بلومبرغ
يعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه رجلاً داعماً للعمل النقابي، ورجلاً داعماً لقطاع السيارات، وأنَّه تبنى السيارات الكهربائية على أساس أنَّها أمر مهم بالنسبة إلى طموحاته الخاصة بالاقتصاد والمناخ.
بيد أنَّ هناك شركة سيارات أمريكية واحدة لن يتناولها بالحديث وهي: شركة "تسلا"، أكبر شركة تصنيع سيارات حول العالم من ناحية القيمة السوقية، والعلامة التجارية العالمية المرتبطة بطريقة جلية بالمركبات الكهربائية.
قال بايدن في مقطع فيديو نشر على موقع "تويتر" برفقة رئيس شركة "جنرال موتورز" ورئيستها التنفيذية ماري بارا، يوم الخميس: "كنت أعني ذلك حين ذكرت أنَّ المستقبل سيجري صنعه هنا في أمريكا". وأضاف: "تصنّع شركات على غرار شركتي (جنرال موتورز)، و(فورد موتور) سيارات كهربائية أكثر هنا داخل الوطن، بما يفوق أي وقت سابق".
اقرأ أيضاً: "تسلا" تفقد 100 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد
لم تمر هذه التغريدة من دون أن يلاحظها إيلون ماسك، الذي يعدُّ مستخدماً نهماً لـ"تويتر"، والرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، فقد ردّ على ذلك في تغريدة كتب فيها: "تبدأ بحرف (T)، وتنتهي بحرف (a)، وفي المنتصف توجد أحرف (ESL)".
اقرأ المزيد: ماسك: سنركز على الروبوتات الشبيهة بالبشر وبرامج القيادة الذاتية في 2022
مع كل فرصة سانحة؛ يشيد بايدن بالتطور الذي حقَّقته شركتا "فورد"، و"جنرال موتورز" على صعيد تصنيع أسطول كهربائي. بيد أنَّ انتقاداته المتواصلة والجلية لشركة "تسلا" -تعتبر منبع استغراب نسبياً داخل الإدارة- أثارت ردود فعل علنية غاضبة بطريقة متزايدة من قبل ماسك، وهو أغنى شخص في العالم، والرئيس التنفيذي لكلٍّ من شركتي "تسلا"، و"سبيس إكس" (SpaceX) التي تملك تعاقدات حكومية مع وكالة "ناسا" الفضائية والجيش الأمريكي.
اقرأ أيضاً: جنون عالم السيارات قفز بقيمة القطاع إلى 3 تريليونات دولار
كتب ماسك تغريدته عقب انتهاء فعالية في البيت الأبيض يوم الخميس، حضرها كل من ماري بارا، وجيم فارلي الرئيس التنفيذي لشركة "فورد"، وهي الفعالية التي لم تجرِ دعوة "تسلا" إليها، قائلاً: "يتعامل بايدن مع الشعب الأمريكي على أنَّه مجموعة من الحمقى". وتابع أنَّ الرئيس "دمية في شكل بشري". مع حلول عطلة نهاية الأسبوع؛ حفَّز ماسك محبيه الذين أطلقوا عريضة عبر الإنترنت تدعو الرئيس الأمريكي إلى "الاعتراف بريادة (تسلا) فيما يتصل بالمركبات الكهربائية".
في عام 2021، انتهت "تسلا" من تسليم ما يزيد على 936 ألف سيارة على مستوى العالم. باعت "جنرال موتورز" ما يصل إلى 480 ألف سيارة كهربائية في العام الماضي، معظمها في الصين. أما على صعيد الولايات المتحدة؛ فقد أجبرت مخاطر متعلقة بحرائق البطاريات الشركة على سحب سيارتها الكهربائية من طراز "شيفروليه بولت"، وحققت مبيعات بلغت 26 سيارة كهربائية فقط خلال الربع الأخير من العام الماضي، كانت عبارة عن 25 سيارة من نوع "بولت"، وشاحنة "نصف نقل" كهربائية من نوع "جي إم سي هامر".
دعم نقابة عمال السيارات المتحدين
ليس هناك لغز حقيقي وراء شعور بايدن بالكراهية تجاه شركة "تسلا"، بحسب مصدر مطلع على طريقة تفكير الرئيس. يحظى الرئيس الأمريكي منذ مدة زمنية طويلة بتأييد النقابات عبر حملاته السياسية، ومن بينها نقابة عمال السيارات المتّحدين. وفي حين يحظى الموظفون لدى شركة "تسلا" بأجور ومزايا ضخمة تتضمن حصة أسهم في شركة صناعة السيارات؛ فإنَّ ماسك يناصب النقابات وعمال الشركة من غير أعضاء النقابات، العداء.
كتب ماسك في تغريدة له: "يكافحون من أجل نيل حقهم في سرقة الأموال من العمال!"، جاء ذلك في تاريخ 10 نوفمبر الماضي، تعليقاً على الأخبار ذات الصلة بتحقيق فيدرالي حول قضية فساد طالت مسؤولي نقابة عمال السيارات المتحدين.
على صعيد شركة "تسلا" من الداخل؛ هناك شعور سائد بين بعض المديرين التنفيذيين بأنَّ كل ذلك يخضع لعوامل سياسة فقط؛ ولن يحقق بايدن الفوز مطلقاً في ولاية تكساس، حيث يقيم ماسك في الوقت الحالي، في حين أنَّه في ولاية ميشيغان –وهي موطن شركة "فورد"، وشركة "جنرال موتورز"- يعتبر تأييد نقابة عمال السيارات المتحدين بمثابة عامل أساسي لتحقيق الانتصارات للحزب الديمقراطي في كلٍّ من الانتخابات النصفية القادمة للكونغرس الأمريكي، وفي انتخابات عام 2024.
وصل الأمر إلى أنَّ بعض مساعدي بايدن يعبّرون عن أمانيهم لو كان الرئيس يتعامل بطريقة ودية مع شركة ماسك. قال أحدهم: "أجد نفسي محبطاً كمالك (تسلا)". طلب كل المسؤولين في البيت الأبيض الذين تحدّثوا هنا حول هذه المسألة، عدم الإفصاح عن هويتهم بسبب طبيعة الموضوع الحساسة.
تحيّز ضد "تسلا"
خلال الخريف الماضي، وفي أعقاب فعالية جرت في البيت الأبيض خاصة بترويج السيارات الكهربائية عدا شركة "تسلا"؛ أكد ماسك أنَّ بايدن "متحيز" ضد الشركة، وقال، إنَّ إدارته "تظهر وكأنَّه قد جرى إخضاعها للسيطرة من قبل النقابات العمالية".
كما استخفَّ ماسك بسياسة بايدن الأساسية، فقد قدَّم الرئيس الأمريكي اقتراحاً بإعادة تفعيل إعفاء ضريبي بقيمة 7500 دولار لكل واحدة من المركبات الكهربائية، والتخلي عن الحد الأقصى لعدد المركبات المستفيدة منه لأي مصنع واحد مؤهل للحصول على الإعفاء. كانت شركة "تسلا" قد بلغت الحد الأقصى للإعفاء الضريبي الأصلي الخاص بالمركبات الكهربائية في عام 2018.
لقد رُفض مشروع القانون بأكمله.
برغم ذلك؛ فإنَّ اقتراح بايدن يشتمل على تعديل مناهض لشركة "تسلا"، إذ سيكون المستهلكون مؤهلين للحصول على 4500 دولار إضافية من الإعفاء في حال شرائهم سيارة كهربائية جرى تصنيعها من قبل عمال أعضاء في النقابات.
معارضة تشريع اقترحه بايدن
تحدَّث ماسك عن تشريع "إعادة البناء بطريقة أفضل" والذي قدَّمه بايدن في شهر ديسمبر الماضي قائلاً: "بصراحة، سأرفض ذلك القانون المقترح بأكمله". جاء ذلك قبيل مدة زمنية قصيرة من سحب السيناتور جو مانشين، وهو واحد من تيار اليسار الأساسيين في ويست فرجينيا، لدعمه ما أدى إلى إسقاط الإجراء.
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إميلي سيمونز في بيان لوكالة "بلومبرغ نيوز": "حققت شركة (تسلا) أموراً استثنائية على صعيد السيارات الكهربائية، ويعد ذلك جزءاً كبيراً من تفسير إدراك القطاع بأكمله في الوقت الراهن لحقيقة أنَّ المركبات الكهربائية تعتبر هي المستقبل".
أشارت إلى أنَّ شركة "تسلا"، "جنت فائدة ضخمة" جراء الإعفاءات الضريبية المخصصة للمركبات الكهربائية في السابق. وقالت من دون أن تسمي ماسك: "بيد أنَّه للأسف، فقد أرتأى الرئيس التنفيذي للشركة معارضة الإعفاءات الضريبية الجديدة المخصصة للمركبات الكهربائية".
قالت سيمونز، إنَّ فعالية يوم الخميس التي عقدت داخل البيت الأبيض كانت خاصة بقادة الشركات الذين يؤيدون تشريع "إعادة البناء بطريقة أفضل". تقلدت بارا من شركة "جنرال موتورز" في الآونة الأخيرة منصب رئيس مجموعة "مائدة الأعمال التجارية المستديرة" أو (Business Roundtable)، وهي مجموعة ضغط تتخذ من واشنطن مقراً لها، والتي تعارض على غرار ماسك تشريع "إعادة البناء بطريقة أفضل". بيد أنَّ بارا قالت، إنَّها تؤيد هذا الإجراء بصفتها الشخصية.
لم يستجب ماسك لطلب بالتعليق على هذه القصة أرسل إليه عبر البريد الإلكتروني.
مصنع أكبر من البنتاغون
تصنِّع شركة "تسلا"، التي تأسست عام 2003، سيارات كهربائية بالكامل في مصانعها في كلٍّ من ولاية كاليفورنيا وشنغهاي. انتقلت الشركة بمقرها الرئيسي خلال السنة الماضية من مدينة "بالو ألتو" بولاية كاليفورنيا، إلى مدينة أوستن، بولاية تكساس، حيث شيَّدت مصنعاً جديداً يفوق حجمه مقر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون".
يعمل لدى شركة "تسلا" نحو 10 آلاف عامل في مصنعها بمدينة فريمونت بولاية كاليفورنيا. حققت نقابة عمال السيارات المتحدين، والتي تتخذ من مدينة ديترويت مقراً لها، نجاحاً محدوداً فيما يتعلق بمحاولاتها بشتى الطرق ضمّ عمال هناك إلى عضويتها.
لا يتمتع عمال الشركات الأخرى المتخصصة فقط في تصنيع السيارات الكهربائية، بما في ذلك مجموعة "لوسد"، وشركة "ريفيان أوتوموتيف" الممولة من قبل شركة "أمازون" بوجود عمالة تحظى بعضوية نقابية. لكنَّ بايدن لم يتناولها بأي شيء يتعلق بها، و بحسب نتائج البحث في كلماته التي ألقاها علنية على موقع "فاكت بي إيه. إس إي". وعلى غرار العمال لدى شركة "تسلا"؛ يتمتع الموظفون في شركة "لوسد"، وشركة "ريفيان" أيضاً بعقود خيارات شراء الأسهم كجزء من حزم ميزات الأجور المخصصة لهم.