بلومبرغ
ما الذي يحدث عندما يتم قلب الرواية السائدة في السوق رأساً على عقب، مع امتداد حماسة معنويات المستثمرين ومراكزهم الاستثمارية، مباشرة قبل أحد أكثر أسابيع الأرباح ازدحاماً في الموسم؟. الإجابة هي أن هناك حوالي تريليون دولار من قيمة السوق تم محوها.
أثارت مخاوف بشأن تحدي شركة "ديب سيك" (DeepSeek) الصينية للذكاء الاصطناعي لخطط الإنفاق في هذا المجال اضطراباً بين عمالقة التكنولوجيا الأميركية. وانخفض مؤشر "ناسداك 100" بأكثر من 3%، وكانت شركة "إنفيديا" تتجه نحو تسجيل أكبر خسارة في القيمة السوقية لسهم واحد في تاريخ السوق.
عادة ما يكون تداول أسواق الأسهم بالقرب من مستويات قياسية دائماً محفوفاً بالمخاطر، كما أن التقييمات المرتفعة تجعل هامش الخطأ أصغر بكثير. وكان الزخم عبر المؤشرات الرئيسية للأسهم ممتداً بالفعل، فيما كانت المراكز الاستثمارية تتزايد نحو منطقة أكثر تفاؤلاً مع مطاردة العديد من المستثمرين الانتعاش الأخير بعد بداية ضعيفة لهذا العام.
"تمثل شركات التكنولوجيا العملاقة سوق الأسهم الأميركية، ويجد أي مستثمر لديه تفويض لامتلاك الأسهم نفسه مضطراً للتركيز على هذه الشركات من أجل البقاء خلال السنوات الأخيرة"، بحسب ما قاله تشارلي ماكإليغوت، استراتيجي الأصول في شركة "نومورا".
ردود فعل حادة
يشير الانخفاض الكبير في فروق التمويل هذا العام إلى أن مراكز المستثمرين المؤسسيين في الأسهم كانت بالفعل تتغير قبل الانخفاض الكبير يوم الإثنين. وهذا يترك السوق في يد مستثمرين يركزون على الأجل القصير، والذين يقومون بردود فعل سريعة على الأخبار، مما قد يؤدي إلى تقلبات مفرطة.
كما أن المستثمرين كانوا على الأرجح يضعون أنفسهم في موضع للاستفادة من موسم شهر يناير الإيجابي، ولكن الرياح المعاكسة التي جاءت عبر المستثمرين الذين يعتمدون بشكل أكبر على المنهجية، قد تتحول الآن إلى عوائق.
كان التمركز يتغير بالفعل قبل يوم الاثنين، حيث قام بعض المستثمرين بتدوير استثماراتهم بعيداً عن شركات التكنولوجيا الكبرى. وأشار بنك "غولدمان ساكس" إلى أن أسهم "العظماء السبعة" (أبل، إنفيديا، ألفابت، مايكروسوفت، أمازون، ميتا، تسلا) شهدت مبيعات صافية للمرة الثانية على التوالي من قبل كل من صناديق التحوط وصناديق الاستثمار المشتركة. في الوقت الحالي، تبلغ الحصة الصافية 15.1% من إجمالي التعرض للأسهم الأميركية مقابل مستوى قياسي قدره حوالي 21% تم تسجيله في يونيو الماضي.
قال جوشوا مايرز، متخصص المبيعات في قطاع التكنولوجيا والإعلام والاتصالات في "جي بي مورغان": "يوم الجمعة بدا أن 95% من الأسئلة التي تلقيتها كانت حول فريق الذكاء الاصطناعي الصيني في (ديب سيك)، والسرد الجديد الذي يشير إلى أن نماذجهم التي تتفوق على الأداء، تثير تساؤلات حول المليارات التي يتم إنفاقها على رأس المال الاستثماري لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة".
موجة تقلبات
تشهد السوق موجة كبيرة من التقلبات مع إعادة تسعير محتملة لمخاطر الهبوط في صفقات الذكاء الاصطناعي المزدحمة، حيث قفز مؤشر "الخوف" (VIX)، الذي يقيس التقلبات، بأكبر نسبة منذ ديسمبر. كانت صدمة السوق الشهر الماضي ناتجة عن تحول في الرواية السائدة، عندما خفض المستثمرون توقعاتهم بشأن قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر.
الآن، يواجه المستثمرون الذين يبحثون عن المحفز التالي وسط الاضطرابات السوقية أسبوعاً حافلاً بالأحداث. ومن المقرر أن تعلن شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك "مايكرسوفت"، و"ميتا بلاتفورمز" عن نتائجها المالية، كما أن قرار الاحتياطي الفيدرالي متوقع يوم الأربعاء.
قد تجعل "ديب سيك" الذكاء الاصطناعي أكثر سهولة وتقلص من تكلفته، وفقاً لإدوارد يارديني، مؤسس "يارديني ريسيرش" (Yardeni Research Inc)، الذي أضاف: "إذا كان الأمر كذلك، فإن أفضل طريقة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي قد تكون من خلال الشركات الـ493 المتبقية على مؤشر إس أند بي 500، والتي ستخفض تكاليفها وتعزز إنتاجيتها باستخدام هذه التكنولوجيا الجديدة".