دعم ترمب للذكاء الاصطناعي يصطدم برسومه الجمركية على المعدات

مراكز البيانات تواجه أعباءً إضافية نتيجة قرارات الرئيس الأميركي

time reading iconدقائق القراءة - 9
مركز بيانات \"أمازون ويب سيرفيسز\" في أشفيرن، ولاية فيرجينيا، الولايات المتحدة - بلومبرغ
مركز بيانات "أمازون ويب سيرفيسز" في أشفيرن، ولاية فيرجينيا، الولايات المتحدة - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يُولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب اهتماماً كبيراً بالذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات التي تدعمه، لكنه في المقابل يفرض رسوماً جمركية تُهدد بزيادة التكاليف على الشركات الأميركية التي تستثمر مئات المليارات في بناء هذه المراكز.

تشهد مراكز البيانات ازدهاراً بكل المقاييس، حيث تتنافس عمالقة التكنولوجيا، من "مايكروسوفت" إلى "أمازون"، في ما بينها، ومع الصين، على ريادة الذكاء الاصطناعي.

ويعد هذا القطاع حالياً ركيزة أساسية في نمو الاقتصاد الأميركي. إلا أن تجهيز هذه المراكز بعد إنشائها يعتمد إلى حد كبير على معدات أغلبها مستوردة، مما يجعلها عرضة للتأثر بالحروب التجارية التي قد تعرقل تطورها.

فرض ترمب بالفعل رسوماً جمركية بنسبة 20% على الصين، وتردد في فرض رسوم بنسبة 25% على المكسيك، وهما أكبر موردين لمعدات الحواسيب في الولايات المتحدة. كما طالت الرسوم الصلب والألمنيوم أيضاً.

وهناك خطط لفرض مزيد من الرسوم الجمركية، والتي قد تستهدف دولاً تعد من الموردين الرئيسيين لصناعة مراكز البيانات، لا سيما في آسيا، إلى جانب بعض المكونات الأساسية التي تعتمد عليها، مثل أشباه الموصلات.

الرسوم الجمركية تهدد مراكز البيانات

قد لا تُثني التكاليف الإضافية الشركات الكبرى ذات الموارد المالية الضخمة عن السعي نحو تحقيق طفرة في الذكاء الاصطناعي، الذي يُنظر إليه باعتباره التطور التكنولوجي الأبرز في العصر الحالي.

ومع ذلك، فإن الكشف عن نموذج "ديب سيك" (DeepSeek) الصيني، الذي هز الأسواق المالية بوعوده بتقديم نموذج ذكاء اصطناعي أقل تكلفة، يشكل تحدياً أخر أمام الصناعة. فقد تواجه المشاريع ارتفاعاً في التكاليف أو تأخيرات في التنفيذ، إذا أدى تصاعد الحرب التجارية إلى اضطرابات في سلاسل التوريد.

في هذا السياق، صرح نيكولو لومباتي، محلل البنية التحتية الرقمية لدى "بي إم آي" (BMI) التابعة لشركة "فيتش سوليوشنز" (Fitch Solutions)، قائلاً: "نعتقد أن فرض الرسوم الجمركية على نطاق واسع عالمياً قد يشكل تهديداً كبيراً لسوق مراكز البيانات في الولايات المتحدة، نظراً لاعتمادها على سلسلة توريد عالمية للمواد والمكونات التي تُشترى بكميات كبيرة".

منذ بداية ولايته الثانية، كثف ترمب جهوده لدعم تطوير مراكز البيانات الأميركية وتقنيات الذكاء الاصطناعي. وكان من أبرز قراراته إعلان استثمار يصل إلى 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من قبل مجموعة "سوفت بنك" (SoftBank Group) و"أوبن إيه آي" (OpenAI) و"أوراكل" (Oracle).

وقد بدأ هذا النمو بالفعل، حيث أضاف الدعم ما يصل إلى 0.3% إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، أي ما يعادل نحو 100 مليار دولار، وفقاً لمحللي "جيه بي مورغان تشيس آند كو" (JPMorgan Chase & Co.)، الذين يتوقعون أن تبقى الأرقام ضمن نفس النطاق هذا العام.

خلال الأشهر القليلة الماضية، كشفت شركات مثل "جوجل" التابعة لـ"ألفابت" و"ميتا بلاتفورمز"، عن مشاريع جديدة بمئات المليارات من الدولارات.

وإذا تم تنفيذ جميع هذه المشاريع كما هو مخطط، وتم توزيع الإنفاق بالتساوي خلال فترة الإنشاء، فقد يرتفع حجم الاستثمار بنسبة 64% هذا العام، ثم 14% إضافية في عام 2026، قبل أن يبلغ ذروته عند 135 مليار دولار في عام 2027، وفقاً لتحليل "بلومبرغ إنتليجنس" (Bloomberg Intelligence).

صدمة الرسوم الجمركية

لكن قادة القطاع يشعرون بالقلق إزاء رسوم ترمب الجمركية، بينما يحذر المحللون من تجاوز الميزانيات وتأخير الجداول الزمنية لتنفيذ المشاريع. من الصعب تحديد النسبة الدقيقة لمعدات مراكز البيانات المستوردة من خارج الولايات المتحدة، وحتى أن القطع والمواد المنتجة محلياً قد تشهد ارتفاعاً في الأسعار، وهو تأثير غير مباشر لوحظ خلال الحرب التجارية التي شهدتها ولاية ترمب الأولى.

تعتقد إدارة ترمب أن خططها لخفض أسعار الطاقة عبر الحد من البيروقراطية وتعزيز الإنتاج، ستساعد الشركات في تعويض تكاليف الرسوم الجمركية، وهو عامل بالغ الأهمية لصناعة مراكز البيانات، حيث تشكل الكهرباء واحدة من أكبر التكاليف، وفقاً لمسؤول في البيت الأبيض.

من ناحية أخرى، لا ترى شركات إنتاج الكهرباء، التي تُعد مراكز البيانات المتعطشة للكهرباء من أكبر عملائها، أي مؤشرات على تراجع الطلب. فقد أعلنت شركتا "ديوك إنيرجي" (Duke Energy) و"أميركان إلكتريك باور" (American Electric Power)، وهما من أكبر منتجي الكهرباء، الشهر الماضي أن الطلب من هذا القطاع لا يزال يتقدم "بأقصى سرعة".

إلا أن تأثير الرسوم الجمركية على المعدات الكهربائية المستخدمة في مراكز البيانات قد يكون كبيراً، بحسب بن بوشر، كبير محللي بيانات وتحليلات سلاسل التوريد لدى "وود ماكنزي" (Wood MacKenzie).

ويُقدر بوشر أن ارتفاع تكلفة الواردات والتصنيع المحلي، نتيجة السياسات التجارية التي اتخذها ترمب حتى الآن، سيؤدي إلى زيادة تتراوح بين 8% و9% تقريباً في أسعار محولات الطاقة، و6% إلى 7% في المفاتيح الكهربائية، و3% إلى 4% في القواطع الكهربائية، و6% إلى 7% في الأسلاك والكابلات الكهربائية.

يعكس اعتماد القطاع على الموردين الأجانب اتجاهاً أوسع، حيث أصبحت الولايات المتحدة تعتمد بشكل متزايد على المعدات المستوردة بمختلف أنواعها.

يشكل هذا تحدياً أمام هدف ترمب من الحرب التجارية، الذي يسعى إلى إنعاش الصناعة المحلية مع تقليل العجز التجاري، إذ أن الشركات الأميركية التي ترغب في توسيع قدراتها الإنتاجية محلياً غالباً ما تجد نفسها مضطرة لاستيراد الآلات التي تحتاجها من الخارج.

استمرار المشاريع رغم التحديات

في الوقت نفسه، تواجه الشركات الأميركية التي تبيع معدات تُستخدم في مراكز البيانات بالخارج مخاطر التأثر بسياسات ترمب. فقد تُفرض رسوم جمركية على منتجاتها من قبل دول أخرى، كما تسعى هذه الشركات إلى توضيح القيود المحتملة التي قد تُفرض على صادراتها من التكنولوجيا المتقدمة، إذا قرر ترمب توسيع نطاق القيود التي فرضها سلفه جو بايدن.

حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على تراجع الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

وقال مايكل بيلامان، الرئيس والمدير التنفيذي لرابطة "أسوشيتد بيلدرز آند كونتراكتورز" (Associated Builders and Contractors): "بصرف النظر عن ضغوط التكلفة، فإن الطلب على مراكز البيانات الجديدة مرتفع للغاية، لدرجة أن الغالبية العظمى من المشاريع ستستمر بغض النظر عن تغييرات السياسات".

يحتفظ قادة التكنولوجيا في الولايات المتحدة بسيولة نقدية وفيرة مخصصة للإنفاق الرأسمالي. ورغم الظهور المفاجئ لنموذج "ديب سيك"، وهو نموذج مفتوح المصدر منخفض التكلفة أثار تساؤلات حول خطط الإنفاق الحالية على مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، لكن لم تبدِ الشركات الكبرى أي مخاوف. فقد رفعت "مايكروسوفت" و"أمازون" و"جوجل" و"ميتا"، وهي أربع شركات من بين ما يُعرف بـ"العظماء السبعة"، مؤخراً إنفاقها الرأسمالي المتوقع بنحو 32% مقارنة بالعام الماضي، بحسب "بنك أوف أميركا" (Bank of America).

في تقرير صدر في فبراير، كتب الاستراتيجيان أوهسونغ كوون وسافيتا سوبرامانيان، أن "هذا يؤكد أن دورة الإنفاق الرأسمالي على الذكاء الاصطناعي لا تزال قوية، ولم تتأثر حتى الآن بظهور ديب سيك".

ومع ذلك، ومع تصاعد القلق بشأن تداعيات الحرب التجارية على الاقتصاد الأميركي والأسواق المالية، قد لا تكون حتى أكثر الصناعات ازدهاراً بمنأى عن التأثيرات السلبية.

وقال باتريك لوزادا، مدير السياسات العالمية في "رابطة صناعة الاتصالات" (Telecommunications Industry Association)، إن "الرسوم الجمركية تُعد ضرائب على الواردات، وفرضها يعني ارتفاع الأسعار. وهذا ينطبق على مراكز البيانات تماماً كما ينطبق على المنتجات الاستهلاكية أو أي شئ آخر".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.