بلومبرغ
جاء دخول "أمازون دوت كوم" لعالم الإعلانات الرقمية، حتى الآن، على حساب رائدة السوق "غوغل"، وذلك على الأغلب لأن المتسوقين عادة ما يتجاوزون محرك البحث، ويبحثون عن المنتجات مباشرة على "أمازون"، والآن، بدأت أكبر بائعة بالتجزئة عبر الإنترنت في جذب المعلنين من "فيسبوك" أيضاً.
لسنوات، كان "فيسبوك" - رقم 2 في مبيعات الإعلانات الرقمية في الولايات المتحدة - محصناً بقدرٍ كبير من مثل تلك التطفلات لأن مواقع التواصل الاجتماعي كانت تعتبر مختلفة عن إعلانات البحث التي تبرز على "أمازون" و"غوغل" المملوكة لـ"ألفابت"، لكن في يونيو الماضي، استحدثت "أبل" تغييرات في الخصوصية على هواتف "آي فون" ما جعل إعلانات "فيسبوك" أقل فاعلية.
اقرأ: تحديث "أبل" يفسد احتفالية "فيسبوك" بنتائج الأعمال
تراجع فيسبوك
ودفع ذلك بعض العلامات التجارية إلى البحث عن بدائل للإعلان على عملاق التواصل الاجتماعي ووحدته "إنستغرام"، وكانت "أمازون"، ذات عدد المشتركين الذي يُقدر بـ 153 مليون في "برايم"، خياراً بارزاً.
ولا يزال التحول من "فيسبوك" إلى "أمازون" وليداً، ومن المبكر للغاية قياس مدى اتساع هذه الظاهرة أو إلى متى ستستمر، ولا تزال العديد من العلامات التجارية مترددة في البيع على "أمازون" لخوفها من فقدان الارتباط المباشر مع المستهلكين.
لكن وكالة التسويق الواقعة في نيويورك، "بيلاردي وونغ"، والتي تضم 300 عميل من بينهم صانعة الأثاث "بلو دوت"، وبائعة الأجهزة المنزلية "بومباس"، قالت إن أكثر من 40% من قائمة عملائها في يونيو أعلنوا عن تراجع أداء إعلاناتهم على "فيسبوك" ما أجبرهم على التدافع لخيارات أخرى.
وقالت رئيسة الوكالة، بولي وونغ: "نشهد المزيد من عملائنا يغيرون مسارهم إلى أسواق مثل "أمازون"، ويبيع المزيد من العملاء على "أمازون"، ولديهم سوق تجارية ضخمة".
التحول إلى "أمازون"
وقلصت شركة "فانيتي بلانت"، وهي عميلة لدى "بيلاردي وونغ" وتبيع أجهزة بخار الوجه وغيرها من منتجات العناية الشخصية بالمنزل، موازنة الإعلانات على "فيسبوك" بنسبة 22% العام الجاري، وهو ما يعود جزئياً إلى تغييرات الخصوصية، ووجهت نصف تلك الأموال إلى "أمازون".
وقال أليكس داستمالشي، الذي يدير "نيوبورت بيتش"، الشركة الواقعة في كاليفورنيا: "لدينا مخزون، ويتعين علينا البحث عن طرق لتنمية أعمالنا... ونحن نقلص أموال الإعلانات المنفقة على "فيسبوك"، وأكبر مكان تنمو فيه أعمالنا هو أمازون".
ورفضت "أمازون"، عبر متحدثة باسمها، التعليق على الأمر.
التمدد في سوق الإعلانات
وتأخرت "أمازون" العملاقة، الواقعة في سياتل، في دخول سوق الإعلانات الرقمية الأمريكية البالغة قيمتها 191 مليار دولار، خشية أن يُنفر الموقع المليء بالإعلانات المتسوقين، واليوم، تمثل الإعلانات واحدة من أكثر الأقسام نمواً وربحية، وتُكمل أعمال التجارة الإلكترونية منخفضة الهامش.
وتسيطر "أمازون" حالياً على 10.7% من سوق الإعلانات الرقمية الأمريكية مقارنة مع حصة "غوغل" عند 28.8%، و25.4% لـ"فيسبوك"، وفقاً لشركة "إي ماركتر إنك".
وفي الربع الثاني، نما بند "أخر" لدى "أمازون"، والذي يتكون على الأغلب من إيرادات الإعلانات بنسبة 87.5% مقارنة بنمو مبيعات الإعلانات في "فيسبوك" بنسبة 56%.
وحالياً، بفضل "أبل"، أصبح لدى "أمازون" فرصة لانتزاع المزيد من سوق الإعلانات.
تحديثات "أبل"
وفي تحديث لبرمجيات "آيفون" في يونيو، سُئل المستخدمون إذا كانوا يرغبون في تتبع نشاطهم عبر الإنترنت أم لا، وعلى مستوى القطاع، يميل المستخدمون لإعطاء التطبيقات الإذن لتتبع سلوكهم 25% فقط من الوقت، وفقاً لشركة "برانش"، التي تحلل نمو تطبيقات الهواتف، ويعني التتبع الأقل صعوبة أكبر على "فيسبوك"، وغيرها من شركات الإنترنت، لتصميم الإعلانات بحيث تساعد الشركات على إيجاد أكثر المستهلكين الواعدين.
ورغم إعلانها عن مبيعات وأرباح قوية الشهر الجاري، تبنَّت "فيسبوك" نبرة حذرة، قائلة إن خطوة "أبل" قد تؤثر سلباً على النمو العام الجاري.
ويَقلق المستثمرون، الذين تسببوا في خفض سعر السهم، من أن النمو القوي في مبيعات "فيسبوك" خلال الوباء قد يتراجع في ظل قضاء الأشخاص وقتاً أقل على هواتفهم وحواسيبهم المحمولة.
بدائل منافسة لـ"فيسبوك"
و"أمازون" ليست الشركة الوحيدة التي تستفيد من مصائب "فيسبوك" إذ تتجه العلامات التجارية إلى المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك القنوات التقليدية مثل وسائل البث والبريد المباشر، لكن من الصعب تجنب "أمازون"، رغم حقيقة أنها تتحكم في خبرة المستهلك.
ورفعت "شاينستي دوت كوم"، وهي علامة تجارية على اتصال مباشر بالمستهلك والمعروفة ببيع الملابس الداخلية اللافتة، تواجدها على "أمازون" العام الجاري مع حفاظها على ثبات ميزانية التسويق على "فيسبوك".
ويقول المؤسس المشترك، ينس نيكولايسن، إن "أمازون" ليست بديلاً مثالياً لـ"إنستغرام" المناسب بشكلٍ خاص لتعريف الأشخاص بمنتجات لم يدركوا أنهم يريدونها.
وتتطلع "شاينستي" إلى زيادة الطلب عبر التلفزيون ومواقع البث مثل "يوتيوب" ثم التأكد من أن لديها مخزوناً على "أمازون" نظراً لأن العديد من الأشخاص يبحثون عن منتجاتها على الموقع، وتأمل الشركة ألا تزيد المبيعات عبر الموقع عن 20% من الإيرادات، وأن تواصل الاحتفاظ بعلاقة مباشرة مع العملاء.
قال نيكولايسن: "لم نكن على أمازون لفترة طويلة، لكننا قمنا بعمل جيد في بناء التعرف على العلامة التجارية هناك، لذلك كان الناس يبحثون عنا على أمازون... كلما كبرت أعمالك التجارية، خسارتك ستكون أكبر، إذا لم يكن لك أي تواجد أمازون".