إنترنت الأشياء تزدهر رغم المخاوف الأمنية

time reading iconدقائق القراءة - 6
المصدر: بلومبرغ - المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ - المصدر: بلومبرغ

هل تتطلع إلى اليوم الذي تخبرك فيه حفاضات طفلك النائم أنها مبللة قبل أن يوقظه البلل من نومه؟ أو هل تخشى أن يأتي اليوم الذي يتمكن فيه "هاكر" ما أو ربما الحكومة من معرفة كل ما يمكن لسيارتك وأجهزتك وحتى أعضائك الداخلية الكشف عنه؟

في كلتا الحالتين، سيأتي ذلك اليوم الذي تغزو فيه أجهزة استشعار رخيصة متصلة بالإنترنت كل شيء من حولنا تقريبًا، من خلال اتصالها بتكنولوجيا لاسلكية تشكّل ما يطلق عليه "إنترنت الأشياء".

ومثال على ما قد يعنيه "إنترنت الأشياء" بالنسبة للأفراد هو أن تقوم آلة تحضير القهوة المبرمجة مسبقًا بتأخير عملها تلقائيًا عندما تقوم بالضغط على زر الغفوة في المنبه. أما بالنسبة للشركات، فهذا يعني توفير هائل عند تبليغ الأنابيب عن تسريب فيها، وقيام المستودعات بطلب احتياجاتها ذاتيا، والتوصل إلى الأبقار التي تحتاج إلى الحلب بطريقة أسهل من الخوار، إلا أن ذلك ينطوي أيضًا على مشكلات أمنية جديدة، في تهديد ظهر بوضوح حين أوشكت كاميرات المراقبة عبر الإنترنت من السيطرة عليه.

الوضع الحالي

إحدى الشركات الصينية لصناعة كاميرات المراقبة في أواخر شهر أكتوبر 2016 صرّحت بأن منتجاتها استُخدمت في شن هجوم عبر الإنترنت ما أدى إلى قطع الاتصال بالشبكة عن ملايين المستخدمين، بعد أن قام مجموعة من "الهاكرز" بربط الكاميرات المتصلة بالشبكة بما يسمى "شبكة الروبوت" (bot-net) التي استُخدمت لاجتياح سيرفرات الإنترنت وإغراقها بطلبات الاتصال.

جاءت هذه الهجمات في وقت تكثف فيه شركات التكنولوجيا العملاقة مثل "سامسونغ" (Samsung) و"أبل" (Apple) و"غوغل" (Google) جهودها لربط جميع أنواع الأجهزة بالإنترنت بداية من منظمات الحرارة وصولًا إلى الساعات الذكية.

وطرحت شركة "أمازون" (Amazon) عام 2015 خدمات "داش بَتِونز" (Dash Buttons) وهي عبارة عن أزرار بلاستيكية صغيرة الحجم، يمكنها الاتصال بشبكة الإنترنت يتم لصقها على الغسالات، أو أبواب غرف المؤن على سبيل المثال، وعند الضغط عليها تستطيع الغسالة طلب ما يلزمها من المنظفات، وطلب غرفة المؤن ما ينقصها مثل المكرونة بجبن "كرافت" (Kraft) مثلًا.

كما أصدرت شركة "جنرال إلكتريك" (GE) في عام 2016 غسالة يمكنها طلب المنظفات تلقائيًا في حال نفادها، وتحذو على نهجها في ذلك شركات صناعة الأجهزة مثل الطابعات وأجهزة قياس السكر. إضافة إلى ذلك، أطلقت شركات مثل "مايكروسوفت" (Microsoft) و "آي بي إم" (IBM) أدوات جديدة تسهّل على الشركات الصغيرة إدارة الأجهزة المتصلة بالإنترنت.

ويُتوقع أن يتجاوز عدد الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت عدد الأفراد المتصلين بالشبكة بفارق شاسع في النهاية، إذ يعتقد بعض الباحثين أن قرابة 20 مليار جهاز ستتصل بالإنترنت بحلول عام 2020، بزيادة تقدر بنحو 6 مليارات جهاز عن الرقم الحالي.

خلفية الموضوع

في عام 1982، وضع طلاب علوم الحاسوب في جامعة "كارنيجي ميلون" (Carnegie-Mellon) أجهزة استشعار في آلة بيع الكوكاكولا وربطوها بإصدار مبكر من الإنترنت كي يتمكنوا من معرفة ما إن كانت فارغة، دون أن يضطروا إلى تفقدها بأنفسهم.

وابتُكر مصطلح إنترنت الأشياء عام 1999 من قبل "كيفن آشتون" (Kevin Ashton) المؤسس المشارك لمركز تابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، الذي ساعد في تطوير رقائق الراديو التي تستخدمها الشركات الآن في تتبع حركة السلع والمواد.

إلا أن الأدوات المتصلة بالإنترنت ظلت في المجمل بعيدة عن متناول المستخدمين حتى انتشار الهواتف الذكية، التي تستخدم مجموعة من أجهزة الاستشعار لتتبع كل شيء بدءًا من حركة الجسم وحتى حركة العينين، الأمر الذي أدى إلى انخفاض حاد في أسعار هذه الأدوات. علمًا أن أجهزة الاستشعار عادة ما تتصل بموزع مركزي منزلي عبر شبكة الواي فاي، أو بأجهزة أخرى عبر تقنيات "البلوتوث" (Bluetooth).

الجدل الدائر

يؤدي استخدام المزيد من البيانات إلى المزيد من المشاكل، إذ يمكن للبيانات التي يتم جمعها ومراقبتها ونقلها بواسطة الأجهزة اللاسلكية أن تشمل معلومات شخصية، كأسماء وعناوين وأرقام بطاقات ائتمان وحتى معلومات صحية، غير أنه يمكن للأبواب والأنظمة الكهربائية أن توفر من جانبها أدلة عما إذا كان المنزل خاليًا.

وبينما تستمر شركات التكنولوجيا في التطور، يتحرك المسؤولون الأمريكيون ببطء أكثر في محاولة صياغة قواعد يمكن لها أن تمنع تحوّل إنترنت الأشياء إلى مجال واسع للهاكرز ممن يمكن لهم قلب الأجهزة على مالكيها وسرقة المعلومات المختلفة، وهو الأمر الذي اكتسب ضرورة ملحة بعد هجمات شبكة روبوت "دين" (Dyn).

وقال نائب الرئيس الأمريكي السابق "ديك تشيني" (Dick Cheney) في هذا السياق، إنه عطّل الميزة اللاسلكية في جهاز صدمات القلب الكهربائية عام 2007 خشية أن يستخدمها الإرهابيون لقتله. كما وجّهت "لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية" (The U.S. Federal Trade Commission) تهمًا ضد إحدى شركات صناعة كاميرات المراقبة التي تعمل عبر الإنترنت، نظرًا لضعف أنظمة الحماية في أجهزتها مما يعرضّها للاختراق بسهولة.

وتسعى شركات المعدات الحاسوبية جاهدة لمعرفة الأجهزة الرائجة التي سيكون مستخدمو التكنولوجيا على استعداد للدفع مقابل ربطها بالإنترنت، في وقت ترى فيه شركة "نيست" (Nest) أن المستخدمين سيستعيدون سعر منظم الحرارة البالغ 249 دولارًا من انخفاض فواتير التدفئة والتبريد، إلا أنه لا بد لسعر الحفاضات اللاسلكية أن ينخفض كثيرًا قبل أن ينظر المستهلكون إليها على أنها أكثر من مجرد ابتكار.

تصنيفات