بلومبرغ
خسرت شركة "أبل" قضيتها أمام محكمة الاتحاد الأوروبي العليا بشأن إسقاط ضرائب بقيمة 13 مليار يورو (14.4 مليار دولار) في أيرلندا، في دفعة لحملة الاتحاد الأوروبي للتضييق على الصفقات الخاصة الممنوحة من الدول للشركات الكبرى.
أيدت محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ قراراً تاريخياً يعود لعام 2016 بأن أيرلندا انتهكت قانون مساعدات الدول بمنح الشركة المصنعة لهواتف "أيفون" ميزة غير عادلة.
وقضت المحكمة، يوم الثلاثاء، بإبطال حكم أصدرته محكمة أدنى درجة لصالح "أبل"، حيث رأت أن القضاة قرروا بشكل غير صحيح أن الجهات التنظيمية التابعة للمفوضية الأوروبية ارتكبت أخطاء في تقييمها.
انتصار جديد للمفوضية الأوروبية
يعدّ الحكم انتصاراً لمسؤولة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة، مارغريت فيستاغر، التي يوشك تفويضها في بروكسل على الانتهاء بعد قضاء فترتين.
ففي 2016، أثارت فيستاغر غضباً على الجانب الآخر من الأطلسي عندما ركزت على الإجراءات الضريبية لشركة "أبل". وزعمت أن أيرلندا منحت مزايا غير قانونية للشركة التي يقع مقرها في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا، مما سمح لها بدفع ضرائب أقل بكثير عن شركات أخرى في الدولة، على مدى سنوات طويلة.
وأمرت فيستاغر بأن تسترد أيرلندا مبلغ 13 مليار يورو، الذي يعادل حوالي مبيعات فصلين من أجهزة "ماك". وظلت الأموال في حساب ضمان بانتظار الحكم النهائي.
رد فعل "أبل" على الحكم
بدوره، قال متحدث باسم شركة أبل: "نشعر بخيبة أمل إزاء قرار اليوم إذ أن المحكمة العامة استعرضت الحقائق في السابق، وألغت هذه القضية بشكل قاطع".
وبينما تعد هذه نتيجة سلبية لأيرلندا، التي كانت ادعت أنها لم تمنح أي مزايا ضريبية لشركة "أبل" أو شركات تكنولوجيا أخرى لإنشاء مقر لها هناك، نظراً للوقت الذي استغرقته القضية للوصول إلى اكتمالها، فمن المستبعد الآن أن يكون لها تأثير كبير على البلد الذي يعد مركزاً راسخاً للمقرات الأوروبية لعدد كبير من شركات التكنولوجيا الكبرى.
كان الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك انتقد في السابق تحرك الاتحاد الأوروبي ووصفه بأنه "هراء سياسي كامل". كما تدخلت وزارة الخزانة الأميركية قائلة إن الاتحاد الأوروبي يجعل من نفسه "سلطة ضريبية عابرة للحدود"، ويمكن أن يهدد جهود الإصلاح الضريبي العالمي. وقال الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترمب، إن فيستاغر "تكره الولايات المتحدة" حيث إنها "تقاضي جميع شركاتنا".
كان القرار الخاص بـ"أبل" هو الأكبر على الإطلاق في حملة فيستاغر التي استمرت عقداً كاملاً من أجل العدالة الضريبية، واستهدفت أيضاً شركات مثل "أمازون دوت كوم" وشركة صناعة السيارات "فيات" التابعة لمجموعة "ستيلانتيس" (Stellantis NV Fiat.) . وزعمت فيستاغر أن المزايا الضريبية الانتقائية للشركات الكبرى هي مساعدات حكومية غير قانونية محظورة في الاتحاد الأوروبي.
صفقات ضريبية مع "أبل"
تدور القضية التي نوقشت يوم الثلاثاء حول صفقتين ضريبيتين مع الحكومة الأيرلندية في عامي 1991 و2007. سمحت هاتان الاتفاقيتان لشركة "أبل" بنسب الأرباح الأيرلندية بشكل غير سليم إلى "مكتب رئيسي" "كان موجوداً على الورق فقط"، وفقاً لتقييم الاتحاد الأوروبي.
في المقابل، أدى هذا إلى انخفاض كبير في فواتير الضرائب. ورأى ذراع مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي أن الإعفاء الذي حصلت عليه "أبل" يتعارض مع المنافسة، ويرقى إلى وصفه كمساعدة حكومية غير قانونية.
ووصلت القضية إلى أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي بعد أن طعنت فيستاغر في انتصار "أبل" في محكمة أدنى درجة عام 2020. ووجد القضاة في المحكمة العامة للكتلة الأوروبية أن هيئات مراقبة مساعدات الدول للشركات في الاتحاد الأوروبي ارتكبت عدة أخطاء.
منذ ذلك الحين، تلقت فيستاغر عدة هزائم في قضايا ضريبية أخرى، لكنها وجدت العزاء في حقيقة أن القضاة أيدوا نهجها في استخدام قواعد مساعدات الدول لمهاجمة الترتيبات غير العادلة.
كانت "أبل" واحدة من أولى شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة التي تأسست في أيرلندا، بفضل معدل ضريبة الشركات المنخفض عمداً في الثمانينيات وأوائل التسعينيات، والذي صُمم لجذب الاستثمار الأجنبي. وأنشأت الشركة مقرها الأوروبي خارج مدينة كورك الجنوبية في عام 1980، وتوظف الآن حوالي 6000 شخص في البلاد.
في السنوات التي تلت ذلك، تم إغلاق العديد من الثغرات الضريبية التي كانت متاحة في السابق، وفي عام 2021، وقعت أيرلندا على إجراءات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تتضمن حداً أدنى عالمياً للضرائب عند 15% للشركات المتعددة الجنسيات.