آمال "فولكس واجن" في اللحاق بـ"تسلا" معلقة على مشروع قيمته 30 مليار دولار

time reading iconدقائق القراءة - 9
المنشأة مزودة بمختبر واقع افتراضي وطابعات ثلاثية الأبعاد. - المصدر: بلومبرغ
المنشأة مزودة بمختبر واقع افتراضي وطابعات ثلاثية الأبعاد. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قايض ماكس سينجس الضجيج البصري لوادي السيليكون بمركز صناعي ألماني على الطراز القديم يستعد لإجراء إصلاحات جذرية.

وبصفته رئيساً لمدرسة جديدة في البرمجة في ولفسبورغ، يُعد الباحث السابق في "غوغل" جزءاً صغيراً ولكنه مهم من الدفع الهائل الذي تقدمه شركة "فولكس واجن" نحو البرمجيات. تعتبر الاستراتيجية - التي تنطوي على استثمار أكثر من 30 مليار دولار ومشاريع وشراكات متعددة- أمراً بالغ الأهمية للحاق بشركة "تسلا" ومواجهة المخاطر الوجودية التي تطرحها طموحات "آبل" و"ألفابت" في مجال السيارات.

ويقول سينجيس، الذي عمل في "غوغل" لأكثر من عقد من الزمان: "تنتقل صناعة السيارات من التركيز على فكرة أسرع وأقوى نحو أن تصبح أكثر استدامة وذكاء. ما يهمنا هنا هو تعزيز العقلية التي يمكنها أن تربط بين عالم التكنولوجيا وعالم السيارات".

رغم أن "فولكس واجن" واحدة من أكبر منتجي السيارات، إلا أنها الآن في مواجهة الشركات التي عطلت الصناعات بشكل روتيني، مما أدى إلى تنحية القادة السابقين جانباً في هذه العملية. ويأتي هؤلاء بجيوب مليئة وخطط كبيرة لامتلاك بيانات السيارات، وهي فرصة بقيمة 400 مليار دولار، وفقاً لتقديرات شركة "ماكينزي آند كو".

تدرك إدارة "فولكس واجن" التحديات تماماً. ويستشهد الرئيس التنفيذي للشركة، هربرت ديس، بانتظام بسقوط "نوكيا" الشركة التي هيمنت على صناعة الهواتف المحمولة في العالم بسبب فشلها في مواكبة "آيفون" كقصة تحذيرية. وسيقدم "ديس" تحديثاً عن التحول التكنولوجي للشركة هذا الأسبوع، بما في ذلك المؤتمر الصحفي السنوي للمجموعة في ولفسبورغ.

قد تكون أكبر عقبة أمام "فولكس واجن" هي ثقافتها الراسخة، والتي بنيت حول دورة السيارات التي تستغرق سبع سنوات. يتمتع مديرو الخطوط والعلامات التجارية تقليدياً بالسيطرة الكاملة تقريباً على ما سيتم وضعه في السيارات التي ينتجونها، بينما تؤثر نقابات "فولكس واجن" القوية في كل قرار تقريباً.

ساعدت هذه الهيكلة على إدارة أكثر من 100 مصنع حول العالم، ولكنها لا تناسب التعامل مع كميات هائلة من البيانات وتعديل البرمجة المستمر. لم تسر الخطوات الأولية بشكل جيد، حيث ترى مجموعة "يو بي إس" أن "فولكس واجن" متأخرة عن "تسلا" بسنوات من منظور البرمجيات.

لا يشارك الجميع في عملاق صناعة السيارات الألماني هذه الثقة التي يظهرها كبار المسؤولين التنفيذيين. يرى البعض أن خطة بدء التحديثات عبر الأثير هذا الشهر هي عملية شاقة وليست علامة واعدة، وفقاً للمناقشات مع أشخاص مشاركين في عمليات شركة صناعة السيارات.

لم تلتئم جميع الكدمات من تدافع العام الماضي لإنقاذ مجموعة جديدة من السيارات الكهربائية المثقلة بالبرمجيات، مع مئات المتخصصين الذين يعملون في سباقات السرعة.

تعد مدرسة سينجيس عامل التغيير في ولفسبورغ. وتقع في مبنى جديد يستعير أعمال الطوب الأحمر النفعية للمصنع المجاور، ولكن مع مناطق عمل ذات أرضية مفتوحة للتعاون.

تم تجهيز المرفق بمختبر للواقع الافتراضي وطابعات ثلاثية الأبعاد لصنع النماذج الأولية. وستبدأ الدورات الدراسية بـ150 طالباً في مايو، وسيرتفع العدد إلى 600 بحلول نهاية العام المقبل.

ويقول وولفغانغ بيرنهارت، الشريك في شركة الاستشارات "رولاند بيرغر": "يتطلب الأمر قفزة نوعية لشركات صناعة السيارات لسد الفجوة مع "تسلا" عندما يتعلق الأمر بالبرمجيات، إذ لا يكفي مجرد إضافة عدد الموظفين".

تبدو "فولكس واجن" صغيرة بالفعل أمام القيمة السوقية لشركة "تسلا" والبالغة 650 مليار دولار، ولا تستطيع "فولكس واجن" تحمل مشاكل التأسيس. سيصبح جيلها الجديد من السيارات الكهربائية، الذي يرتكز على سيارة "آي دي 4" (ID.4) الرياضية متعددة الاستخدامات، عالمياً هذا العام.

يسعى المنافسون التقليديون أيضاً إلى التكيف مع العصر الرقمي. على عكس "فولكس واجن"، التي استعانت بمدير تنفيذي للسيارات لتشغيل وحدة برمجياتها، تواصلت "تويوتا موتورز" مع نجم وادي السيليكون لوضع اللمسات الأخيرة على نظام التشغيل الذي يسمح بتثبيت الميزات في الأجهزة الموجودة في السيارة عبر الهواء.

مع التحولات المماثلة التي تجري في "مرسيدس بنز" و"بي إم دبليو"، فإن العمود الفقري الهندسي للاقتصاد الألماني القوي مكشوف. أصبحت الجهود أكثر ضرورة بعد أن أظهر الانهيار الداخلي لشركة "واير كارد" افتقار أوروبا إلى أبطال عالميين في التكنولوجيا.

حددت "فولكس واجن" هدفاً يتمثل في زيادة حصة البرامج التي تم تطويرها داخلياً إلى 60% من 10% حالياً. ولإنجاز ذلك، أنشأت وحدة أطلقت عليها اسم "كار سوفتوير أورغ" تضم حوالي 4000 موظف لتطوير نظام يمكنه إدارة تدفقات بيانات السيارة وربطها بالسحابة.

قال ديس كبير المديرين التنفيذيين لبلومبرغ في نوفمبر:

هذا سيكون عقل السيارة، ولا نريد أن نمنحه لأطراف أخرى. نحن نرى أنه على الأرجح أهم نقطة في السباق ونقطة حاسمة بالنسبة لصناعتنا في السنوات الخمس إلى العشر القادمة

صراع داخلي

في أحدث خططها الخمسية الاستثمارية، ضاعفت الشركة الإنفاق على جهود الرقمنة إلى 27 مليار يورو (32 مليار دولار)، وإن بقيت الميزانية الإجمالية ثابتة. ورغم أن هذا يمثل موارد مهمة، إلا أن شركة "ألفابت" التابعة لـ"غوغل" تنفق هذا المبلغ تقريباً في عام واحد.

أعاق الصراع الداخلي جهود "فولكس واجن"، حيث تم تصور برنامج "كار سوفتوير" في البداية كوحدة رشيقة قائمة بذاتها، لكن المنافسات الداخلية أعاقت الطريق، ما أدى إلى رحيل متخصصي البرمجيات رفيعي المستوى بما في ذلك بيورين غويرك المدير التنفيذي السابق لشركة "ساب". ثم غيرت الشركة مسارها وكلفت "أودي" بهذه المسؤولية.

في هذه الأثناء، أصبحت حاجة "فولكس واجن" إلى تصعيد جهودها واضحة بشكل مؤلم.

في الأيام الأولى لأزمة فيروس كورونا مع الإطلاق المواز لسيارة "غولف هاتشباك" وسيارة "أي دي 3" الكهربائية، استدعى دييس كبار المديرين لجولة جديدة من ألعاب الحرب.

كان لابد من إصلاح ميزة مكالمات الطوارئ في سيارة غولف، وأدت مواطن الخلل الأخرى إلى تأخير إصدار "آي دي 3" لعدة أشهر، وكان على مالكي السيارة الأوائل التوجه إلى الوكلاء للحصول على تصحيح البرنامج لأن التحديثات عبر الهواء لم تعمل بعد. توصل ديس وفريقه إلى أن الجهود كانت قليلة جداً ومتأخرة جداً.

أتى مشروع "آرتميس" نتيجة لذلك. ففي إطار إستراتيجية أكثر قوة، تخطط شركة فولكس واجن لصنع مجموعة البرامج الخاصة بها للمركبات بدءاً من عام 2024. سيتم تجميع أول سيارة "آرتميس" التي تحمل الاسم الرمزي "لاند جيت" - في مصنع أصغر في هانوفر قبل توسيع نطاق التكنولوجيا بعد ذلك بعامين باستخدام سيارة كهربائية تحمل علامة "فولكس واجن" بأسعار معقولة أكثر من مصنع ولفسبورغ.

لا تنتظر التكنولوجيا الكبيرة "بيغ تيك" أحداً. وبينما دخلت وحدة "كار سوفتوير" التابعة لشركة "فولكس واجن" اتفاقية عمل مع النقابات التي تنظم الرواتب وساعات العمل، يبدو أن مشروع سيارة "آبل" يمضي قدماً ويُعتقد على نطاق واسع أن شركة "وايمو" التابعة لـ"ألفابيت" ستكون الرائدة في مجال تكنولوجيا القيادة الذاتية.

قالت أنجا هيندل، المسؤولة السابقة في "بورشيه" والتي انضمت إلى "ديكوميوم" الشركة الاستشارية الرقمية التي استحوذت عليها شركة "فولكس واجن"، إن هذه الجهود قد تؤدي إلى تحكم شركات برمجيات في العلاقات مع مستخدمي السيارات. وأضافت خلال برنامج بودكاست هذا الشهر: "هذا تغيير كبير في صناعة السيارات".

بالنسبة لشركات التكنولوجيا، لن يكون تكرار الاستيلاء على صناعة الهاتف المحمول بهذه السهولة عندما يتعلق الأمر بالسيارات. وفي حين أن الخلل قد يكون مصدر إزعاج أثناء محادثة فيديو، إلا أنه قد يكون مميتاً على الطريق السريع، ما يعطي شركات صناعة السيارات مجالاً للمناورة، وتعمل "فولكس واجن" على ترتيب قطع الأحجية في مكانها.

إلى جانب "كار سوفتوير"، تعاونت الشركة مع "أمازون" من أجل سحابة صناعية لمصانعها ومع "مايكروسوفت" من أجل شبكة بيانات منفصلة لمركباتها.

تعد "ولفسبورغ 42" التي يديرها سنجيس جزءاً من الحل طويل الأمد. وتم تصميم المدرسة التي ترعاها شركة "فولكس واجن" بميزانية تبلغ 2.4 مليون دولار سنوياً لإنشاء جيل جديد من المهندسين في ظل المصنع. ويقول سنجيس: "ليس هناك فرق كبير بين صناعة البرمجيات والسيارات كما يتصور المرء. والإمكانات التي نمتلكها هنا هائلة".

تصنيفات

قصص قد تهمك