الرئيس التنفيذي لشركة "فولكس واغن" يوجه دعوة صحوة لمعضلة أسواق المال

time reading iconدقائق القراءة - 8
هربرت ديس، الرئيس التنفيذي لشركة فولكس واغن  - المصدر: بلومبرغ
هربرت ديس، الرئيس التنفيذي لشركة فولكس واغن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

إنَّ التهديدات الخطيرة التي رآها "هربرت ديس" بوجه شركات صناعة السيارات الكبيرة بعد فترة وجيزة من توليه أعلى منصب في شركة "فولكس واغن" تحصل كما كان مُتوقَّعاً - لكن بشكل أسرع، وأكثر دراماتيكية.

وقال الرئيس التنفيذي خلال مقابلة، إنَّ التخفيضات الإضافية في التكلفة، والإصلاح السريع للعملاق الصناعي الألماني، يُشكلان أمرين حيويين لمُقاومة المُنافسين الجُدد الذين يتمتعون بقوة مالية فائقة. ولم يكن يفكر فقط في محاولة مواكبة شركة "تسلا"؛ ولكن أيضاً بشأن مخاطر دخول شركة "آبل" كمنافس قوي آخر يتمتَّع تقريباً بموارد غير محدودة إلى ساحة السيارات.

ويوضِّح: "على الرغم من كل الجهود، نحن حالياً في وضع أكثر صعوبة مما كان عليه الحال في 2018، عندما توليت منصبي، وما تغيَّر حقاً -وما لم أتوقَّعه إلى هذا الحد- هو نظرة أسواق رأس المال تجاه صناعتنا."

تفوق ايلون ماسك

مضى ما يقرب من عامين ونصف منذ أن أخبر "ديس" المُستثمرين أنَّ شركة "فولكس واغن" بحاجة إلى استهداف مستويات التقييم بشكل أكبر بما يتماشى مع "آبل"، و"أمازون"، و"غوغل" حتى تظلَّ موجودة لمدة عقدين آخرين. لكنَّ الفجوة اتسعت خلال هذه الفترة، لقد هزمه "إيلون ماسك" إلى حد كبير من خلال جلب

ما يقرب من 700 مليار دولار من القيمة السوقية لـ"تسلا"، مما يجعل الشركة أكثر قيمة من الشركات الست التي تليها مُجتمعة في قمة ترتيب صانعي السيارات.

ويُمثِّل هذا أكثر من مُجرد مسألة تدعو للتفاخر. ففي غضون أسبوع واحد من الشهر الماضي، جمعت شركات "تسلا"، و"نيو" (Nio Inc) الصينية لصناعة السيارات الكهربائية، و"اكس بنغ" (XPeng Inc) ما قيمته 9.7 مليار دولار من رأس المال عن طريق بيع الأسهم. فقد كانت الـ 5 مليارات دولار التي جمعتها "تسلا" تُعادل حوالي نصف صافي التدفق النقدي السنوي لشركة "فولكس فاغن".

"تسلا" و"فولكس واغن" وجهاً لوجه

لقد باعت مجموعة "فولكس فاغن" 8.31 مليون سيارة مع حلول نهاية نوفمبر من العام الماضي، مما أدى إلى تقزيم مبيعات "تسلا" للعام بأكمله لما يقرُب من 500 ألف سيارة. لكنَّ قدرة "تسلا" على الحفاظ على الأرباح لخمسة أرباع مُتتالية بعد سنوات من الخسائر، أشعلت حماس المُستثمرين حول أعمالها مع أولئك الذين يحاولون تكرار نجاحها. وتمَّ إدراج شركة "اكس بنغ"، و "لي أوتو" (Li Auto) الصينية في البورصات الأمريكية العام الماضي، إلى جانب العديد من الشركات الناشئة التي اندمجت مع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، بما في ذلك "نيكولا كوربورشين" (Nikola Corp)و " شركة فيسكر" (Fisker Inc).

يحذِّر بعض المحللين من أنَّ هذا توجه مبالغ فيه؛ لأنَّ القيمة السوقية المُجمَّعة التي تبلغ حوالي تريليون دولار لشركات تصنيع السيارات العالمية التقليدية بقيت على

ما هي عليه دون تغيير إلى حدٍّ كبير خلال الـ 12 شهراً الماضية. في حين أنَّ قيمة المنافسين الجدد تجاوزت الحد الأقصى.

وفي مذكرة نشرت الأسبوع الماضي قال "برنشتاين ارندت اللينغهورست" وهو المحلل في "ستانفورد سي" إنَّه: "لا تزال تقييمات الشركات المُصنعة للسيارات التقليدية، والنظرة تجاهها مُتشائمة للغاية"، ويضيف:"ما نزال مُقتنعين بأنَّ الشركات القائمة ذات الامتداد العالمي، والعلامة التجارية، والميزانيات العمومية القوية، ستلعب دوراً مهيمناً في مستقبل التنقل."

سيارات قديمة وتعهد غليظ

قام محللو "يو بي إس غروب" بقيادة "باتريك هاميل" بوضع "فولكس فاغن" كخيار أفضل بين شركات صناعة السيارات الأوروبية، وتوقَّعوا أنَّ "استراتيجيات السيارات الكهربائية الرابحة من المرجح أن تكافأ بمضاعفات أعلى". وتعهدت شركة صناعة السيارات الأكثر مبيعاً في العالم أن تصبح قوة سيارات كهربائية عالمية، مع أكبر خطة استثمارية في الصناعة، إذ تبلغ 90 مليار دولار تقريباً على مدى خمس سنوات.

وكانت شركة شركة "فولكس واغن" قد حذَّرت في نوفمبر الماضي من أنَّ التداعيات المستمرة لكوفيد-19 ستؤثِّر على أرباح هذا العام. لكنَّها تنوي أن تلتزم بأهدافها المالية متوسطة الأجل، التي تشمل استعادة صافي التدفق النقدي إلى أكثر من 10 مليارات يورو (12.3 مليار دولار) في وقت مبكر من عام 2022. وقد يمثِّل تنفيذ هذه الأهداف شوطاً طويلاً لتحدي المستثمرين المتشككين الذين لا يزالون غير مقتنعين، كما يمكن لشركة "فولكس فاون" أن تصبح أكثر مرونة.

ويقول "ديس": "لم نثبت بشكل كافٍ حتى الآن أنَّه يمكننا الحفاظ على مكانتنا في البيئة التنافسية الجديدة - ولا يزال تقييمنا قائماً على" السيارات القديمة، وهذا يُشكل عائقاً كبيراً لنا من جهة الوصول إلى الموارد المطلوبة."

"فولكس فاغن" وحيدة

الاستثمارات التي تقوم بها "فولكس فاغن" وأقرانها في قطاع المركبات الكهربائية، وعمليات البرمجيات، ومنصات التنقل، وتقنية القيادة الذاتية ستكون هائلة. إذ سيواجه المستثمرون قدراً أكبر من التخفيض إذا حاولت الشركات جمع الأموال عن طريق بيع الأسهم كما فعلت "تسلا"، ومثل هذا السيناريو معقد أكثر في "فولكس فاغن" بسبب هيكل المُساهمين المُعقد.

في حين أنَّ أرباح "بورش"، و"أودي" ومشاريعها الصينية ملأت خزائن "فولكس فاغن" على مر السنين، إلا أنَّ تكاليفها الثابتة المُرتفعة كُشفت عندما تراجعت المبيعات أثناء الوباء. مما أثبت أنَّ أرباح العديد من المُنافسين الأخرين هي أرباح أكثر مرونة.

وبهذا الخصوص يقول "ديس": "يجب علينا تحسين تكاليفنا بشكل كبير، والعمل على الكفاءة، لتوجيه أعمال السيارات التقليدية بشكل أكبر نحو العوائد". وسعى "ديس" أيضاً إلى حشد القوات الشهر الماضي من خلال الإعلان عن أنَّ "فولكس فاغن" ستضع أكبر مصنع لها في فولفسبورغ بألمانيا ضد مصنع "تسلا" الذي لا يزال قيد الإنشاء بالقرب من برلين.

ديس: ليس الجميع مدركاً بالشكل نفسه مدى التهديد الذي تتعرض له شركتنا

شرعت "فولكس فاغن" أيضاً في خطة لخفض تكاليف المواد بنسبة 7% في غضون عامين، وإبرام صفقة مع النقابات في الربع الأول لخفض التكاليف الثابتة بنسبة 5% مع حلول عام 2023.

أما "ديس"، الذي أغضب بعضهم خلال العام الماضي من خلال مُحاولة تضييق نطاق تركيز المجموعة في عملياتها الرئيسية للسيارة، فيصرُّ على أنَّ الشركة لا تستطيع تحمل إضاعة الوقت. إذ قال: "لا يزال الإصلاح يسير ببطء شديد".

وكان المدير التنفيذي السابق لشركة "بي إم دبليو" قد حصل على تصويت جديد لتجديد الثقة خلال الشهر الماضي من مجلس إشراف "فولكس واغن" لمُتابعة إصلاحه وتقليص التكاليف. ويحذِّر من أنَّه قد تكون هناك عواقب وخيمة إذا لم تفعل الشركة -التي توظِّف 670 ألف شخص في جميع أنحاء العالم- سوى القليل جداً، وبعد فوات الأوان لتغييرها.

ويختم "ديس" قائلاً: "ليس الجميع مدركاً بالشكل نفسه إلى مدى التهديد الذي تتعرض له شركتنا."

تصنيفات