هناك قول مأثور متداول في وادي السيليكون، مفاده أن تصنيع "الأجهزة صعب"، ومكلف، ويستغرق وقتاً طويلاً. وهذا صحيح حتى عندما تكون هناك شركة بارعة في ذلك، مثل "إنفيديا" التي ارتفعت قيمتها السوقية لتصل إلى 3 تريليونات دولار بفضل تفوقها الاستثنائي في تحديات الأجهزة الأكثر تطوراً اليوم، وهو التحدي المتمثل في تصنيع الرقائق المتقدمة للذكاء الاصطناعي.
على حد علمي، ليس لدى "وول ستريت" هذا القول المأثور. أو أي أقوال مأثورة، حقاً، عندما يتعلق الأمر بتغيير العالم باستخدام التكنولوجيا، باستثناء ربما بعض الأمور: "النمو جيد"، و"على هؤلاء العباقرة في الغرب إيجاد طرق للحفاظ على الأوقات الطيبة في المستقبل، وبسرعة".
لذلك عندما أكدت "إنفيديا" يوم الأربعاء الشائعات بأن شريحتها الجديدة "بلاكويل" واجهت بعض العقبات في الإنتاج، تفاعل المتداولون بشكل سلبي، مما دفع الأسهم إلى الانخفاض بنسبة تصل إلى 8.4% بعد ساعات التداول. كذلك، فإن الأمر الذي أضر بـ"إنفيديا" هو نمو إيراداتها بنسبة 122% على أساس سنوي (الذي يبدو أنه لم يكن كافياً) وتقديرات الشركة التي رغم أنها تجاوزت التوقعات، لم تكن جيدة بما فيه الكفاية أيضاً. بصراحة، يبدو الأمر وكأن الرئيس التنفيذي جينسن هوانغ لم يبذل جهداً كافياً.
ثمن المبالغة في التوقعات
أصبح الوضع سخيفاً بعض الشيء. محللو "بلومبرغ إنتليجنس" كانوا محقين عندما قالوا إن "إنفيديا" تواجه "توقعات مرتفعة وغير مستدامة". تأخير إطلاق شريحة "بلاكويل" هو عثرة مؤقتة، وهو ما لن يؤثر على هوامش الربح الكبيرة للشركة بفضل الطلب المرتفع الذي سيستمر لعدة أشهر. شركات التكنولوجيا لا تزال تسعى بشدة للحصول على رقائق "إنفيديا" كما يتسابق المتسوقون في "الجمعة السوداء" لشراء تلفزيون جديد. تأخر إطلاق "بلاكويل" قليلاً عن الجدول الزمني المقرر ليس مشكلة. قال جيل لوريا، من شركة دي. إيه. ديفيدسون": "سيشترون أي شيء تبيعه إنفيديا".
كما أخبر هوانغ المستثمرين، وتحدث عن ذلك بإسهاب في مقابلة حصرية مع إيد لودويل من "بلومبرغ"، أن لديه طلبيات مسبقة على "بلاكويل" تتدفق من كل مكان. كانت مشكلة الإنتاجية، التي تم حلها الآن، تتعلق بعملية التصنيع بدلاً من الشريحة نفسها. هذا فارق كبير؛ لم تكن من النوع الذي يستدعي إعادة التفكير بالكامل أو العودة إلى نقطة البداية في التصميم. العقبات تحدث، خاصة عندما تسارع شركة فجأة في جدول إنتاجها، كما فعلت "إنفيديا"، متعهدة الآن بتحديث أجهزتها الرئيسية مرة واحدة على الأقل في السنة. الشحنات ستتزايد في نهاية الربع الرابع من "إنفيديا" (من نوفمبر إلى يناير) وفي الربع التالي. قال هوانغ: "سيكون لدينا عام رائع العام المقبل أيضاً"، وأنا لن أشكك في ذلك.
نقطة ضعف إنفيديا
إذا كان هناك شئ يستدعي قلق المستثمرين حقاً، فيجب عليهم النظر إلى المستقبل البعيد. عليهم أن يتساءلوا ماذا سيحدث عندما يتمكن أكبر عملاء "إنفيديا" (مثل "أمازون دوت كوم" و"غوغل" التابعة لـ"ألفابت" وعدد قليل آخر ) من تلبية احتياجاتهم الخاصة من الأجهزة بشكل أفضل باستخدام مكوناتهم الخاصة بدلاً من منتجات "إنفيديا". قال هوانغ إن هذه الشركات تمثل الآن 45% من قاعدة عملاء "إنفيديا". هذه نقطة ضعف بغض النظر عن طريقة طرحها.
قد يرغب المساهمون أيضاً في التساؤل حول المشكلة الوجودية المتعلقة بما قد يحدث إذا لم تحقق المبادرات الرئيسية للذكاء الاصطناعي العائد على الاستثمار المنشود. اعترف مارك زوكربيرغ أن "ميتا بلاتفورمز" كانت تميل إلى الإفراط في الاستثمار عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي. هناك سيناريو قد تجد فيه هذه الشركات وغيرها من الشركات العملاقة، المثقلة بقدرة أكبر بكثير مما تحتاجه من الخوادم، أنه ليس هناك مبرر للقيام بالكثير من الأعمال مع"إنفيديا" على الإطلاق. (يذكرّني ذلك قليلاً بشركة أمازون خلال الجائحة، عندما كانت تشتري بأي ثمن أي مساحة تخزينية يمكن أن تحصل عليها. كلف هذا الإفراط في الإنفاق المدير التنفيذي المسؤول فقدان وظيفته، وجعل الشركة تغلق المصانع وتلغي مشاريع البناء بشكل مستمر).
عندما واجه هوانغ ضغطاً يتعلق بالقلق من العائد على الاستثمار من قبل المحللين في مكالمة الأرباح يوم الأربعاء، لم يكن لديه الكثير ليقوله. لكن دعونا نكون واقعيين، هذه ليست مشاكل 2024. من المحتمل أنها ليست مشاكل 2025 أيضاً. حتى لو كان الذكاء الاصطناعي ومجاله قد تم تضخيمهما بشكل كبير، فسيظل من المحتمل أن يتم إنفاق مليارات الدولارات الأخرى على رقائق "إنفيديا" قبل أن نعرف النتيجة. حتى ذلك الحين، يجب ألا يبالغ المستثمرون في رد فعلهم تجاه العثرات الحتمية على الطريق. تصنيع "الأجهزة صعب"؛ رغم أن إرضاء "وول ستريت" قد يكون أصعب.