راهنت شركة "فيسبوك" بسخاء سعياً وراء حصة من اقتصاد الابتكار. لكن حتى منصة تقنية مهيمنة لا يمكن أن تضمن أن مالها وحده كافٍ للنجاح.
أعلنت الشركة الأربعاء عن خطط لدفع أكثر من مليار دولار للمبتكرين حتى نهاية عام 2022، لإنشاء محتوى على منصاتها، ويتضمن ذلك تقديم مبالغ تمهيدية ومكافآت لدى بلوغهم نقاطاً مفصلية معينة. تأتي هذه المبادرة في أعقاب برامج دعم مالي مماثلة موجهة الى مبتكري المحتوى أطلقتها "تيك توك" التابعة لشركة "بايت دانس" وموقع "يوتيوب" الذي تملكه شركة "ألفابيت" وشركة "سناب" على مدى العام المنصرم.
يعتبر استثمار شركة "فيسبوك" خطوة تنافسية لمجابهة تزايد شعبية تطبيق "تيك توك" عبر مؤثرين جدد والنمو السريع للشركات الناشئة الأخرى التي تخول فنانين وكتاب من تحقيق الدخل من نشرات إخبارية وبث الصوتي "بودكاست" ومقاطع الفيديو عبر البريد الإلكتروني. وبالتأكيد لا تريد شركة وسائل التواصل الاجتماعي تفويت ماقد يكون الصيحة الكبيرة المقبلة في عالم الإنترنت. يُعرف ما ينيف على 50 مليون شخص عن أنفسهم على أنهم مبتكرو محتوى، وفقاً لشركة "سيغنال فاير"(SignalFire)، وتقول إن الرقم سيرتفع على الأرجح خلال السنوات القليلة المقبلة.
بالطبع، تجلب شركة "فيسبوك" بعض الأصول الكبيرة إلى الحلبة حيث تضم منصتها الرئيسية نحو 3 مليارات مستخدم نشط شهرياً، ولديها موارد مالية هائلة لتمويل أي تخطيط هندسي يتطلبه الأمر. لكن برغم جميع مزاياها، لا يُمكن التكهن فيما إذا كان بإمكانها مساعدة المبدعين على تطوير جمهور مخلصٍ ومستعد للدفع لقاء العروض الثانوية الجديدة. حتى الآن، كانت جهود اقتصاد الابتكار الأولية متواضعة.
الاتجاه معاكس
كان الإصدار الرديء المستنسخ من منصة "سابستاك" (Substack)، الذي أطلقته "فيسبوك" باسم "بوليتين" (Bulletin) مثالاً على ذلك. رغم ضجة التي أحاطت إطلاقها الشهر الماضي، يبدو أن الشركة لا تفهم تماماً سبب نجاح الأعمال التجارية الحالية التي تعتمد الاشتراك في الرسائل الإخبارية عبر البريد الإلكتروني، وهو وجود معرفة عالية الجودة وعميقة بالمجال في حقول معلومات معينة يرغب قراء بدفع ثمنها. ومن الغريب أن شركة "فيسبوك" سارت في اتجاه معاكس ووظفت مجموعة من مشاهير التيار السائد ثم زاد البلة طيناً، أن عدداً من الكتاب لم يبذلوا كثير جهد في مشاركاتهم الأولية، تاركين انطباعاً أولياً بافتقار المنتج لما هو مرغوب.
لا تحدث هذه الأخطاء لدى الشركات الناشئة التي تعيش بنجاح منتجها الرئيسي أو يقتلها فشله. لهذا السبب تتمتع شركات ناشئة مثل "سابستاك" و"تيك توك" و"باتريون" (Patreon) و"كلوب هاوس" بمزايا واضحة تتفوق بها على شركة "فيسبوك" ما يحقق لها الفوز في اقتصاد الابتكار. تطور الشركات الناشئة لقربها من احتياجات عملائها الميزات على نحو أسرع وتنفذها بطريقة أفضل من بيروقراطيات الشركات الكبيرة. وبمجرد بلوغها زخماً معيناً وكسب مجتمع كبير بما يكفي في مجالها، يغدو اللحاق بركبها صعباً على أيٍ كان.
يفوق تنفيذ المنتج والتركيز لدرجة الوسوسة المال أو منصة التكنولوجيا الضخمة بأشواط. ربما ما زال مليار دولار يبدو رائعاً، لكنه لا يكفي.