بلومبرغ
سيكون دخول شركة "تسلا" إلى منصة تشغيل سيارات الأجرة ذاتية القيادة الأكثر ربحية محفزاً لزيادة سعر أسهمها بنحو 10 أضعاف، وفقاً لكاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة "آرك إنفستمنت مانجمنت" (Ark Investment Management).
ترى وود أن سوق سيارات الأجرة ذاتية القيادة يشكل "فرصة لتحقيق إيرادات عالمية تتراوح ما بين 8 تريليونات دولار و10 تريليونات دولار"، وتتوقع أن يحصل مزودو المنصات على غرار "تسلا" على نصف هذه القيمة تقريباً. وأضافت في مقابلة مع ديفيد إنجليس من تلفزيون بلومبرغ وريبيكا سين من "بلومبرغ إنتليجنس" في برنامج بودكاست "تايغر موني" (Tiger Money)، أن المستثمرين تخلوا عن تقييم "تسلا" بوصفها صانعة سيارات كهربائية فقط، إذ يُحتسب قدر من إمكانات سيارات الأجرة ذاتية القيادة ضمن عملية تسعير قيمتها كذلك الآن.
وتابعت: "تعد منصات سيارات الأجرة ذاتية القيادة أكبر مشروع ذكاء اصطناعي يجري تطويره حالياً، وتستند (آرك) بصورة أساسية في تقييمها لـ(تسلا) إلى إمكاناتها في مجال القيادة الذاتية. وإذا كنا على صواب، فإن السهم ما يزال أمامه مجال كبير للصعود".
أسهم "تسلا" مرشحة للصعود
تأتي تعليقات وود بعد تراجع أسعار أسهم "تسلا" 43% تقريباً العام الحالي حتى 22 أبريل الماضي، مع تباطؤ مبيعات السيارات الكهربائية عالمياً. وعوض الارتفاع الذي حدث خلال الشهرين الماضيين غالبية الخسائر، رغم أنها ما زالت تحقق أداء أضعف كثيراً من نظيراتها في مجال التكنولوجيا من المجموعة المعروفة باسم "العظماء السبعة".
كثيراً ما كانت وود متفائلة إزاء "تسلا"، ما جعلها من الأصول الرئيسية في صندوق " آرك إنوفيشن آي تي إف" المتداول في البورصة. وخسر الصندوق 9% تقريباً السنة الجارية، بينما هبطت أصوله بنحو الثلث، ويعزا ذلك جزئياً لعمليات استرداد الأموال. يقارن ذلك بصعود مؤشر "ستاندرد أند بورز500" بنسبة 18%. وتشتهر وود بتوقعاتها الضخمة، بما فيها توقعها بوصول بتكوين إلى 1.48 مليون دولار بحلول 2030.
ذكرت وود أن شبكات سيارات الأجرة ذاتية القيادة ستكون فرصة تقوم على أن "الفائز يأخذ أكبر نصيب"، إذ سيحصل المزود الذي يمكنه نقل الركاب من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) بأسرع وأكثر الطرق أماناً على نصيب الأسد من الأعمال. وأضافت أن مزود الشبكة سيكون قادراً على أخذ حصة تتراوح من 30% إلى 50% من الأرباح التي يحققها مالكو الأسطول على منصته، ما يمنحه "دخلاً مستمراً مع تدفقات نقدية هائلة" علاوة على هامش ربح يتجاوز 50%. يختلف هذا الأمر عن نموذج أعمال التصنيع والبيع، أو "الانتهاء من العمل مرة واحدة" لصناعة المركبات.
قالت وود: "نعتقد أن الناس يتجاهلون حجم الفرصة المتاحة للشركة وسرعة نموها ومستوى ربحيتها"، متوقعة أن تتصدر "تسلا" السوق الأميركية.
وزن "تسلا"
تجاوز وزن "تسلا" في صندوق "أرك إنوفيشن آي تي إف" الذي تبلغ قيمته 6.5 مليار دولار نسبة 15% الأسبوع الماضي. وبينت وود أن صندوق "أرك" عادة لا يعزز حصة الأصل بعد أن يصل وزنه في المحفظة إلى 10%. وبينما قد تصعد حصة ما جراء ارتفاع قيمة السهم، إلا أن الشركة عادة ما تبدأ البيع قبل أن تصل إلى مستويات مشابهة لمستوى "تسلا".
أضافت وود أن شركة إدارة الأصول جنت بعض الأرباح من "تسلا" لكنها سمحت لها بالصعود إلى ما يتخطى الحد الأقصى المعتاد، معتقدة أن شركة إيلون ماسك على وشك نشر معلومات أكثر حول مشروعها لسيارة الأجرة ذاتية القيادة.
أفاد تقرير لـ"بلومبرغ نيوز" الخميس الماضي أن "تسلا" أجلت الكشف عن سيارة الأجرة ذاتية القيادة المخطط لها شهرين إلى أكتوبر لتمنح فرق العمل مزيداً من الوقت لبناء نماذج أولية إضافية. وأدى هذا الخبر إلى انخفاض سعر السهم 8.4%، في أكبر نسبة للتراجع خلال يوم واحد منذ يناير الماضي. لكن موقف وود لم يتأثر بهذا الخبر.
وأوضحت: "نقترب على الأرجح من الحصول على سيارات الأجرة الذاتية القيادة، وأصبحنا غير بعيدين عنها"، حيث يهدف ماسك "إلى أن يظهر لنا شيئاً أكثر إلهاماً في 8 أغسطس المقبل بالمقارنة مع ما شاهدناه في السابق. ويعتقد أنه من الممكن حدوث ذلك بحلول أكتوبر المقبل".
لم تحصل "تسلا" بعد على موافقة الجهات التنظيمية لبدء تسيير سيارات بدون سائق على الطريق، وما زالت سياراتها غير قادرة على المناورة بأمان دون إشراف بشري دائم. رغم ذلك، يعتقد العديد من المستثمرين أنها ستطرح السيارات ذاتية القيادة في السوق في نهاية المطاف ونتيجة لذلك؛ صعدت قيمة السهم، علاوة على توقعات ماسك المتفائلة بصورة متنامية.
إمكانات متنوعة في "تسلا"
لم يأخذ نموذج تقييم "أرك" بعين الاعتبار الكثير من إمكانات "تسلا" في الصين أو في مجال الروبوتات المشابهة للإنسان ووحدات تخزين الطاقة. وفي أبريل الماضي، حصل ماسك على موافقة مبدئية من المسؤولين الصينيين لاستخدام نظامه لمساعدة السائق في أكبر سوق للسيارات في العالم، كما توصل إلى اتفاقية للخرائط والملاحة مع شركة التكنولوجيا العملاقة الصينية "بايدو" واستيفاء متطلبات أمن البيانات وحماية الخصوصية.
أشارت وود إلى أنه مع انتشار اتجاه القيادة الذاتية في قطاع النقل، يمكن لشاحنات القيادة بدون سائق أن تقلل تكاليف السكك الحديد وتوفر خدمات الانتقال من نقطة إلى نقطة. وأضافت أن أنظمة السكك الحديد التي يفضلها المستثمر المتمرس وارن بافت "قد تكون عالقة مع أصول تقطعت بها السبل".
واصلت وود التشكيك في التقييمات المرتفعة لشركة "إنفيديا". واشترت "أرك" أسهماً في شركة تصنيع الرقائق التي تركز على الذكاء الاصطناعي مقابل 4 دولارات خلال 2014 واحتفظت بها حتى اقتربت من 40 دولاراً بعد احتساب عملية تقسيم الأسهم. وباعت غالبية حصتها قبل الصعود الكبير الذي شهدته منذ السنة الماضية.
تقول وود إن المستثمرين الذين دفعوا السهم إلى مستواه الحالي لم يضعوا في الحسبان الوقت الذي ستستغرقه الشركات لمعرفة طريقة تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تسببت في تغيرات جذرية. وأضافت: "ببساطة، من وجهة نظرنا، إنها استثمارت مبالغ فيها للغاية وسابقة للأوان بشدة".
دعم السوق لشركات التكنولوجيا
أضافت وود أن المستثمرين يضخون أموالاً طائلة في شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى الستة الأخرى، ما يدفع نسبة تركز سوق الأسهم إلى مستوى أعلى مقارنة بـ1932. في ذلك التوقيت، توافد المستثمرون على أسهم شركات ضخمة مثل "إيه تي أند تي"، والتي كان يُنظر إلى مخزونها النقدي الهائل وتدفقاتها النقدية الحرة على أنها تعزز فرص بقائها بعد حقبة الكساد الكبير. وعلى مدى الأربعة أعوام التالية، تفوقت الشركات الأصغر في الأداء.
على نفس المنوال، دفعت أسعار الفائدة المرتفعة المستثمرين نحو شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى الست نظراً لمراكزها النقدية الضخمة وجزئياً لنمو إيراداتها المدفوع بالذكاء الاصطناعي. كما سيعزز خفض أسعار الفائدة إقبال المستثمرين على المخاطرة نحو أسهم أخرى ذات تكنولوجيات متطورة.
اختتمت وود: "الوقت غير ملائم حالياً للتخلي عن استراتيجيتنا. نعتقد أن أسعار الفائدة ستنخفض بشدة بالغة أكثر مما يعتقد غالبية الأشخاص".