هل يمكن للذكاء الاصطناعي تطوير أسلحة بيولوجية فتاكة؟

نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة قد تتيح للعلماء أو الدول إنشاء أمراض تنتشر سريعاً وتقاوم اللقاحات وتقتل عدداً أكبر من الأشخاص

time reading iconدقائق القراءة - 7
صورة موّلدة بالذكاء الاصطناعي تعبر عن عملية انتاج فايروس داخل مختبر - الشرق
صورة موّلدة بالذكاء الاصطناعي تعبر عن عملية انتاج فايروس داخل مختبر - الشرق
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

على الرغم من المخاطر الفتاكة التي أحدثتها جائحة كورونا، قد يكون الوباء القادم أكثر خطورة. فمع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي والأدوات المختبرية الحديثة، يمكن أن يصبح بإمكان العلماء أو الدول التي تعمل خارج إطار القانون هندسة أمراض تنتشر بسرعة أكبر، وتكون أكثر مقاومة للقاحات، وتسبب وفاة عدد أكبر من الأشخاص مقارنة بما تسبب فيه كوفيد-19. لهذا السبب، ينبغي على الحكومات وشركات التكنولوجيا والباحثين العلميين اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من هذا الخطر المحتمل.

لطالما كانت الطبيعة مصدراً للأمراض الفتاكة، مثل الطاعون والإنفلونزا الإسبانية. وبالمثل، تمكن البشر عبر التاريخ من تطوير أسلحة بيولوجية. ففي الحرب العالمية الثانية، نفذت اليابان تجارب بيولوجية وحشية، وخلال الحرب الباردة خزنت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كميات من السموم البيولوجية، فيما استمر برنامج السوفييت حتى بعد توقيع اتفاقية الأسلحة البيولوجية عام 1972. ويعتقد البنتاغون أن روسيا وكوريا الشمالية ما زالتا تعملان على تطوير أسلحة بيولوجية حتى اليوم.

لكن هذه الجهود كانت محدودة تقليدياً بعدد العلماء المدربين والأدوات المتاحة لإجراء الأبحاث وتطوير الأسلحة. غير أن التكنولوجيا الحالية تجاوزت هذه القيود، حيث تستطيع النماذج اللغوية الكبيرة، مثل "تشات جي بي تي" الذي طورته شركة "OpenAI"، جمع وتحليل كميات ضخمة من المعرفة بسرعة. ففي تجربة حديثة، قدّم روبوت دردشة إرشادات لمجموعة من طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حول كيفية هندسة أربعة أمراض فتاكة محتملة، ومكان الحصول على الحمض النووي اللازم دون الكشف عن الأمر، وكل ذلك في غضون ساعة واحدة فقط.

برامج أكثر تطوراً وفعالية

تعد برامج الذكاء الاصطناعي المتخصصة التي تُدرب على البيانات البيولوجية، والمعروفة بأدوات التصميم البيولوجي، أكثر تطوراً وفعالية. ومع مرور الوقت، يمكن لهذه البرامج تسريع عملية تطوير مسببات أمراض جديدة بخصائص فتاكة، وربما حتى بقدرة على استهداف مجموعات سكانية محددة. كما أن التكنولوجيا الناشئة، مثل الأجهزة المحمولة التي تمكّن الباحثين الأفراد من إنشاء سلاسل الحمض النووي الخاصة بهم، والمختبرات السحابية التي تتيح إجراء التجارب عن بُعد باستخدام الروبوتات والأدوات المؤتمتة، تسهم في تقليل العوائق التي تحول دون اختبار وإنتاج الأسلحة البيولوجية المحتملة.

رغم أن العوائق التي تحول دون إنتاج وتوزيع أسلحة بيولوجية فعالة لا تزال كبيرة، إلا أن العلماء يحذرون من أن هذا الوضع قد يتغير خلال السنوات القليلة المقبلة نتيجة التقدم السريع في هذه التقنيات. لذا، يجب اتخاذ إجراءات عاجلة قبل أن تصل هذه التكنولوجيا إلى مرحلة النضج التي قد تجعل إنتاج الأسلحة البيولوجية أسهل. ويمكن لسلسلة من التدخلات أن تسهم في تقليل المخاطر.

التدقيق الفعال خطوة مهمة

بدايةً، يجب التركيز على نماذج الذكاء الاصطناعي. بعض مطوري أقوى النماذج اللغوية الكبيرة في الولايات المتحدة يقدمونها طواعية للحكومة لإجراء تقييم إضافي، وهذا أمر إيجابي، لكن يجب أن يكون هناك تدقيق أكبر على النماذج التي تشكل خطورة خاصة، لا سيما تلك المدربة على بيانات بيولوجية حساسة. ينبغي أن يتعاون الكونغرس مع مطوري الذكاء الاصطناعي والعلماء لوضع معايير لتحديد النماذج التي تستدعي تدقيقاً رسمياً، بالإضافة إلى وضع ضوابط صارمة على النماذج التي تشكل مخاطر كبيرة. ومع التقدم التكنولوجي، قد يصبح فرض رقابة صارمة أمراً ضرورياً.

ثانياً، يجب اتخاذ تدابير لمنع وصول الفيروسات المصممة باستخدام الذكاء الاصطناعي إلى العالم الواقعي. على مزودي الأحماض النووية الاصطناعية أن يتحققوا من هوية عملائهم ويقوموا بفحص الطلبات للكشف عن أي تسلسلات مشبوهة للحمض النووي. ويجب توثيق جميع الطلبات لتتبع مسببات الأمراض الجديدة في حال إطلاقها. وينبغي أيضاً فرض ضوابط صارمة على أجهزة تصنيع الحمض النووي المحمولة، مع ضرورة تدقيق هوية العملاء والطلبات في المختبرات السحابية. كما ينبغي أن يكون هناك إشراف بشري على جميع التجارب الخطرة لضمان السلامة.

المزيد من الإجراءات الوقائية

يجب على الولايات المتحدة أن تدفع الدول الأخرى لتبني إجراءات وقائية مماثلة، حتى لا تلجأ جهات خارجة عن القانون إلى مقدمي خدمات أقل دقة في أماكن أخرى. وإذا كان من الصعب تشديد اتفاقية الأسلحة البيولوجية بسبب التوترات الدبلوماسية، ينبغي على الأقل أن تتفق الدول المتحالفة على مجموعة من أفضل الممارسات، كما بدأت بالفعل مع الذكاء الاصطناعي.

قبل كل شيء، يجب على الدول تعزيز دفاعاتها ضد الأوبئة لمنع أي شخص من استغلال ثغرات النظام وإحداث أضرار جسيمة. ويمكن للذكاء الاصطناعي نفسه أن يسهم في تحسين قدرات الحكومات على اكتشاف مسببات الأمراض الجديدة في مراحل مبكرة، بالإضافة إلى تسريع تطوير اللقاحات وتسهيل إنتاج وتوزيع معدات الوقاية الشخصية. كما أن تعزيز أنظمة الصحة العامة يعد ضرورة قصوى، سواء كانت الفيروسات الجديدة ناجمة عن أعمال إرهابية، أو دول خارجة عن القانون، أو حوادث، أو حتى من الطبيعة.

جائحة كوفيد-19 كشفت عن ثغرات هائلة في هذه الدفاعات، ولا يزال الكثير منها دون معالجة حتى اليوم. والحكومات لديها كل الحوافز للعمل على سد هذه الثغرات ومواجهة التهديدات المستقبلية قبل أن يفوت الأوان.

باختصار

يناقش المقال المخاطر المحتملة للوباء القادم، والذي قد يكون أكثر خطورة من جائحة كورونا بسبب التقدم التكنولوجي في مجالات الذكاء الاصطناعي والأدوات البيولوجية. فمع تطور هذه التقنيات، يمكن للعلماء أو الجهات غير القانونية هندسة أمراض جديدة تنتشر بسرعة أكبر وتكون أكثر مقاومة للقاحات. يشدد المقال على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل الحكومات وشركات التكنولوجيا لتقليل هذه المخاطر، مثل التدقيق في نماذج الذكاء الاصطناعي، فرض ضوابط على تصنيع الأحماض النووية، وتعزيز الدفاعات الصحية ضد الأوبئة.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

واشنطن

1 دقيقة

24°C
غيوم متناثرة
العظمى / الصغرى 23°/26°
11.1 كم/س
73%