مساعي الصين للتقدم في إنتاج الرقائق تصطدم بالعقوبات الأميركية

واشنطن تتصدى لمحاولات "هواوي" في تطوير رقائق أقوى للذكاء الاصطناعي

time reading iconدقائق القراءة - 7
شخص يسير أمام شاشة عرض تظهر العلامة التجارية لمعالج \"أسيند\" من \"هواوي\" - بلومبرغ
شخص يسير أمام شاشة عرض تظهر العلامة التجارية لمعالج "أسيند" من "هواوي" - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تواجه طموحات "هواوي تكنولوجيز" لصناعة رقائق ذات إمكانيات أقوى للذكاء الاصطناعي والهواتف الذكية عقبات رئيسية نتيجة للعقوبات الأميركية، مما يعرقل مسعى صينياً رئيسياً لمضاهاة التكنولوجيا الأميركية.

يستند تصميم "هواوي" لمعالجيها المقبلين من طراز "أسيند" (Ascend)، اللذين يمثلان رد الشركة على معالجات "إنفيديا" المهيمنة على السوق، إلى نفس تكنولوجيا 7 نانومتر السائدة منذ سنوات، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، وذلك لأن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة تمنع شركاء هواوي في تصنيع الرقائق من شراء أحدث نظم الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية القصوى من شركة "إيه إس إم إل هولدينغ".

الصين تعتمد على تكنولوجيا قديمة

هذا يعني أن رقائقها الرئيسية ستواصل الاعتماد على تكنولوجيا متقادمة حتى 2026 على الأقل، بحسب ما قاله الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لحساسية المشروع. وذكر أحدهم أن معالجات هواتف هواوي الذكية، لمجموعة طرز "Mate"، تواجه قيوداً مماثلة.

تعثر "هواوي" له تداعيات، لا على أنشطتها فحسب بل على طموحات الصين في مجال الذكاء الاصطناعي بصفة عامة. وتشير المصاعب التي تواجهها الشركة إلى أن الصين ستتخلف أكثر عن الولايات المتحدة في 2025، في حين تبدأ شركة "تايوان سيميكونداكتور مانوفاكتشورينغ كو" -صانعة رقائق "أبل" و"إنفيديا"- في إنتاج رقائق بتكنولوجيا 2 نانومتر متقدمة بفارق حوالي ثلاثة أجيال.

مطبات على طريق "هواواي"

الأسوأ من ذلك أن شريك الإنتاج الرئيسي لهواوي، "سيميكونداكتور مانوفاكتشورينغ إنترناشونال كورب"، يواجه صعوبات حتى في إنتاج كميات منتظمة من الرقائق بتكنولوجيا 7 نانومتر. وتأثرت خطوط الإنتاج التي تستخدم تكنولوجيا 7 نانومتر لدى الشركة التي مقرها شنغهاي نتيجة لضعف العائد ومشكلات في جدارتها بالثقة، بحسب ما ذكره شخص آخر. وأضاف أنه لا يكاد يوجد ما يضمن قدرة هواوي على تأمين الكمية الكافية من معالجات الهواتف الذكية ورقائق الذكاء الاصطناعي في السنوات المقبلة.

ولم يرد ممثلون عن "هواوي" وشركة "سيميكونداكتور مانوفاكتشورينغ إنترناشونال كو" على رسائل ومكالمات لطلب التعليق.

المصاعب التي تواجهها "هواوي" تظهر أن العقوبات الأميركية على مدى سنوات حققت نجاحاً مبدئياً في وقف تقدم الصين تكنولوجياً عند المستويات الحالية وحرمت شركاتها الوطنية الرائدة من فرصة الترقية إلى المستوى التالي.

ساهمت شركة "هواوي" بشكل أساسي في مساعي الصين لتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاعات حيوية كأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجهها الشركة، رغم استثماراتها الكبيرة في البحث والتطوير ودعم الحكومة الصينية، تعكس العقبات الكبرى التي تواجهها الصين في تطوير سلسلة إمداد متكاملة عالمياً ومنافسة الولايات المتحدة في التقنيات الحديثة.

من أبرز التحديات التي تواجه الصين هو تراجع جودة المعدات المحلية. وتشجع بكين شركات تصنيع الرقائق للاعتماد بشكل أكبر على معدات الموردين المحليين لتعزيز الإنتاج الداخلي. ومع ذلك، فإن الحظر المفروض على أجهزة الطباعة الحجرية فوق البنفسجية القصوى (EUV)، التي تُعد مكوناً رئيسياً في تصنيع الرقائق المتقدمة، يعرقل هذه الجهود بشكل كبير.

"هواوي" تحاول التفوق على أميركا

تلجأ "هواوي" وشركاؤها إلى أساليب مبتكرة للتقدم تقنياً للتصدي لهذا الوضع. وتعمل شركات تصنيع الرقائق المدعومة من الدولة على تجاوز قدرات آلات الطباعة الحجرية العميقة (DUV) التي تقدمها شركة "إيه إس إم أل" (ASML) الهولندية، باستخدام تقنية "النقش الرباعي". 

وتتطلب عملية "النقش الرباعي" تنفيذ أربع تعريضات ضوئية على شريحة السيليكون، بهامش خطأ لا يتجاوز مئات الأجزاء من شعرة الإنسان. ورغم أنها تقدم بديلاً عن أجهزة الطباعة الحجرية فوق البنفسجية القصوى، إلا أن هذه التقنية تستهلك موارد هائلة وتعرض الإنتاج لأخطاء وانخفاض في العائد، وفقاً لمحلل في شركة "يول غروب" (Yole Group).  

وتواجه هذه الجهود تحديات إضافية بسبب المعدات المحلية دون المستوى، حيث اضطرت فرق هندسية في إحدى خطوط الإنتاج التجريبية إلى استبدال معدات صينية بأخرى أجنبية لضمان إنتاج معقول. 

قيود أميركية على الصين

تأتي هذه التحديات وسط قيود أميركية صارمة تمنع الصين من شراء أحدث المعدات من شركات أميركية مثل "أبلايد ماتريلز" (Applied Materials) و"لام ريسيرش" (Lam Research)، إلى جانب رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة من "إنفيديا".  

كما تحتاج "هواوي" إلى عشرات الملايين من معالجات "كيرين" (Kirin) سنوياً لتشغيل هواتفها الذكية، وتسعى لإنتاج مئات الآلاف من رقائق "أسيند" للذكاء الاصطناعي. وفي محاولة للحد من الاعتماد على "إنفيديا"، حثت بكين الشركات الصينية على تبني البدائل المحلية مثل منتجات "هواوي".

وفي عام 2023، كشفت "هواوي" عن هاتف "ميت 60 برو" (Mate 60 Pro) المزود بشريحة بسمك 7 نانومتر من تصميمها، مما عزز مكانتها التقنية أمام الجمهور الصيني وحقق مبيعات قوية لسبعة أرباع متتالية. ومع ذلك، يظهر التحدي الجديد في عدم كشف الشركة عن المعالجات التي ستعتمدها في هواتفها القادمة لعام 2024.  

ومن المقرر أن تكشف "هواوي" عن هاتف "ميت 70" (Mate 70) في 26 نوفمبر الجاري، لكنها لم تكشف عن مواصفات الأجهزة. وبدلاً من ذلك، ركزت في الأشهر الماضية على الترويج لتطور نظامها التشغيلي "هارموني".  

وقال "ليو ينغ وو"، المحلل في "يول غروب": "لا تزال الصين تواجه تحديات كبيرة في إنتاج رقائق بسمك 5 نانومتر بعوائد مربحة وحجم كافٍ، وتبرز هذه التحديات في تحسين تقنية النقش المتعدد أو تطوير أجهزة الطباعة الحجرية فوق البنفسجية القصوى محلياً".

تصنيفات

قصص قد تهمك