الشرق
عادت تدريجياً الخدمات المقدمة في مختلف المجالات، من شركات طيران إلى قطاعات الرعاية الصحية، والشحن، والشؤون المالية، إلى العمل، الجمعة، بعدما أوقف عطل رقمي عالمي أنظمة الكمبيوتر لساعات، كاشفاً ثغرات ناشئة عن تحوّل العالم إلى التكنولوجيا المترابطة عقب جائحة فيروس كورونا.
وبعد بداية حل مشكلات العطل، تتعامل الشركات مع تراكم الرحلات الجوية المؤجلة، والملغاة، وكذلك المواعيد الطبية والطلبيات التي لم تصل إلى وجهتها ومشكلات أخرى، ربما تستغرق أياماً لحلها، وتواجه الشركات أيضاً تساؤلات بشأن كيفية تفادي انقطاع الخدمات مستقبلاً بسبب التكنولوجيا التي يُفترض أن تحمي أنظمتها.
وتسبب تحديث برمجي من شركة الأمن السيبراني العالمية "كراود سترايك" (CrowdStrike)، وهي إحدى كبرى الشركات في القطاع، في إحداث مشكلات في الأنظمة أدت إلى تعطل رحلات جوية واضطرار هيئات إعلامية إلى قطع البث، ومنع المستخدمين من الوصول إلى خدمات مثل الرعاية الصحية أو الخدمات المصرفية.
ومنذ تفشي جائحة فيروس كورونا في 2020، ازداد اعتماد الحكومات والشركات على مجموعة من شركات التكنولوجيا المترابطة، وهو ما يفسر سبب انقلاب العالم رأساً على عقب بسبب مشكلة في برنامج واحد.
وسلط العطل الضوء على شركة "كراود سترايك"، وهي شركة تصل قيمتها إلى 83 مليار دولار وغير ذائعة الصيت، لكن لديها أكثر من 20 ألف مشترك حول العالم، منهم شركة "أمازون"، وشركة "مايكروسوفت".
وقال جورج كيرتز الرئيس التنفيذي للشركة على منصة "إكس"، إن خللاً رُصد "في تحديث محتوى فردي لخوادم استضافة نظام ويندوز" أثر في عملاء "مايكروسوفت".
تسبب عطل تقني عالمي في شل العمليات في كثير من القطاعات، الجمعة، إذ ترتب عليه اضطراب في الرحلات الجوية، وحركة الطيران، وانقطاع بث عدد من المحطات التلفزيونية.
وأضاف كيرتز لشبكة (NBC News): "إننا آسفون جداً على الأثر الذي سببناه لدى العملاء والمسافرين وأي شخص تأثر بهذا، بما في ذلك شركتنا". وتابع: "يعيد كثير من العملاء تشغيل النظام، ويُفتح النظام ويعود إلى العمل".
وأثار العطل أيضاً، مخاوف من أن كثيراً من المنظمات ليست مستعدة جيداً لتنفيذ خطط طوارئ عند تعطل نظام لتكنولوجيا المعلومات، أو برنامج داخلها قادر على التسبب في توقف النظام بأكمله.
لكن خبراء يقولون إن هذا الانقطاع سيحدث مجدداً، إلى حين دمج مزيد من خطط الطوارئ في الشبكات، واستخدام المنظمات أدوات احتياطية أفضل.
استئناف العمل بمطارات السعودية والكويت
أعلنت شركة "مطارات القابضة"، التي تُشرف على تشغيل 27 مطاراً في السعودية "عودة العمليات التشغيلية لوضعها الطبيعي في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، ومطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، ومطار الملك فهد الدولي بالدمام، ومطارات تجمع مطارات الثاني".
وأكدت الشركة في بيان، ضرورة "تواصل المسافرين مع الناقلات الجوية قبل التوجه للمطارات لمعرفة المزيد حول رحلاتهم ومستجدات مواعيدها، والاطلاع على لائحة حقوق المسافرين المعتمدة من الهيئة العامة للطيران المدني".
وفي السياق ذاته، أشار مطار الملك خالد الدولي، إلى "عودة العمليات التشغيلية إلى الوضع الطبيعي بعد العطل التقني العالمي الذي أثر على عدد من الناقلين الجويين في الصالة الداخلية 5 والصالة الدولية 3".
وقالت شركة "فلاي ناس" السعودية للطيران، الجمعة، إنها بدأت استئناف عملياتها بعد تأثرها بخلل تقني عالمي، تسبب في تأخير بعض رحلاتها، وأبطأ موقعها الإلكتروني على الإنترنت، وتطبيقها على الهاتف المحمول.
كما أعلنت إدارة الطيران المدني الكويتية، الجمعة، عودة جميع الأنظمة التقنية وجميع الأنظمة الخاصة بشركات الطيران العاملة في مطار الكويت الدولي إلى وضعها الطبيعي، بعد تأثر بعض الرحلات في المطار بالعطل التقني العالمي.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" عن المتحدث الرسمي بالإدارة العامة للطيران المدني المدني عبد الله الراجحي قوله، إن الخلل الفني العالمي ساهم في التأثير المباشر على أنظمة تشغيل الرحلات الجوية، وعلى بعض الرحلات في مطار الكويت.
وتوقف العمل في شركات للطيران وللاتصالات وتعطلت مؤشرات بورصات بعدة بلدان جراء الخلل الفني.
من جهتها، أعلنت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في السعودية، أن التأثير على الجهات الوطنية في المملكة يعد "محدوداً".
وأوضحت الهيئة أنها "وضعت التدابير الاستباقية لرصد ومتابعة التهديدات والمخاطر السيبرانية، وكذلك الاستجابة لأي حوادث سيبرانية في حال وقوعها".
كما أعلنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، أن أنظمتها التقنية والأنظمة الحكومية تعمل دون انقطاع، ولم تتأثر بالعطل التقني الذي ضرب ، الجمعة، معظم الجهات في دول العالم.
وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة المهندس ماجد الشهري في بيان: "إن الهيئة منذ اللحظة الأولى من ظهور العطل التقني وهي تقف من خلال فرقها التقنية الوطنية على عمل أنظمتها الداخلية والأنظمة الحكومية المستضافة لديها ولم تتعرّض لأي عطل".
مخاطر مستقبلية
بدوره، اعتبر رولاند أبي نجم، مستشار أمن المعلومات والتحول الرقمي، أن العطل التقني، من بين أسبابه ما وصفه باحتكار شركات عالمية أنظمة تكنولوجية بعينها، وقال لوكالة أنباء العالم العربي: "هناك بالفعل مخاطر الأمن السيبراني التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار؛ هذا الشيء من ثم يمكن أن يؤدي إلى أخطاء بشرية خلال التحديث أو الترقية".
وحول إمكانية حدوث اختراقات قد تتسبب في تكرر هذا الخلل، قال أبي نجم إن "الخطر دائماً موجود؛ إذا كان بالأمن السيبراني، لا يوجد شيء آمناً بنسبة 100%، وعليه فالأخطاء البشرية والأخطاء التقنيّة، واردة في كلّ لحظة".
من جانبه، أوضح خبير تكنولوجيا الاتصالات عبد الغني كاتايا، أن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الخلل، ولم يستبعد أيضاً أن تتكرر حوادث مماثلة في المستقبل.
وقال للوكالة: "حدث هذا من قبل.. إذا نتذكر، قبل بضع سنين كان هناك توقف مفاجئ لخدمات فيسبوك في كل العالم؛ في ذلك الوقت، قالوا إنهم كانوا يجرون تحديثاً، وحدث خلل في هذا التحديث أدى إلى توقف الخوادم".
وأضاف: "هذا يُظهر لنا مدى خطورة أن الكثيرين يعتمدون على برنامج تشغيل واحد أو على منظومة واحدة للأمن السيبراني؛ فإذا تعرضت تلك المنظومة لخلل ما، ينتشر هذا الخلل في كل البلدان".