامية ذات الأعمدة الطويلة التي تعرف بها سيارة "جيب"،
لا تشعر الشركة بالسوء بخصوص استهلاكها للوقود.
وفي حين كنت أخرج عن مساري على الطريق السريع متجهة نحو الطريق الوعر المغبر الذي من شأنه يقودني إلى المسارات المصنفة للسائقين "ذوي الخبرة" فقط. في مكان يسمى "وراء الصخور"، ويدل اسمه على طبيعته إلى حدٍّ ما، فكرت في أنَّه كيف يكون طراز السيارة من نوع (392) هو الأمثل بالنسبة لشركة "جيب" لطرحه في السوق الآن. فهذه السيارة ستمنح المتجولين المتحمسين الذين يحبون الانطلاق في البرية في نهاية الأسبوع، سيارة متينة، وذات قدرة سيطرة، وموثوقية مجربة وحقيقية، وهي جاهزة للانطلاق من المصنع مباشرة.
ويمكن لسيارة "جيب رانغلر روبيكون 392" أن تنطلق من سرعة 0 إلى 90 كيلومتراً في الساعة خلال 4.5 ثانية، وأن تقطع ربع ميل خلال 13 ثانية. إلا أنَّها تعيش أفضل لحظاتها عندما تتسلَّق الصخور. كما ويمكنها الخوض في بركة مياه يصل عمقها إلى 32.5 بوصة ( 1 بوصة = 25.4 مليمتر) واجتيازها.
ومع ارتفاع مبيعات سيارات "جيب" في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ خلال الأشهر الستة الماضية أكثر من أي وقت مضى، وذلك بناءً على ما أفاده جيم موريسون، نائب رئيس شركة "جيب"، وفي ظلِّ التعديلات والترقيات الخاصة الوافرة التي تمنح الشركة هامشاً كبيراً، فإنَّ وحش السيارات هذا، الواثق من نفسه، سوف يحقق نجاحاً ساحقاً. وبناءً على ما قاله موريسون، فإنَّه من المقرر تصميم سيارة (392) بنسبة 100% بحسب الرغبة قبل وما بعد البيع.
بين الرشاقة والضخامة
إنَّ سيارة "روبيكون 392" هي أوَّل سيارة "رانغلر" منذ 40 عاماً تعمل بمحرِّك من نوع (V8)، وهي أسرع وأقوى سيارة "رانغلر" تمَّ تصنيعها على الإطلاق، إذ تمتاز بسرعة 470 حصاناً، وعزم 637 نيوتن متر. وهي أقوى بثلاث مرات من آخر طراز لسيارة "رانغلر"، بمحرِّكها من نوع (V8)، وأسرع بنسبة 40% من سيارة "رانغلر روبيكون" الحديثة التي تعمل بمحرك (V-6).
إلا أنَّ سرعتها تصبح أقل أهمية كلما قضيت وقتاً أكبر على الطرق الوعرة، إذ تكون البراعة التقنية مهمة، ويصبح ناقل الحركة الأوتوماتيكي بسرعاته الثماني الأساس لنقل الحركة بسرعة وانسيابية، وتوفير الاستجابة المناسبة في الوقت المناسب.
وقد قمت باختبار جميع أوضاع التروس الأربعة الناقلة للحركة أثناء قيادتي لسيارة "رانغلر روبيكون 392" سواءً كانت نظام الدفع الرباعي الأوتوماتيكي (4WD Auto)، أو نظام الدفع الرباعي العالي (4WD High)، أو وضع الحياد، أو نظام الدفع المنخفض 4 (4WD Low). كما استمتعت خلال قيادة نينا بارلو، المرشد السياحي المعتمد من شركة "جيب" في ذلك اليوم، وتسلقها بالسيارة للصخور البيضاء الكبيرة تحت أشعة الشمس الحارقة، والصخور الزيتية الأخرى على الطرقات الوعدة. كما اجتزنا سوياً فدادين من المساحات الرملية الحمراء التي تحاكي تراب المريخ، والمسارات لا نهاية لها من الحجر الجيري والجرانيت.
وفي العادة، فإنني أبعد ما أكون عن ادعاء الخبرة في قيادة الطرق الوعرة، على الرغم من أنَّني قمت بالقيادة على الطرق الوعرة عدَّة مرات على مر السنين أثناء إعداد تقاريري الخاصة بالسيارات. إلا أنني لا أزال أجد أنَّ أوضاع القيادة، ونظام تروس النقل ذات السرعتين (النظام الذي يسمح بنسب تروس أقل عند القيادة فوق التضاريس شديدة الانحدار) بضغطة زر، تبدو كأمر بديهي بالمعنى الحرفي للكلمة. فبضغطة واحدة على الزر المناسب على لوحة العدادات، يمكن المحافظة على الطاقة في جميع العجلات بشكل فعال، إذ تستطيع سيارة "جيب 392" الدخول في منحدر شديد لا يمكن دخوله من غير التقنيات الفريدة في هذه السيارة. وكان الأمر يشبه مشهداً من فيلم "ماد ماكس"، ولم أشاهد أي سيارة أخرى بإعدادات المصنع نفسه هناك طوال اليوم.
كذلك اختبرت أيضاً، أثناء قيادتي للسيارة الجديدة من "جيب"، نظام القيادة الوعرة "بلس" (Off-Road Plus)، وهو إعداد آخر لأوضاع الصخور والرمل، الذي يعدل الخانق، ونقاط تبديل ناقل الحركة، والتحكُّم في الجر، لتحقيق أعلى أداء في المناوارات عالية السرعة على التضاريس الوعرة. وكان هناك شعور من التحرر يرافق القدرة على التحليق السريع فوق الرمال الحمراء الناعمة، التي أخدتني الرحلة خلالها بعيداً عن هموم مواعيد العمل، والمسائل العائلية، والقيود المفروضة بسبب فيروس كورونا، ونسيت أيضاً الشرطة التي تراقب المخالفات المرورية.
كان وضع القيادة على نظام الطرق الوعرة "بلس" الذي يسمح لي بإغلاق المحور الخلفي، والقيادة بسرعة أمراً استثنائياً. وكما أظهرت سيارة "الجيب" هذه، فإنَّ هذه القدرة بالذات تعدُّ الصفة العملية الأساسية لهندسة محرِّك (V8)، مقارنة بمحرِّك (V6) الأقل تكلفة، هذا عدا عن صوت المحرِّك الجديد الرائع الذي تستحق السيارة أن تفخر به.
عوامل قياسية جديدة
وتوفِّر سيارة "روبيكون 392" الكثير من وظائف القيادة على الطرق، مثل: تسهيل توصيل الطاقة، وضبط نسب التروس، وقفل وفتح ترس السرعة، وفصل شريط التأرجح الأمامي. وربما كانت هذه الأمور معقدة جداً في الماضي، إلا أنَّ عصر الراحة الحديث جاء مع أزرار ورافعات تسمح بتعديلها من داخل مقصورة سيارة "روبيكون" الفسيحة.
أما بالنسبة لعشاق سيارات "جيب" المتحمسين، فهناك تحسينات أخرى في الأنظمة والقيادة بداية من تحسين في زاوية الاقتراب، وزاويتي الانعطاف والانطلاق. بالإضافة لقدرات معززة تسمح للسائق بعبور نهر صغير. ( لم يحدث ذلك معي أثناء تجربتي للقيادة تحت أشعة الشمس الحارقة في كانيونلاندز).
وأيضاً، هناك بعض الجوانب الجديدة التي يمكنك الاستمتاع بها في السيارة، مثل الأبواب النصفية خفيفة الوزن (بدون سقف ولا إطار) التي تجعل ركوب السيارة والنزول منها سهلاً للغاية لدرجة أنني شعرت أنني أستطيع عملياً القفز عبر الباب إلى السيارة. هناك أيضاً المقاعد المكسوة بالجلد، والسقف الصلب (أفضل من القماش لمن يحبون المقصورات الداخلية الهادئة)، وهي ميزات ممتازة أصبحت كلها قياسية الآن. كما توجد عجلة قيادة رياضية جديدة مزودة بأزرار تبديل، على الرغم من أنَّني كنت أتمنى أن تكون أدوات التحكم الجانبية، إما أطول، أو غير مثبتة على عجلة القيادة نفسها. ففي أثناء المناورة السريعة في الوضع اليدوي، كنت كثيراً ما أجد نفسي أتوجه لتبديل الغيار، لتقبض يدي على أحدها بدلاً من ذلك.
ولا تزال المساحة الخلفية ومساحة التخزين في سيارة "روبيكون 392" هي نفسها التي تمتلكها شقيقاتها من السيارات الأقل قوة، عند ارتفاع 41 بوصة (ارتفاع كاف لتمر من خلالها مع قبعة كبيرة كالتي أرتديها لأحمي بشرتي من الشمس)، ومساحة للقدمين تبلغ 62 إنشاً (1 إنش = 2.54 سنيمتراً) (وهو أمر مهم جداً بالنسبة لنا ممن لديهم عظام ركب عريضة وحساسة). بالإضافة لحيز من الأمتعة بحجم 67.4 بوصة مكعبة (1 بوصة مكعبة = 16 سنتيمتراً مكعباً)، عند طيِّ المقاعد الخلفية. ويمكن القول، إنَّ السيارة تملك مساحة واسعة بالفعل.
وقدت سيارتي في الصحراء تحت الشمس الحارقة، وأنا أتوقَّع أن تشعرني سيارة (392) أنني أقود مركبة من بقايا زمن آخر، فسيارة بمحرِّك من نوع (V8)، وبسعة 6.4 لتر، تستخدم تقنية قديمة منقرضة مقارنة بما تقدمه بعض الشركات باستخدام طاقة البطارية، بما في ذلك شركة "جيب" (ترقبوا قريباً المزيد من التفاصيل عن سياراتي "غراند واغونير" (Grand Wagoneer) الكهربائية، وسيارة "رانغلر" الكهربائية).
وبكل تأكيد، فإنَّني خرجت من هذه التجربة بشعور بالحرية. لقد شعرت عندما كنت في موقف سيارات الفندق بعد عودتي إلى المدينة أنَّ سيارة (392) هي سيارة تبعث على الحيوية، وذات قوة استثنائية، ولديها القدرة على خوض المغامرات، والقدرة المُثبَتة على الذهاب إلى أي مكان بشجاعة.
وأنا اليوم أنتظر بفارغ الصبر شاحنات "رانغلر"، و"تسلا" و"ريفيان" الكهربائية مثلي مثل أي شخص آخر. إلا أنَّه وباستثناء مركبة (R1T) الموعودة من شركة "ريفيان" في شهر يونيو، تظل باقي المركبات ذات وعود نظرية في أحسن الأحوال، وغير مجرَّبة في جميعها. أما في الوقت الحالي، فلا يمكن تشبيه سيارة "رانغلر روبيكون 392 "سوى بالينبوع المتدفِّق الذي يمتاز بجاذبية، وقوة استثنائية بمحرِّك من نوع (V8)