"BYD" تستغل الهوس بكرة القدم للتقدم على "فولكس واجن" في عقر دارها

الشركة تستفيد من البطولة الأوروبية في استعراض الميزات الترفيهية لسياراتها وتوفير رحلات مكوكية عبر 300 مركبة

time reading iconدقائق القراءة - 23
شعار \"بي واي دي\" خلال مباراة إسبانيا وألبانيا في بطولة أمم أوروبا 2024 في دوسلدورف، ألمانيا - المصدر: غيتي إيمجز
شعار "بي واي دي" خلال مباراة إسبانيا وألبانيا في بطولة أمم أوروبا 2024 في دوسلدورف، ألمانيا - المصدر: غيتي إيمجز
المصدر:بلومبرغ

دار سجال جيواقتصادي من وراء الكواليس مع مخاطر تتجاوز بطولة أمم أوروبا لكرة القدم، حتى عندما كان المنتخب الألماني لكرة القدم يشق طريقه نحو الفوز في دورتموند يوم السبت الماضي.

فيما كان يهلل المشجعون في جميع أنحاء البلاد ابتهاجاً بالفوز بنتيجة 2-0 على الدنمارك، وبلوغ الدور ربع النهائي للبطولة، كانت شركة "بي واي دي" (BYD Co) الصينية تتطلع إلى توجيه ضربة تسويقية لشركة "فولكس واجن" على أرضها- وتعريف السوق الألمانية أكثر بالصناعة الصينية في الوقت نفسه.

في الوقت الذي تكافح فيه الشركة الألمانية العملاقة ومقرها في فولفسبورغ لوضع استراتيجيتها الخاصة بالسيارات الكهربائية على المسار الصحيح، فإن العلامة التجارية الصينية تكثف الضغوط باعتبارها الراعي لبطولة اليورو. بالإضافة إلى توفير خدمة نقل مكوكية من خلال حوالي 300 سيارة، تضع "بي واي دي" مركباتها في مناطق المعجبين لعرض ميزات مثل الميزات الترفيهية "كاريوكي" داخل السيارة، وتقديم هدايا التذاكر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الحوافز الحكومية الصينية

اعتبر ماركو سارستيدت، رئيس قسم التسويق في جامعة لودفيغ ماكسيميليانز في ميونيخ، أن "رعاية (بي واي دي) تجعل العلامة التجارية أكثر شهرة في أوروبا، وتكسبها كثيراً من الزخم المعنوي". أضاف: "إنها مخاطرة بالنسبة لاستراتيجية (فولكس واجن) للسيارات الكهربائية أن تخلي ساحة المنافسة فارغة لصالح (بي واي دي)".

شأنها شأن شركات صناعة السيارات الصينية الأخرى، ترغب شركة (بي واي دي) بشدة في تحقيق تقدم كبير في أوروبا. أججت بكين حلبة المنافسة نحو التوسع من خلال أوجه الدعم السخية على كل شيء، بدءاً من الأراضي الرخيصة إلى حوافز الشراء والسيارات التي تخرج من خطوط التجميع تلك، وهي تبحث الآن عن سوق لها.

مع تصاعد التوترات السياسية مع الولايات المتحدة، تُعد أوروبا المنفذ المتاح الأكثر رواجاً، ولكن حتى هناك، تشتد الرياح المعاكسة. من المقرر أن يبدأ الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية صينية الصنع في الأسبوع المقبل. على الرغم من ذلك، يُرجح أن يتم تحميل مركبات "بي واي دي" برسوم محدودة نسبياً قدرها 17.4%.

الأواصر الصينية الألمانية العميقة

رغم التهديد الذي تشكّله شركات صناعة السيارات في الصين، تحاول ألمانيا منع أو على الأقل تخفيف التعرفة الجمركية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، مما يعكس الأواصر العميقة بين الاقتصادين. تعتمد الشركات المصنعة مثل "فولكس واجن" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس بنز" على الصين لتحقيق أكبر جزء من مبيعاتها، كما أن بعضها يشحن السيارات الكهربائية المصنوعة هناك إلى أوروبا".

توجّه وزير الاقتصاد روبرت هابيك إلى الصين في الأسبوع الماضي لمناقشة هذه القضية، وقدمت بكين امتيازات مثل خفض التعرفة الجمركية بنسبة 15% على السيارات ذات المحركات الكبيرة مقابل مساعدة ألمانيا في إلغاء رسوم السيارات الكهربائية، حسبما قال أشخاص مطلعون على المناقشات.

حتى الآن، كان دخول الصين إلى أوروبا تدريجياً، أكثر من كونه تدفقاً كاسحاً. الشركة الأكثر نجاحاً من حيث المبيعات هي شركة "إس إيه أي سي موتور" (SAIC Motor). باعت الشركة المالكة لعلامة "إم جي" (MG) البريطانية، ومقرها شنغهاي، حوالي 97 ألف سيارة في الفترة من يناير حتى مايو في أوروبا، وفقاً لبيانات من رابطة مصنعي السيارات الأوروبية. ويمثل هذا أقل من خمس مبيعات علامة "فولكس واجن" التجارية في جميع أنحاء المنطقة، حيث بلغ إجمالي المبيعات 5.6 مليون سيارة.

"BYD" تروج منتجاتها في يورو 2024

رغم أن "بي واي دي" تجاوزت شركة "فولكس واجن" في الصين العام الماضي، إلا أنها تواجه تحدياً من أجل اكتساب موطئ قدم في أوروبا. ففي الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024، باعت العلامة التجارية ما يزيد قليلاً عن 13 ألف مركبة، وفقاً لبيانات من "جاتو دايناميكس" (Jato Dynamics)، لكنها أحرزت تقدماً من خلال حملتها التسويقية.

في منطقة المشجعين في برلين بالقرب من بوابة براندنبورغ، جذبت "بي واي دي" المارة لاستكشاف سيارتي سيدان مدمجتين كهربائيتين بالكامل وسيارة دفع رباعي هجينة، إلى جانب طاولتين لكرة القدم. وتضمنت النماذج المعروضة سيارة الهاتشباك "دولفين" التي تعمل بالبطارية، ويبدأ سعرها من 33 ألف يورو، وتتمتع بمدى قيادة يصل إلى 427 كيلومتراً (265 ميلاً) مقارنة بسيارة "فولكس واجن أي دي. 3" (ID.3) التي يبلغ سعرها 37 ألف يورو، ويمكنها السير لمسافة 388 كيلومتراً من خلال الشحنة الواحدة.

في أوروبا، يفكر 36% من مشتري السيارات الذين يعرفون العلامات التجارية الصينية في شراء طراز "بي واي دي"، وفقاً لاستطلاع أجرته شركة الاستشارات الإدارية "هورفاث" (Horváth) في أبريل، وشمل حوالي ألفي شخص. قبل 6 أشهر، كانت النسبة 10%.

تفوق الشركات الصينية

صرّح جورج مروسيك، خبير السيارات لدى "هورفاث": "هذه بالفعل علامة على تأثير البطولة الأوروبية". تابع: "نرى انفتاحاً متزايداً تجاه المصنعين الصينيين في أوروبا".

في الوقت الذي يحقق فيه التحول الكامل في الصين إلى سيارات الجيل التالي نجاحاً على الصعيد التكنولوجي لا يزال تقبل العملاء لهذه السيارات عقبة رئيسية. على مدى العامين الماضيين، تفوقت الشركات المصنعة الصينية على المنافسين الألمان من حيث تركيب الابتكارات -مثل شاشة تعمل باللمس مقاس 15.6 بوصة القابلة للدوران في السيارة "بي واي دي سيل" (BYD Seal)- وفقاً لدراسة أجراها مركز إدارة السيارات.

"إننا نشهد تحولاً جذرياً في ميزان القوى تجاه المصنعين الصينيين"، بحسب ستيفان براتزل، مدير مجموعة "بيرغيش غلادباخ" (Bergisch Gladbach) البحثية ومقرها في ألمانيا. أضاف: "إنه تحدٍّ كبير لشركات صناعة السيارات في ألمانيا، التي تحتاج إلى تبرير أسعارها المرتفعة بقدر مماثل من الابتكار على الأقل".

المنافسة الشديدة مع "فولكس واجن"

على الرغم من ذلك، لا يزال أمام "بي واي دي" طريق طويل لمواجهة قوة سوق "فولكس واجن" في أوروبا. تضم قائمة وكلاء الشركة التي يقع مقرها في شنزن 27 وكيلاً فقط في ألمانيا، مقارنة بمئات الوكلاء الذين يبيعون سيارات "فولكس واجن". وكان التحدي المتمثل في التغلب على التعلق الثقافي واضحاً في المعرض التابع لـ"بي واي دي" بالقرب من الرايخستاغ في برلين.

قال كوراي أوزباغجي، طالب العلوم الاجتماعية الألماني البالغ من العمر 28 عاماً، بينما كان يجلس في السيارة السيدان من طراز "سيل"، ويختبر نظام المعلومات والترفيه بها: "كل علامة تجارية جديدة تواجه مشكلات في بداياتها، مثل خلل في البرامج أو عمليات سحب المنتجات، ويجب عليها أولاً إثبات نفسها".

كان غياب "فولكس واجن" لافتاً للانتباه. ففي البطولة الأوروبية الأخيرة في عام 2021، كانت العلامة التجارية الألمانية أحد الرعاة الرئيسيين، واستخدمت البطولة التي استمرت لمدة شهر للترويج لإطلاق خط "أي دي" (ID) للسيارات الكهربائية. وفي ذلك العام، قررت الانسحاب من دور الراعي الرئيسي توفيراً للتكاليف، ما أفسح المجال أمام منافستها الصينية.

رأى متحدث باسم "فولكس واجن" أن "رعاية (بي واي دي) لبطولة أوروبا 2024 على أرضنا هي منافسة طبيعية". تابع: "نحن نأخذ هذا الأمر على محمل الجد"، مشيراً إلى أن العلامة التجارية لا تزال نشطة من خلال دعمها لخمسة منتخبات وطنية، بما في ذلك ألمانيا.

كسب المستهلكين الأوروبيين

مع ذلك، فإن استراتيجية السيارات الكهربائية لشركة "فولكس واجن" لا تزال قيد التطوير، كما أن المنافسة المتزايدة من شركة "بي واي دي" تزيد الضرورة لمواجهة هذا التحدي. عانى خط سيارات "أي دي" من أخطاء برمجية، وواجه صعوبات في اكتساب شعبية واسعة بين أوساط المستهلكين.

جاءت أحدث دفعة من شركة صناعة السيارات الألمانية العملاقة يوم الثلاثاء، عندما أعلنت عن خطط لاستثمار ما يصل إلى 5 مليارات دولار في شراكة مع شركة تصنيع السيارات الكهربائية الأميركية "ريفيان أوتوموتيف" (Rivian Automotive). وجاءت الصفقة بعد عام تقريباً من صفقة مماثلة مع شركة "إكس بنغ" (Xpeng) الصينية. وكلاهما جزء من الجهود المبذولة لإصلاح وحدة البرمجيات الداخلية "كارياد" (Cariad)، التي أدت مشكلاتها إلى تأخير السيارات الجديدة المربحة مثل سيارة "بورش ماكان" الكهربائية.

رغم أن مشكلات "فولكس واجن" تخلق فرصةً أمام "بي واي دي"، إلا أن تسويق كرة القدم ليس وسيلة مؤكدة لكسب الجماهير، أظهرت جهود العلامة التجارية الصينية أنه لا يزال أمامها الكثير لتتعلمه حول جذب المستهلكين الأوروبيين.

على اللوحات الإعلانية في الملاعب، تفتخر الشركة بأنها المنتج الأول لسيارات "إن إي في" (NEVs). فهي تعني "المركبات الكهربائية الجديدة"، وهو مفهوم شائع في الصين. قال دانييل كيرشيرت، رئيس شركة "نويو" (Noyo) لاستشارات التنقل الإلكتروني والمسؤول التنفيذي السابق في شركة "بي إم دبليو": "لا أحد في أوروبا يعرف ما الذي يعنيه هذا".

دفع هذا الارتباك شركة "بي واي دي" للرد عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة، قائلةً: "تمت الإجابة على السؤال الذي يدور في ذهن الجميع".

تصنيفات

قصص قد تهمك