بلومبرغ
خففت الصين القواعد التي تحكم تدفق البيانات عبر الحدود، مما يعالج المخاوف الرئيسية للشركات الأجنبية التي اشتكت من أن اللوائح السابقة كانت تعطل أعمالها.
وفقاً لبيان صدر، اليوم الجمعة عن أعلى جهة تنظيمية للإنترنت في الصين، فلن تخضع البيانات التي يتم جمعها في التجارة الدولية، والسفر عبر الحدود، والتصنيع، والبحث الأكاديمي، والتسويق، والتي لا تحتوي على معلومات شخصية أو معلومات "مهمة"، لعمليات تقييم أمنية عند نقلها خارج البلاد.
لم تحدد السلطات بعد تعريفاً محدداً لما يُقصد بـ"المعلومات المهمة"، إلا أن المحللين يرون أن هذه القواعد الجديدة ستخفف العبء بشكل كبير، خاصة على الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ستستفيد الشركات الكبرى أيضاً من الإعفاءات التي تشمل البيانات الشخصية التي يتم جمعها لأغراض الموارد البشرية أو البيانات المصنفة على أنها "غير حساسة"، وذلك وفقاً للقواعد التي دخلت حيز التنفيذ فوراً حسب إعلان إدارة الفضاء الإلكتروني الصيني.
خطوة لتعزيز الاستثمارات الأجنبية
يأتي هذا التخفيف في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى لمواجهة تراجع الاستثمار الأجنبي. يُذكر أن البيان صدر عشية منتدى أعمال رفيع المستوى يُعقد في بكين، ومن المتوقع أن يحضره رؤساء تنفيذيون لشركات أجنبية كبرى مثل "أبل"، و"فايزر"، و"فيديكس".
وفي تعليقه على الأمر، قال توم نونليست، المحلل في شركة الاستشارات "تريفيوم": "هذا التيسير مهم للغاية، واستجابة حكومية لشكاوى الشركات الأجنبية".
جاءت القواعد الجديدة استكمالاً للمسودة التي تم إصدارها العام الماضي، والتي نصت على أن ما يُعتبر بيانات "مهمة" يجب أن يحدده المنظمون، وإلا يمكن التعامل معها على أنها غير مهمة. نظرياً، سيقلل هذا من حالة عدم اليقين بشأن أنواع البيانات التي يمكن نقلها بحُرية.
صعوبات أمام شركات أخرى
قال "نونليست": "وعدت المسودة بتسهيل الامتثال، وهذه اللوائح تحقق ذلك. بالنسبة إلى عمليات النقل عبر الحدود للأنشطة التجارية اليومية، أصبح العمل الآن كالمعتاد".
بينما سيتم إزالة معظم الأعباء التنظيمية على الشركات الصغيرة والمتوسطة، إلا أن الشركات متعددة الجنسيات الكبرى في مجالات التمويل والمستحضرات الصيدلانية وتصنيع السيارات لا تزال تواجه صعوبات في نقل البيانات، وفقاً لـ"نونليست".
حددت إدارة الإنترنت أن البيانات الحساسة تشمل المعلومات التي يمكن، في حالة تسريبها، استخدامها لتحديد شخص معين أو تعريض سلامته للخطر.
أكثر صرامة من أوروبا
يُنظر على نطاق واسع إلى قواعد بكين بشأن نقل البيانات، التي تم إقرارها في 2021، على أنها أكثر صعوبة حتى من نظام حماية البيانات الصارم في الاتحاد الأوروبي. واجهت الشركات الأجنبية، من أصحاب الفنادق إلى البنوك، موافقات بطيئة لنقل البيانات خارج البر الرئيسي للصين. تشعر الشركات بالقلق من أن عمليات نقل البيانات الروتينية، مثل تزويد المقرات الخارجية بآخر المستجدات حول الموظفين الجدد، يمكن أن تتعارض مع قواعد بكين.
وتحث جماعات الضغط التجارية الأجنبية بكين على تخفيف القواعد، وهو أمر ناقشه زعماء الاتحاد الأوروبي والصين في قمة عقدت في ديسمبر الماضي.
قال جون دونغ، محامي في شركة "جوينت وين بارتنرز" (Joint-win Partners) ومقرها شنغهاي: "في السابق، كانت معايير تدفق البيانات عبر الحدود غامضة بشكل ملحوظ. ومع ذلك، فإن اللوائح الأحدث قد عالجت بشكل فعال عدم اليقين التنظيمي المحيط بسيناريوهات أعمال محددة من أجل تطبيق أفضل"، وأضاف: "يكمن الجانب المحوري في قدرة اللوائح على تخفيف المخاوف نسبياً بين كل من الشركات الصينية والأجنبية فيما يتعلق بالامتثال لتصدير البيانات عبر الحدود، مما يؤدي في النهاية إلى خفض تكاليف الامتثال المرتبطة بذلك".
قطاعات الطيران والتجارة الإلكترونية
وفقاً للجهات التنظيمية، لا تزال الجهات التي تتعامل مع "البنية التحتية الحيوية" أو تتعامل مع بيانات شخصية لأكثر من مليون شخص بحاجة إلى اجتياز تقييمات أمنية من أجل نقل البيانات.
ومع ذلك، قال روجير كريمرز، الباحث في شؤون تنظيم الإنترنت الصيني في جامعة ليدن في هولندا: "سيكون هناك عدد أقل بكثير من المنظمات التي تحتاج إلى التقدم بطلب لمراجعة أمن التصدير". مضيفاً: "هذا مهم بشكل خاص لقطاعات مثل الطيران والتجارة الإلكترونية".
على الرغم من الإيجابيات الكبيرة لهذه التغييرات، لكن لا تزال هناك بعض نقاط الغموض، وفقاً للمحللين. فالحكومة لم تحدد بعد بشكل كامل ما الذي تعتبره "بيانات مهمة" أو أي من المنظمات يمكن اعتبارها جزءاً من "البنية التحتية الحيوية".
تتضمن القواعد الجديدة استثناءات "مناطق التجارة الحرة" داخل الصين لتنفيذ معايير نقل بيانات أكثر مرونة. وقال المحللون إن هذا من شأنه أن يسمح للسلطات المحلية بتوفير مساحة أكبر للشركات التي يتم تصنيف بياناتها على أنها مهمة.