بلومبرغ
شركات الطيران في المملكة المتحدة على استعداد لتكثيف الرحلات الجوية بشكل سريع إلى الوجهات الشعبية في اليونان وإسبانيا، ولكن لأسباب مختلفة انتهى المطاف برحلاتها إلى البرتغال بدلاً من ذلك.
فحتى مع تحويل الناقلات الجوية طاقتها الاستيعابية سريعاً إلى لشبونة وفارو في البرتغال، لا تزال تضغط على المسؤولين البريطانيين لإضافة دولتين كبيرتين من دول البحر المتوسط إلى قائمة الدول ذات اللون الأخضر في نظام المرور عبر الحدود، الذي أعلن عنه مؤخراً.
موسم العطلات الصيفية
وقد لا تتمكن البرتغال من تحقيق طفرة في السفر خلال الموسم الصيفي لشركات الطيران المعرضة لخطر فقدان موسم الذروة للصيف الثاني على التوالي، بسبب جائحة كورونا. في الوقت نفسه، تشكل إسبانيا جائزة كبرى لهذه الشركات، وهي وجهة العطلات الأكثر شعبية للبريطانيين والألمان الذين يشكلون أكبر مصدر للسياح في أوروبا.
وقد راهنت شركات الطيران بشكل كبير على أن إسبانيا، أو على الأقل جزرها، ستكون من وجهات السفر الشعبية هذا الصيف، إذ أضافت نحو 70 ألف مقعد على متن الرحلات الجوية المتجهة إلى هناك في الأسبوع الذي بدأ في 17 مايو، وذلك مع بدء فتح حدود المملكة المتحدة، وفقاً للمزود العالمي لبيانات ومعلومات السفر "أو إيه جي"، في حين يقفز الجدول الزمني للرحلات من المملكة المتحدة إلى اليونان بنسبة 1600% بشكل أسبوعي.
القائمة الخضراء تحدد التوجّه
يقول جون غرانت، كبير المحللين في "أو إيه جي": "من المؤكد أن شركات الطيران لم تكن متيقنة بشأن المستقبل". وجدير بالذكر أن حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون قد أجلت الإعلان عن قوائم وجهات السفر حتى 7 مايو، وذلك بعد انتهاء الانتخابات. وهذا التوقيت قد "منح الخطوط الجوية أقل من أسبوع لتغيير جداولها الزمنية وإجراء أي تعديلات ضرورية".
وهذا ما يحدث تماماً حالياً، فقد أضافت شركة الطيران الأيرلندية "رايان إير" ما يصل إلى 245 ألف مقعد من المملكة المتحدة إلى البرتغال منذ يوم الجمعة الموافق 7 مايو. وجاءت تحركات مماثلة من المنافسين "إيزي جيت" و"ويز إير هولدينغز" وشركة الرحلات السياحية "توي إيه جي"، وكذلك شركة الطيران البرتغالية "تي إيه بي".
حالياً، تضغط شركات الطيران والمطارات في المملكة المتحدة على الحكومة لإضافة اليونان وإسبانيا إلى القائمة الخضراء كذلك. كما توجه وزير السياحة اليوناني إلى لندن مؤخراً للقاء نظرائه البريطانيين وشركات الطيران بشأن إعادة فتح الخطوط الجوية بين البلدين.
وفي بادرة تدل على التفاؤل، أضافت مجموعة "آي إيه جي"، المالكة للخطوط الجوية البريطانية، أكثر من 90 ألف مقعد إلى المناطق المشمسة، مثل جزر كورفو وكوس وكيفالونيا اليونانية، بجانب جزر الكناري الإسبانية وبودروم التركية. لكن الرحلات الجوية لهذه البلدان لم تبدأ قبل 21 يونيو.
ورغم أن إعادة تشغيل الرحلات الجوية إلى البرتغال ستكون أمراً جيداً، فإنها لا تعد وجهة زخمة بشكل كبير بالنسبة إلى شركة "توي إيه جي"، وذلك حسب ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة الرحلات السياحية، فريتز جوسن، في مؤتمر عبر الهاتف مؤخراً.
وأضاف جوسن: "لإسبانيا واليونان حاجة في هذا". كما أن معدلات العدوى في جزيرة مايوركا الإسبانية "عند نفس معدلات العدوى في المملكة المتحدة، إذًا فأين المشكلة؟"
ما الذي يحدث في السفر الجوي؟
على الصعيد العالمي، لا يزال السفر جواً يكافح للتعافي من تداعيات الوباء، ولا تزال القدرة الاستيعابية لشركات الطيران عند نحو 57% من مستويات ما قبل الأزمة. جاء ذلك استناداً إلى أداة تعقب الرحلات الأسبوعية من "بلومبرغ"، التي تستخدم بيانات "أو إيه جي" لرصد الرحلات.
أوروبا تتعافى
على الرغم من البطء المحبط بالتعافي بالنسبة إلى شركات الطيران، فإن الانتعاش من المملكة المتحدة تمكّن من مساعدة أوروبا على خلق بعض الزخم لإعادة استئناف السفر الجوي، وذلك بعد تخلّفها عن آسيا وأمريكا الشمالية طَوال الأزمة الصحية.
ففي الاتحاد الأوروبي معدلات الإصابة بفيروس كورونا آخذة في الانخفاض، كما تتقدم حملات اللقاحات. ومن المفترض أن تكون الشهادات الرقمية الخضراء التي ستصدرها الكتلة الأوروبية، والتي ستسمح لحامليها بالسفر، بمثابة نعمة للسفر الإقليمي في القارة بحلول نهاية يونيو.
وشهدت الآونة الأخيرة تغيير وكالة "موديز" لتوقعاتها العالمية لقطاع السفر من سلبية إلى إيجابية. وتوقع جوناثان روت، نائب رئيس وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، أن تسهم زيادة توزيع اللقاحات في خفض القيود المفروضة على الحدود وزيادة الطلب على السفر الجوي على مدى الأشهر الـ12 إلى 18 القادمة. وأضاف: "حركة التنقل الترفيهية ستقود عودة الصعود على متن الطائرات، فيما ستتبع ذلك رحلات الأعمال والرحلات الدولية الطويلة المدى، ولكن بوتيرة أبطأ في البداية".
تصاعد الولايات المتحدة
ويبدو أن السفر الجوي يتفاوت في المناطق المختلفة حسب التوقيت، فقد اكتسبت أمريكا الشمالية زخماً خلال الأسبوع الماضي، فيما انخفض النشاط في آسيا بحدة.
كما شهدت الأسواق الرئيسية، بما في ذلك باكستان وإندونيسيا وفيتنام واليابان، اتجاهاً معاكساً لتعافي الرحلات الجوية. وسط محاولات السلطات للتصدي لارتفاع مستويات الإصابة بالوباء. وقد أدى تفشي "كوفيد-19" على نطاق واسع في الهند بالفعل إلى تراجع الرحلات الجوية هناك.
حملات اللقاح وتعافي السفر
وحسب مزود البيانات "أو إيه جي" فقد قفز عدد المقاعد المعروضة في الولايات المتحدة بنسبة 5%. ويرجع ذلك إلى ارتفاع معدلات التطعيم وتخفيف قيود السفر، وذلك وفقاً لـ"إيرلاينز فور أمريكا"، وهي مجموعة تضم "أمريكان إيرلاينز" و"دلتا إيرلاينز" و"يونايتد إيرلاينز هولدينغز" ضمن أعضاء آخرين.
وعلى الرغم من ذلك فإن الاستفادة المحققة من انتعاش السفر المحلي في الولايات المتحدة، بجانب التحرك الكبير إلى منطقة الكاريبي، لم تمنع المسؤولين التنفيذيين في شركات الطيران الأمريكية والبريطانية من الضغط على وزيرَي النقل في البلدين مؤخراً، لإعادة فتح الطرق المربحة العابرة للمحيط الأطلسي.
وعلى غرار عديد من جوانب الوباء، يبدو خط تعافي السفر جواً متقلباً ومتفاوتاً حسب الأوقات والأماكن، بما يعرف بالبيانات بالتعافي على شكل حرف "K"، إذ تحلق شركات الطيران عند مستويات ما قبل الوباء أو أعلى من ذلك في عدد من الدول، في حين أنها لا تزال منخفضة في دول أخرى. ويعتبر هذا التناقض صحيحاً بشكل خاص في آسيا، إذ تحظى الخطوط الجوية الصينية بدعم السوق المحلية القوية، كما هي الحال في الولايات المتحدة، وذلك وسط انهيار الأسواق الوطنية الأخرى للسفر في آسيا.
وفي اليابان تعتبر المخاطر كبيرة للغاية، إذ مدد رئيس الوزراء يوشيهيدي سوغا حالة الطوارئ لأقل من ثلاثة أشهر قبل استضافة طوكيو لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية، وذلك في محاولة لوقف العدوى قبل البطولة. وتغطي حالة الطوارئ العاصمة ومنطقتين أخريين تعانيان من ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس.