الشرق
تسعى الصين إلى احتواء الأضرار الناجمة عن تطبيق قواعد مشددة جديدة على الألعاب الإليكترونية، كما تظهر مجموعة من الدلائل، بعد أن تسببت هذه القواعد في تراجع أسهم "تينسنت هولدينغز" وأقرانها بقيمة 80 مليار دولار.
فقد رئيس وحدة النشر في قسم الدعاية في الحزب الشيوعي الصيني فنغ شيشين وظيفته، وفق رويترز. وارتبط رحيله بصدور اللوائح المقترحة فجأة قبل أيام من عيد الميلاد، مما أثار موجة بيع كثيف للأسهم وانتقادات من المشاركين في القطاع.
بعد ذلك، خففت "الإدارة الوطنية للصحافة والنشر" في الصين، وهي الهيئة المسؤولة عن مراقبة وتنظيم قطاع ألعاب الفيديو، من لهجتها، ووافقت على 105 ألعاب، متعهدة بمراجعة صلاحياتها الأشد إثارة للجدل، والتي من بينها وضع حد أقصى للإنفاق داخل اللعبة.
ومع ذلك، ما يزال بعض المستثمرين يعانون من صدمة الحملة التي شنتها الجهات التنظيمية في الصين على شركات التكنولوجيا الكبرى في عام 2021، عندما أدى تطبيق قواعد غير متوقعة من جانب عدد كبير من الهيئات إلى إخراج قطاعات كبيرة عن مسارها في التجارة الإلكترونية إلى نشاط الترفيه.
ارتفعت أسهم "تينسنت" ومنافستها الأصغر "نت إيز" (NetEase) بنسبة 1% تقريباً في بورصة هونغ كونغ يوم الأربعاء، ما أضاف إلى انتعاش الأسهم منذ أشار مسؤولون إلى استعدادهم لدراسة وجهات نظر القطاع. غير أن سهم الشركة التي تشغل تطبيق "وي تشات" مازال منخفضاً بنسبة 4% تقريباً منذ ظهور تلك القواعد المقترحة في 22 ديسمبر.
اقرأ أيضا: "تينسنت" تخسر 54 مليار دولار بسبب تقييد الصين لألعاب الإنترنت
قال ستيفن ليونغ، عضو مجلس الإدارة التنفيذي في شركة "يو أو بي كاي هيان" (UOB Kay Hian)، إن إقالة المسؤول "تكشف عن زيادة القلق في بكين إزاء تدهور الثقة في الاقتصاد بعد أن تبين ضعف انتعاشه ما بعد كوفيد بدرجة كبيرة مقارنة بما كان متوقعاً، بالإضافة إلى تدفق رؤوس أموال ضخمة خروجاً من أسواق الأسهم".
أضاف ليونغ: "سيؤدي ذلك إلى تقليص فرص بيع الأسهم بدافع الذعر في هذا القطاع ولكنه قد لا يجذب سيولة جديدة إلى شرائها، لأن التغيير في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن يعني أن اتجاهات السياسة ماتزال غامضة".
الإقالة لا تكفي ومسودة القواعد غامضة
لم يرد المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني على الاتصالات الهاتفية، وهو المنوط به التعامل مع استفسارات وسائل الإعلام من الحكومة الصينية.
وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الحكومية، كان فنغ يمثل الهيئة الرقابية في المؤتمرات التي نظمت لمناقشة الجهود التنظيمية، بما في ذلك في مجالات مثل الترخيص والتحقق من الاسم الحقيقي.
ربما لم تكن إقالته، التي أوردتها أيضاً صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، كافية لتغيير اتجاه الثقة في سوق على حافة الهاوية إلى الوجهة العكسية بسبب نوايا الجهات التنظيمية غير الواضحة بالنسبة إلى قطاع التكنولوجيا والاقتصاد.
القواعد الشاملة في قطاع ألعاب الفيديو، التي فاجأت اللاعبين في الصناعة والمستثمرين في آخر يوم للتداول قبل عطلة عيد الميلاد، ذكرت الكثيرين بحملة التضييق الشديدة على قطاع التكنولوجيا في عام 2021.
في ذلك العام، فرضت بكين فجأة قيوداً على مجموعة من القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا، من بينها قيود فرضتها على مجموعة "آنت غروب" المدعومة من جاك ما ومجموعة "علي بابا هولدينغ"، بينما دمرت قطاع التعليم عبر الإنترنت من خلال إعلان أن أرباحه غير قانونية.
وباستثناء التوقيت، جاء رد فعل المستثمرين والمسؤولين التنفيذيين في القطاع ضعيفاً على غموض مسودة القواعد، التي تضمنت وضع سقفٍ للمبلغ الذي يمكن لكل لاعب إنفاقه داخل لعبة الفيديو، وحظر المكافآت عن تكرار تسجيل الدخول والمبارزات القسرية للاعبين، وحتى حظر المحتوى الذي ينتهك الأمن القومي.
اقرأ أيضا: "آنت" الصينية تستكمل إجراءات عزل سيطرة مؤسس "علي بابا"
الألعاب قاطرة اقتصاد ما بعد كوفيد
جاءت هذه الدفعة من القيود الجديدة في نهاية العام الذي ألمحت فيه بكين إلى الاستعداد لتخفيفها. ففي الأشهر الماضية، شجع المسؤولون الرياضات الإلكترونية بوصفها قاطرة للاقتصاد في فترة ما بعد كوفيد. وحضر شي جينبينغ بنفسه حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية التاسعة عشر في هانغتشو، والتي شهدت ألعاباً احترافية مع تقديم ميداليات يمكن للاعبين الحصول عليها لأول مرة.
في ديسمبر 2022، حصلت "تينسنت" على ضوء أخضر لمجموعة من الإصدارات الرئيسية، من بينها لعبتي "فالورانت" (Valorant) و"بوكيمون يونايت" (Pokémon Unite) – وهي خطوة فاصلة عززت الآمال في تخفيف الصين من شدة حملتها المستمرة منذ عامين.