بلومبرغ
كم من الوقت يجب أن تستغرق "تعبئة" سيارة كهربائية؟ حسناً، ذلك يعتمد على عدة أمور: السيارة، والشاحن، وعدد السيارات الأخرى المتصلة بالشاحن، وأيضاً على درجة امتلاء البطارية عند بداية الشحن، ونعم، فإن حالة الطقس مهمة هي الأخرى.
وإذا كانت تعبئة سيارة تعمل بالبنزين هي بسهولة لعبة "إكس أو"، فإن شحن سيارة كهربائية يشبه لعبة شطرنج ثلاثية الأبعاد، أو نسخة أكثر صعوبة من لعبة "ووردل" بعشرة أحرف.
لكن، دعني أذكرك أن الأمر لا يجب أن يكون بهذه الصعوبة. فلكل طراز محدد، قامت شركات صناعة السيارات بحساب كمية الكهرباء التي تستطيع السيارة استيعابها وسرعة شحن البطارية بدقة، آخذين باعتبارهم أفضل سيناريو ممكن.
وتطلق شركات السيارات على الرسم التوضيحي لهذه الحسابات "منحنى الشحن". وهو رسم يمكنه في لمحة، أن يجيب على معظم الأسئلة لدى سائق منهك ومضطرب على الطريق يحاول أن يحدد مكاناً يتوقف فيه للشحن، ومدة التوقف اللازمة لذلك.
منحنى بسيط
يقول توم مولوغني، الذي يرسم منحنيات شحن للفيديوهات التي ينشرها عبر قناته على "يوتيوب" التي تسمى "ستيت أوف شارج" (State of Charge): "إنها تحدد أفضل نقطة لبدء شحن السيارة". حيث يشير المحور السيني في هذا المنحنى إلى مدى امتلاء البطارية على خط متدرج من صفر إلى 100%؛ أما المحور الرأسي فيوضح كمية الكهرباء التي تستهلكها السيارة في أي وقت محدد.
وكلما اقتربت البطارية من الشحن الكامل، فإن الكمية التي تستوعبها من الكهرباء تقلّ، وتبطئ سرعة شحنها، وهذا هو السبب في أن الخط الذي يسجل حالة الشحن في كافة السيارات يكون عادة يتجه إلى الأسفل كطائرة شراعية تهوي من قمة جبل.
نوع السيارة
معنى ذلك بالنسبة إلى شخص يسير في رحلة طويلة أنه من الأفضل عادة التوقف وتوصيل البطارية بمصدر التيار في نهاية الرحلة. حيث إن شحن البطارية لمدة 20 دقيقة عندما تكون على وشك الانتهاء يضيف عادة كيلومترات أكثر من تلك التي يضيفها شحن السيارة بعد استهلاك نصف شحنتها فقط، ومع ذلك يعتمد الأمر كله على السيارة نفسها.
مثلاً، الرسم البياني الخاص بشحن سيارة "تسلا" يبدأ مرتفعاً نسبياً غير أنه ينخفض بسرعة بعد 5 أو 10 دقائق فقط من الشحن، كما يوضح مولونغني. ومعظم السيارات الأخرى تنخفض مؤشراتها تدريجياً. في نفس الوقت، تتمتع سيارتان من "أودي" و"بورش" بأفضل أنماط للشحن: "خط مستوي منذ بداية الشحن حتى 80% منه".
بيانات صعبة
مع ذلك تتمثل المشكلة بأنك لتكتشف هذه الرسوم التوضيحية، سيتوجب عليك التنقيب في تسجيلات مولوغني مثلاً، أو البحث في متاهات شبكة الإنترنت بحثاً عن المراقبين القلائل الذين يمثلون الطرف الثالث في شركات القطاع، ممن يكبدون نفسهم عناء الوصول إلى هذه السيارات واختبارها على مصدر الكهرباء.
فحتى الآن، لم تنشر منحنيات الشحن هذه، على الأقل من قبل شركات صناعة السيارات. ويشرح مولوغني: "أعتقد أنهم مهتمون بعدم جعل سياراتهم الكهربائية تبدو معقدة أكثر من اللازم".
وبدلا من ذلك، يحاول مسؤولو صناعة السيارات تحويل هذا الطيف الواسع من البيانات المملة لأقصى حد إلى معلومات سريعة مختصرة، تركز على الكيلومترات والدقائق، بدلاً من عدد الإلكترونات التي تسحبها المحركات خلال فترة زمنية محددة. وعلى سبيل المثال، تقول شركة "بورش" إن بطاريتها من طراز "تايكان" تشحن بنسبة تتراوح من 5% إلى 80% خلال 22.5 دقيقة. وشركة "فورد موتور" بدورها تتحدث عن شحن بطاريتها من 15% إلى 80%، في حين تقول شركة "كيّا" إن بطاريتها "إي في 6" تستغرق 18 دقيقة فقط حتى تشحن من 10% إلى مستوى 80%.
عامل المنافسة
ربما تقوم شركات صناعة السيارات بمعالجة المسائل الحسابية الصعبة، غير أنه بدون مؤشر معياري، يصبح التسوق على أساس المقارنة أمراً صعباً. يقول ستيف كوسوسكي، مدير التخطيط طويل الأجل والاستراتيجية لدى شركة "كيّا أمريكا": "إنها حالة من الفوضى الشاملة، وقد أصبحت نوعاً من ساحات المنافسة الجديدة".
نمو السيارات الكهربائية يتجاوز انتشار نقاط شحن البطاريات
فمع تحسن قدرات السيارات الكهربائية باستمرار، فإن مستقبل السوق – من حيث الرابحين والخاسرين في صناعة السيارات بوجه عام – سوف يتحدد في جانب كبير منه وفقاً لمدى سرعة وكفاءة هذه المحركات. ويقول تشارلز بون، مدير هندسة الأنظمة الكهربائية في شركة "فورد موتور": "لم يعد الأمر يتعلق بالضرورة بالقلق بشأن المسافة بقدر ما يتعلق الأمر بالقلق حول الزمن المستغرق". غير أن المستهلكين لا يحصلون على صورة شفافة بالكامل على هذا الصعيد عند محاولتهم لتحديد ماهي السيارة الأكثر ملائمة لاحتياجاتهم.
تفاصيل مُعقدة
مع ذلك فمما لا شك فيه أن من يتمتعون بفضول كافٍ تجاه السيارات الكهربائية حريصون على التدقيق في التفاصيل الدقيقة والهامة. فصاحب قناة "ستيت أوف شارج" لديه 36 ألف مشترك على قناته على "يوتيوب"، حيث ينشر تسجيلات بمدة تصل عادة إلى 45 دقيقة، وهو لا يقدم شيئاً غير تعليقه التفصيلي أثناء شحن بطاريات السيارات الكهربائية في مواقف السيارات بأحد المراكز التجارية. وهنا البيانات المُعقدة تعتبر ميزة، وليست عيباً.
مع ذلك، توجد مبررات لدى شركات السيارات لتحتفظ بالغموض. وذلك لسبب وحيد وهو أن منحنى الشحن لأي سيارة محددة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعمر بطاريتها. وبينما تحاول شركات صناعة السيارات زيادة تبنّي المستهلكين للسيارات الكهربائية لترتفع نسبتهم من نحو 3% فقط في الولايات المتحدة، فإن آخر شيء قد ترغب فيه هذه الشركات هو احتمال أن يفكر العميل في الوقت الذي سيكون فيه بحاجة لاستبدال البطارية التي تكلف أكثر من 10 آلاف دولار.
كذلك، فإن منحنى الشحن قد يخلق لدى العملاء توقعات غير واقعية. حيث في شركة السيارات، تختبر هذه البطاريات في ظروف مثالية تماماً داخل المعمل، حيث تهيأ البطارية للعمل في درجة حرارة مثالية. أما في براري الضواحي، ستواجه السيارات الكهربائية الجديدة اللامعة، محطات شحن تعاني من الأعطال أو أسلاك تستخدم في أكثر من سيارة. وحتى الأيام الباردة التي يكون لها تأثيرها الحاد على منحنى الشحن.
يقول أندرس هوكينستروم، مسؤول خصائص المنتج المختص بالشحن لدى شركة "بولستار" (Polestar): "هناك عوامل كثيرة لها تأثير على الأرقام. وكلما زاد عدد الأرقام التي نعطيها، كلما زاد احتمال أن يجد شخص ما أمراً يدل على عدم التزامنا بها".
من جهتها، تأمل شركة "مرسيديس بنز" أن يكون هذا الأمر موضوع نقاش في سيارتها، سواء من ناحية قدرة السيارة على السفر لمسافة طويلة في الشحنة الواحدة، أو من جهة توفيرها لنظام ملاحي يقوم بحساب أفضل نقاط التوقف لإعادة الشحن أوتوماتيكياً استناداً إلى منحنى الشحن الخاص بالسيارة. وفي مسافة تصل إلى 600 ميل (1 ميل = 1,6 كم) – قل مثلاً من سان فرانسيسكو حتى لاس فيغاس – ربما توصى السيارة بالتوقف لمدة 20 دقيقة؛ بينما في رحلات أطول قد تقترح التوقف مرتين لفترة أقصر لشحن البطارية، بحسب كريستوف ستارزينسكي، نائب رئيس التطوير الكهربائي بالشركة.
ويقول ستارزينسكي: "من الواضح تماماً أن هذه التجربة جديدة بالنسبة لعملائنا".
أيضاً، تتخذ شركة "جنرال موتورز" نهجاً مماثلاً، مفترضة أن التطبيق الخاص بالسائق مع لوحة التحكم بالسيارة سيوضحان المنحنى بالنسبة لأي رحلة معطاة. ويقول تيم غريوي، مدير استراتيجية الكهربة: "الموضوع غالباً شديد التعقيد بالنسبة للعملاء. فلا أحد يرغب أن يحمل معه آلة حاسبة ليعرف أين ومتى عليه أن يشحن سيارته".